<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

في الشهر الماضي، أحتل اسم "ايناس حقي" صدر صحف، وأصبح على كل لسان على أثر فوز صاحبته ببطولة المسافات الطويلة في السباحة للهاويات. ويظن الكثيرون أن التوفيق الذي صادفته ايناس كان نتيجة حتمية لمرانها الطويل، ولخبرتها بنهر النيل. لكن لايناس رايا آخر، تروية فيما يلي:

تشكيلة هوايات

هويت السباحة وأنا في السابعة من عمري ولما كبرت تكاثرت الهوايات، فأغرمت بكرة السلة، والجري وغيرهما. وكانت كرة السلة هي رياضتي المفضلة حتى عام 1949، حين ألتحقت بكلية الحقوق بجامعة القاهرة. فعملت على تكوين فريق لكرة السلة كان الأول من نوعه في حياة الجامعة، وتقدم هذا الفريق وأحرز انتصارات، وفاز مرارا بكأس الدورة الجامعية الرياضية. وهكذا شغلت عن السباحة فترة طويلة من عمري.

ولعل القدر شاءت حكمته أن تدخل على نفسي بعض العزاء، حين فقدت أمي- أعز من لدي- بعد والدي. فقد حدث في ديسمبر من العام الماضي، وأنا اشتغل بالمحاماة، إن ذهبت صدفة إلى النادي  الأهلي حيث لقيني عبد الباقي حسنين الرجل الذي تعهدني منذ حداثني وتنبأ لي بمستقبل طيب في عالم السباحة. لقيني عبد الباقي حسنين، وكأنما لقى كنزا.

بداية مجد

ومنذ ذلك الحين، عدت أمارس السباحة بانتظام، ساعتين يوميا، أقضيهما بعد فراغي من عملي كمحامية. وكان عبد الباقي قد قرر في نفسه أمرا، فكان يسبقني في تحد، ونحن نسبح معا...

وفي أوائل عام 1955 عرض على فكرة الاشتراك في سباق المسافات الطويلة فقبلتها دون تردد. وبدأ يدربني على السباحة في النيل وأذكر أن المحاولة الأولى كانت في فبراير 1955 من كوبري الجلاء إلى كوبري قصر النيل، وبالعكس- أي مع التيار وضده- وقد استغرقت ساعتين. ثم تلتها المحاولة الثانية والأخيرة قبيل السباق بثلاثة أيام، وقد نظمها الاتحاد وحضرها رجاله.

شجعني الدكتور اللواء محمد صبري والبكباشي أحمد الزرقاني تشجيعا كان له فضل كبير في نجاحي. وشاء بعض الظرفاء أن يتراهنوا على فوزي في المعركة الأولى، وبدأ الرهان بمائة وخمسين قرشا ووصل إلى خمسة جنيهات. ولم يترك الدكتور صبري الفرصة تمر دون أن يمدني ومدربي بما لديه من نصائح غالية حتى يكتب الفوز لمصر في شخصي....

لقد نجحت في مسابقة المسافات الطويلة وكنت أولى الهاويات، وغدا أحاول عبور المانش لأول مرة وأرجو أن يكون النجاح حليفي.

من مذكراتي

الساعة السابعة صباحا.. نزلت في النيل عند حلوان ضمن أعضاء الفريق حيث بدأت المبارأة. وصلت الحوامدية بعد ساعة ونصف وبعد أربع ساعات وبضع دقائق كنت أسبح في مياه ضاحية المعادي الجميلة.

دب التعب في أوصالي... حاولت اللحاق بالمتسابقين الذين تقدموني وخاصة السباحتين الألمانية والإنجليزية، ولكن دون جدوى. شجعني عبد الباقي، وطمأنني، ونصحني بالتريث وعدم الإجهاد.

وصلت كوبري قصر النيل في منتصف الرابعة تماما. وبعد ساعة كنت على مقربة من كوبري " أبو العلا". حيث بدأت المعركة حقيقة... أني أعوم ضد التيار. ولكن لابد أن أفوز.

إزدحم المواطنون على ضفتي النيل... إنهم يصفقون ويهتفون تشجيعا لي، فلابد أن أكون عند حسن ظنهم... ضاعفت جهودي حتى سبقت بطل سوريا، ثم بطل لبنان، ثم بطل اليونان.

على بعد نصف كيلومتر يرفرف العلم البريطاني على القارب الذي يرافق السباحة البريطانية مرجريت فيزر. أملي أن ألحق بمنافستي وأسبقها حتى يكتب السبق لمصر. في الساعة الخامسة والربع، اشتدت المعركة، غير بعيد من كوبري إمبابة.

تعبت... لن استطيع مواصلة السباق.. التيار عنيف. أبديت رغبتي في الخروج. علم الدكتور محمد صبري بذلك، فألح علي أن أواصل السباحة لأرفع رأس مصر. شجعني ووجهني وأمدني بأقراص الجليكوز والفيتامينات في السادسة تماما، وصلت إلى كوبري الزمالك وبعد قليل كنت أحاذي الباخرة "أرابيا"، غلبني النعاس، فاستسلمت لنوم عميق وأنا أعوم. هتافات الجماهير تناديني وأضواءالكشافات والبطاريات مسلطة علي من العوامات ومن اللنش الذي يستقله الدكتور صبري.

فتحت عيني بعد استراحة دامت نحو خمسة عشرة دقيقة. استعدت نشاطي، وضاعفت جهودي، وأخذت أضرب الماء في غير هوادة... تراءى لي الفوز على بعد مائتي متر فقط...

خيل إلي أنني غواصة أندفعت في الماء في غير وعي، حتى بلغت الهدف دون أن أقف رغم تنبيهات الجماهير وأعضاء لجنة التحكيم. كنت قد جاوزت نقطة لوصول بسبعين مترا حين أختطفني عبد الباقي من الماء وهو يقول "ألف مبروك".

لم أحس بشيء، ولم أدرك أنني انتصرت إلا بعد ساعتين، على أثر نقلي إلى الباخرة "أرابيا" وحينئذ بكيت بين يدي الدكتور صبري... بكيت فرحا...

 

المصدر: أمينة السعيد - مجلة حواء
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 597 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,816,941

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز