معركة التحرير.. حرب أكتوبر التي صهرت كل المشكلات الصغيرة في حياة النساء المصريات وحولتها إلي قضية كبيرة واحدة هي تحرير الأرض.
وقتها.. المرأة المصرية كانت تعي حقيقة واضحة وهي أنها لا يكفي أن تكون أما أو أختا أو ابنة لمقاتل وإنما لابد أن تكون هي أيضا مقاتلة.. مقاتلة في موقفها وفي أي دور تقوم به مهما بدا صغيرا.
هذا الدور للمرأة المصرية في حرب أكتوبر هو موضوعنا.
ضمت سجلات التطوع فى التنظيمات والهيئات النسائية آلاف الأعداد من الأسماء اللاتى أسهمن بالفعل فى التطوع والمساعدة فى حرب أكتوبر بشكل أو بآخر.
البالطو الأبيض
من أحد سجلات التنظيمات النسائية سجلت الأرقام 13 ألف سيدة ثم تدريبهن بالفعل على أعمال الإسعاف والتمريض للمساعدة فى المستشفيات فى حين وفى نفس الوقت كان هناك خمسة آلاف من النساء يتم تدريبهن بالفعل أما طابور الانتظار كان به ستة آلاف ينتظرن دورهن.
نساء متطوعات
أما من تطوعن بالدم فهناك تسجيل حوالى تسعة آلاف سيدة بخلاف من يقمن بالحياكة وأعمال الديكور وفى خدمة المستشفيات. هذا نموذج واحد من أحد التنظيمات النسائية بينما كانت تضم جمعيات الهلال الأحمر ألف عضوة أساسية مدربة تدريبا فنيا عاليا على أهبة الاستعداد للمساعدة والمشاركة.
بل أظهرت حركة التطوع أثناء المعركة صورة جديدة كانت غائبة عن هذا الميدان تماما وهى تطوع المرأة العاملة فالحركة النسائية كانت تشكو وقتها من أن عمل المرأة لا يجعل عندها الوقت الكافى لتقديم الخدمات للمجتمع ولكن وقتها تغير الأمر.
فلأول مرة تتكون لجنة نسائية فى نقابة المهن التجارية 60 ألف عضو لتشارك فى العمل والمساعدة بشتى الطرق فى حرب أكتوبر أول خطوة كانت جمع تبرعات ثم تبنى ورعاية أسر الجنود والشهداء ماديا واجتماعيا.
التبرع بالأجر
وفى نفس الاتجاه أصبحت النقابيات فى النقابات العمالية يفكرن باهتمام فى مشكلة أسرة العامل الذى ذهب إلى القتال وعاد جريحا أو نال شرف الاستشهاد هو موضوع الساعة لهن كل النساء يساعدن ويجرين هنا وهناك للمساعدة بشكل أو بآخر.
وقتها تبرعت الكثير من العاملات بجزء من أجرهن الشهرى للمجهود الحربى واختفى الغياب وأصبحت طاقات وإنتاجية العمل مرتفعة حتى إن البعض كن يصررن على العمل فى العيد حتى قبل أن يتخذ قرار العمل فى العيد.
لجان نسائية
ولقد كان للمعركة دور إيجابى فى تنشيط العمل باللجان النسائية فى الاتحاد الاشتراكى كانت مقررات اللجان يجدن صعوبة فى تجميع سيدات الحى لكن المعركة جعلت ربات البيوت يبحثن عن اللجان النسائية فى الاتحاد الاشتراكى ليقيدن أنفسهن فى طابور المتطوعات رغم أن قبل المعركة كانت مقررات اللجان يجدن صعوبة فى تجميع سيدات الحى. كل الطبقات من النساء الفقيرات والأغنياء والمنظمات والأميات كلهن يبحثن عن اللجان النسائية ليوجهن للمساعدة بشكل أو بآخر فى حرب أكتوبر.
«بنات سيناء»
بنات سيناء أيضا كان لهن دور فى الحرب فكل واحدة لها زوج أو أخ أو قريب يقاتل على الجبهة.. فقد كون اتحاد لنساء سيناء ينظم حركة النساء فقد نزلن للمستشفيات وكل ست بيت قدمت ما عندها من ماكينات خياطة وتريكو لتكون فى خدمة أعمال المعركة وقفن بنات سيناء صفا ثانيا لا يعرف الخوف أو الضعف وراء الأبطال. وعلى لسان «سعيد سلامة» أمين مساعد لجنة محافظ سيناء سرد حكايات وحكايات تحت شعار الشهادة لنساء كثيرات.
سميرة أخذت عن زوجها الشجاعة والبطولة من قلب مزارع العدو فى الأرض المحتلة كان الزوج يقوم بدور فدائى رائع وكانت هى تنقل له الديناميت تحت جونلتها مرة وفى لفائف الرضيع مرة أخرى ومع الديناميت كانت توزع المنشورات تدعو لعدم التعاون مع العدو، وكانت تؤكد عندما سئلت عن وضع الديناميت فى لفائف وليدها أن «ابنها ليس أغلى عندها من وطنها».
وبطلة أخرى اسمها عامرة كانت فى زيارة لأهلها فى القنطرة عندما بدأت المعارك كانت واحدة من عائلتين فقط استمرتا تزرعان الأرض والكراهية للعدو وفى حقلها أسرت عامرة طيارا إسرائيليا وسلمته للمسئولين وكانت لا تتوقف أبدا طوال النهار والليل عمل الخبز فى فرن بيتها والشاى لتقديمهما للمقاتلين من أبناء مصر.
«تبرعات للجرحى»
وبشكل آخر كانت مساعدة بعض النساء فهذه السيدة.. وداد حرم محمد مخلوف المستشار القانونى لشركات البترول الأمريكية وقتها استطاعت أن تجمع من الأمريكيين خلال أسبوع واحد 78 ألفا 435 دولارا تبرعات للجنود الجرحى لدينا.
سافرت إلى نيويورك بناء على دعوة من إحدى الشركات الأمريكية التى يعمل بها زوجها صممت أن تؤدى عملا يخدم بلادها.. انتهزت فرصة توجيه تلك الدعوة وتحدثت عن القضية العربية وحق العرب فى أرضهم وطلبت منهم التبرع للجرحى المصريين أثناء الحرب.
الجامعة العربية
وقد تحدثت وقتها السيدة جيهان السادات كرئيس مجلس إدارة الرابطة مؤكدة إدراكها مع بداية الحرب أن المكان الحقيقى للمرأة هو الوقوف بجوار المقاتلين وخلفهم بأقصى ما نملك من جهد
وأكدت أنها توجهت مع الآلاف من سيدات مصر للخدمة العامة تعبيرا عن عرفان وطن بأكمله نحو أبطالنا المقاتلين فى محاولة للاستماع لأبطالنا، وقد بعث المؤتمر ببرقية تأييد للرئيس السادات مؤكدين فيها أن نساء إفريقيا والعرب يجددن العهد أمام الله والوطن أن يجندن الجهود والطاقات من أجل خدمة المعركة ومن أجل المبادىء التى تكافح الشعوب العربية والإفريقية لاقرارها ودفع أى عدوان يقع عليها، وقت الحرب كانت بنت مصر فى خدمة الأبطال فى المستشفيات وحول الأسرة البيضاء التى يرقد فوقها أبطالنا الجرحى كان يظهر أصدق وأروع تجمع لنساء مصر.. صغارا وكبارا.. طالبات وسيدات بيوت وعاملات وأساتذة جامعة الكل يجمعهن احساس تلقائى واحد بالواجب لخدمة أبطال النصر.
ساحة النقاش