630 شابا وفتاة من مختلف الدول العربية اجتمعوا أخيرا في إطار منتدى الشباب العربي الخامس بمكتبة الإسكندرية، ليتدارسوا واحدة من أهم القضايا التي تشغلهم، ألا وهي قضية التمكين الاقتصادي، وخلق فرص عمل وفقا لرؤاهم، قدموا نماذجهم وتحاوروا من أجل مستقبل أفضل لهم ولبلدانهم.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى شدد د.علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية ووزير الشباب المصري السابق، على أهمية أن يشعر الشباب باحترام الذات، وأن يعلموا أنهم يستحقون الأفضل بما لديهم من مهارات وقدرات وطاقات، فالتخلف ليس قدراً، ولم يكن أبداً قدر العرب أن يكونوا في مؤخرة العالم، وإنما السبب في ذلك مجموعة من الظروف التاريخية والهيمنة الاستعمارية التي أخرت ركب التقدم.
وقال "إن المعركة الكبرى في كل بلد عربي حالياً هي عقول الشباب، فهناك قوى ظلامية تنشر الخرافة والتعصب والفرقة بين الشعوب العربية، فالأفكار العنصرية إذا تملكت من جسد لا تتركه إلا وهو صريع".
ولفت هلال إلى أن هناك عدة محاولات لطمس الهوية العربية إلا أن الحل يمكن في العلم والاستنارة والحرية والديمقراطية. وشدد هلال على أهمية الثقافة وتمكين الشباب كضرورة قصوى للارتقاء بالمجتمعات لافتاً إلى أن المجتمعات لا تنهض إلا بالفكر الوطني وسواعد أبنائها.
وألقت د.إيمان القفاص، عضو المجلس القومي للشباب، كلمة نيابة عن رئيس المجلس د. صفي الدين خربوش، أوضحت فيها دور المجلس في تنمية قدرات الشباب وتوجيههم وإعدادهم لسوق العمل، من خلال 4300 مركز شباب في مصر، تعمل على إشراك الشباب في صنع القرار وتمكينهم من الإدارة وإعداد السياسات والخطط المستقبلية.
من ناحيته، حث مدير مكتبة الإسكندرية د.إسماعيل سراج الدين في كلمته الشباب العربي على التسلح بالأمل رغم كافة التحديات التي تواجههم، والتحلي بالصبر في تحقيق الأحلام، فتحقيقها ليس من المستحيلات، وضرب أمثلة بالعديد من كبار العلماء والمخترعين في العالم الذين غيروا مسار البشرية في سن الشباب، ومنهم:نيوتن، واينشتين، كلود شانون، وبيل جيتس، ومايكل ديل، وجيمي ويلز، لاري بيج ، وسيرج برين.
وأشار سراج الدين إلى أن العالم في تطور مستمر، بما سببته العولمة ووسائل الاتصال الحديثة العابرة للحدود، وهو ما أدى إلى تطور المجتمعات بسرعة كبيرة جداً وزيادة الثروات وأيضاً زيادة الفقر في بعض الدول. وأكد أن هناك مليار إنسان يعيشون تحت خط الفقر ولا يستطيعون تأمين قوتهم اليومي، ودعا إلى أهمية الإصلاح الشامل من خلال السلام العادل بعيداً عن التدخلات العسكرية.
وخلص سراج الدين إلى أن مستقبل الأمة العربية وتقدمه يعتمد على الشباب وقدرتهم على الاستفادة من مجتمع المعرفة والمعلومات، مع الاستعانة بقيم ومعايير القيادة الحكيمة.
وطرح عدد من الشباب رؤى وتصورات مستقبلية في مائدة مستديرة رأسها مدير مكتبة الإسكندرية، الذي تحاور معهم حول أحلامهم وطموحاتهم الخاصة بمستقبل الأمة.
من جانبها، طرحت رهف حرفوش، من سوريا، تجربتها كعربية في المشاركة في الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، حيث استعانت مع فريق عمل كبير من الشباب بمجموعة من المواقع الاجتماعية على الانترنت ومن بينها الفيس بوك، وتويتر، وغيرها للترويج لبرنامج أوباما الانتخابي، وأكدت أن هذه التجربة جعلتها تدرك أهمية المجهودات والمساهمات الصغيرة في تحقيق إنجازات كبرى، وأن الإنسان يجب أن يعطي بقدر ما يمكنه.
وأكدت آمال إمام، من مصر، أن الشباب هم القوة الدافعة لأي تغيير، وأن تجاربهم المتنوعة تثري مجتمعاتهم، وأن الشباب يستطيع تحقيق انجازات قد يصعب على الكبار تحقيقها، بما لديهم من عزيمة وإصرار ولكنه يحتاج من يدعمه ويشجعه. وحثت الشباب على البحث عن الأفضل مؤكدة أن المستقبل ليس بالظلامية التي يصورونها.
أما إسحاق شايب، من تونس، رأى أن الشباب يمكنه تقديم أفضل ما لديه إذا كان لديه استقلالية أو كان يعمل خارج المؤسسات الحكومية، بينما قالت سعيدة عبد الرحمن، مشاركة من جيبوتي، أن الشباب لا يمكن السيطرة عليه أو على توجهاته، فهي ترى أن الشباب لديه القدرة على الابتكار. وأكدت أن التحديات التي يواجهها الشباب المصري هي ذات التحديات التي يواجهها الشباب الجيبوتي والتي قد تصل إلى 99.99%، واقترحت أن يقوم الشباب بخلق الحلول وعدم تلقي الحلول أن تهبط عليه أو التي تفرض عليه.
أما عبد الجليل من المملكة العربية السعودية، رأى أن الشباب لهم دور خاص ولابد أن يكون لديهم مجتمع مدني خاص بهم، وألمح إلى أن المشكلة الأساسية التي تواجه الشباب في معظم الدول العربية هي الدعم المادي.
وحول الرؤى المستقبلية للمنطقة من منظور الشباب، أكدت آمال إمام من مصر، أنه لكي نتطور علينا أن نبدأ بأنفسنا وأن نبني آمالنا على واقعنا ومبادئنا، والتي لابد أن تكون تجسيداً لثقافتنا، بينما ألمحت رهف أنها لمست من خلال تنقلها بين العديد من الدول الأوروبية والأمريكية أن الشباب العربي يعاني من مشكلة الهوية، فالكثيرون منهم لا يقدرون قيمة كونهم عرب ويحاولون التواري وراء جنسيات أخرى، مما يجعلهم يشعرون بأنهم مهمشين. ورأى عبد الجليل أن من أخطر التحديات التي تواجه الشباب العربي هي الانغلاق الثقافي في المجتمعات، بينما رأى اسحاق أن الوحدة لن تتحقق دون الاعتماد على كل متكامل من العناصر وليس عنصر العرق كأساس للوحدة العربية.
ساحة النقاش