جيل جديد، وزمن آخر، حياة أخري، جيل يتصف بصفات غير الذي تربي عليها الآباء والأمهات، وأمهات وآباء مطحونون، يدورون في طاحونة الحياة اليومية من أجل توفير حياة أرغد، وأبناء تربي علي قيم مختلفة، وتحديات كثيرة تواجه الأمهات... محاور ونقاط متعددة حاولنا مناقشتها في هذا التحقيق حول التحديات التي تواجه الأمهات في تربية الأبناء.
تقول هبة الله محمد - طبيبة وأم لطفلتين 8 سنوات و11 سنة أن أكثر ما يواجهها فى تربية بناتها هى طلباتهما الكثيرة، فأى إعلان تشاهدانه فى التليفزيون تريدان منتجه وهذا يسبب قلقلاً كبيراً لها لأنها ترى أن هذا شئ خاطئ وخاصة أن والدهما يلبى كل طلباتهما مهما كانت، لأنه يحب بناته كثيرا ومع أنها تحذره من أن هذا أسلوب خاطئ فى التربية فإنه يرد ويقول: «هو إحنا عشنا لهم، خلينا نهنيهم فى حياتنا»!!
أما أم محمد كما تلقب ويناديها زبائنها فى الشارع الذى تفترش فيه بضاعتها قريبا من مسجد السيدة زينب تقول عندى خمسة أبناء، ولدان واحد فى الجيش والثانى في الثانوية العامة وثلاث بنات تزوجت الكبرى والاثنتان مخطوبتان وتقول ان أكثر ما يواجهها فى تربية أولادها هى كثرة احتياجاتهم وطلباتهم المستمرة، فعندما كنت أجهز لابنتي الكبرى لم تراع حالتنا المادية وكانت تريد كل شئ فى جهازها وأشياء كثيرة غالية الثمن ويمكن الاستغناء عنها وعندما كنت أعاتبها كانت تبكى وتقول اننى لا أحبها وأنها أقل صديقاتها وجيرانها، ونحن نعيش فى حى شعبى والكلام يكون كثيراً والكل يريد أن يرى جهاز العروسة وابنتى كانت تريد أن تفتخر بجهازها وهذا جاء على حساب أخواتها الذين ساعدوها بما يتقاضونه من مرتبات صغيرة وتداينت وحتى الآن أسدد فى أقساط جهازها رغم مرور سنتين على زواجها، لا أعرف ماذا حدث لهذا الجيل؟ زمان تزوجنا وكان جهازنا دولاب وسرير «وقلة» وكانت مستورة والحمد لله وكنا راضين وماشيين على قد حالنا أما أولادنا يريدون أن يسلخوا ظهورنا دون أن يتعبوا الزمن غير الزمن!
منال عبدالراضى - مدرسة - تقول : «لى ولدان 13 سنة، 15 سنة» عندما أحضر لهما والدهما جهاز كمبيوتر واشتركنا في النت، يقضيان ساعات طويلة أمامه واحترت ماذا أفعل؟ وأعلم أننى لو منعتهما «سيعندوا» والممنوع مرغوب، فطلبت منهما أن يعلمانى الدردشة وبالفعل أجلس بجانبهما عندما يكونان على النت لأتابعهما فيما يفعلانه وأرى ما يشاهدانه بحجة أنى أريد أتعلم مثلهما وأننى أشاركهما ما يفعلانه، وتضيف أن هذا أفضل بكثير، فأنا لو منعتهما من النت سيذهبان لأى مكان، بالإضافة إلى سنهما الخطيرة والمرحلة العمرية التى يمرون بها، وعندما اشتركا مع زملائهما على الفيس بوك كنت معهما وأشاركهما فى كل آرائهما ولأتعرف على أصدقائهما، وتختم كلامها «إنه عالم مخيف وزمن غريب غير الذى تربينا وعشنا فيه، كانت تحكمنا تقاليد وعادات، الآن غاب عنا كثير مما تربينا عليه، وربنا يستر على أولادنا».
توضح د. انشاد عزالدين أستاذ علم الاجتماع العائلى والمشكلات العائلية بكلية الآداب جامعة المنوفية أن الأم الآن تواجه تحديات كثيرة فى تربية الأبناء، ففى الماضى كانت الأسرة هى التى تنشئ وتربى والمدرسة كان لها دور تدعيمى فى التربية، أما الآن فالحال تغير لاشتراك مؤسسات كثيرة ومتنوعة فى تربية الأبناء، مؤسسات تكميلية بدءا من رياض الأطفال، جماعة الرفاق، الاعلام بأنواعه المرئي والمسموع والمقروء والمؤسسات الدينية كالمسجد والكنيسة، ولا يمكن للآباء والأمهات التحكم فى المضمون المقدم من وسائل الاعلام، والمضمون الذى يتعرض له الأطفال غير مناسب لهم ويحتوى على كم مشاهد عنف ولا يتناسب مع المراحل العمرية لهما .
هذه هى أهم الأسباب التى تجعل تربية الأبناء تواجه تحديات كثيرة، وتشرح أن الأم العاملة تواجهها تحديات أكبر لأنها تقع تحت عبء كبير من الأعمال المنزلية والمهام المفروضة على عاتقها فلا تكون متفرغة لأطفالها بشكل جيد وتتركهم ساعات أمام شاشات التليفزيون وهذا خطأ كبير.
المشاركة
وتنصح بأنه لابد أن يكون للأب دور فى تربية الأبناء، والمشاركة وتقاسم المسئوليات بشكل يساعد إلى حد ما فى مواجهة التحديات التى يواجهها كل الآباء والأمهات فى التربية، فلابد للأب والأم أن يتشاركا فى استذكار الدروس للأولاد معا كما كان يحدث فى الماضى، الآن الأب مشغول فى أكثر من عمل لتحسين المعيشة وتعدد الأدوار فى نفس الوقت يقلل من الرقابة المباشرة مع الأولاد وهو غير مقبول.
ساحة النقاش