تحدثنا وتحدث الكثيرون عن الاخطاء الطبية التي أصبحت قاتلة، ومأساوية في نتائجها.. وعلي المستوي الشخصي كتبت في حواء منذ سنوات قليلة عن تجربة شخصية في معامل التحاليل الخاصة، التي من المفترض أنها تخضع لرقابة وإشراف وزارة الصحة التى يبذل وزيرها جهوداً مخلصة جبارة في سبيل الحفاظ علي السمعة الطيبة للمؤسسة الطبية في مصر الرائدة في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا بل وعلي مستوي العالم اجمع..

كتبت عن معاناة أسرتي في تحليل كاذب صدر عن أحد المعامل المشهورة المنتشرة اعلانيا، وكيف تحولت أسرتي الصغيرة الي حالة بكاء وعويل، بعد أن منحونا تحليلاً لابنتي الطفلة يحمل مرضاً يهدد حياتها.. وكان يخص طفلة أخري شفاها الله واعترف انني لم اتلق رداً من اية جهة، سوي اعتذار غير رسمي من المعمل.. في حين غاب الرد الرسمي والنقابي.

ونحن هنا لا نسعى الى التشويش على سمعة الطب والمعامل فى مصر، ولكننا نسعى بلا كلل ولا ملل لتصحيح الصورة، وازلة المعوقات، والضرب بأيدى من حديد على المخالفين..

وهذه حالة من حالات الانفلات والتراخى التى وصل إليها بعض القائمين على معامل التحاليل والأشعة فى مصرنا.. مع مراعاة أن كافة المستندات لهذه القضية طرفنا لمن يطلبها.

تجربة أم شابة

المأساة ترويها احدى الامهات الشابة عن حالة إهمال أدت الى خروج طفل مبتور الذراعين بالكامل إلى النور.. وقد يكون استعمالنا لكلمة «النور» عكس تماما عن وصف الحالة القادم سردها..

تقول الأم: تزوجت فى مارس 2009، حدث حمل، وأشار طبيب النساء على بعمل أشعة تليفزيونية للمتابعة حيث قمت بأربع أشعات متتالية فى الأشهر الأولى، ثم فى الشهر الرابع، ثم السابع فى أكبر مراكز للأشعة فى مصر (نحجب اسمها) بأحدث الأشعة (3D)و(4D)، وقد أشارت تقارير الأشعة التى قام بها الأطباء فى المركز الشهير، بأن حالة الجنين ممتازة وأنه لا توجد أى تشوهات، بل كانت التقارير أشبه بالغزل فى الطفل من حيث وزنه ومقاييسه وصحته العامة، وبطبيعة الحال اكتشفوا أنه «طفل ذكر»، وكأن الأشعة تم اخترعها لمعرفة نوع الطفل فقط.

إلي أمريكا

وتستطرد الأم الشابة: سافرت بعد إجراء آخر أشعة فى الشهر السابع وأنا فى حالة اطمئنان كامل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بصحبة زوجى للدراسة والتدريب فى مجال الصيدلة، ذهبت للمتابعة الطبية بعد سفرى مباشرة استعداداً للولادة، فطلب منى طبيب النساء عمل فحوصات جديدة وأشعة تليفزيونية جديدة، وأفاد أن هذا أمر حتمى لوضع هذه النتائج فى الملف الخاص بى، وكانت الصدمة المروعة التى أخبرنى بها طبيب الأشعة أن الطفل «بدون ذراعين» وكدت أصاب بالجنون وفى البداية لم أصدق، وأخبرت الطبيب بأننى قمت بعمل عدد من الأشعة التليفزيونية فى مصر، ولم يخبرنى أحد بذلك وكررت عمل الأشعة فى معمل آخر، والنتيجة واحدة حيث أجمع الأطباء على أن الطفل بدون ذراعين، وأن سبب هذا يرجع إلى الشهور الأولى نتيجة لف شريط من جدار كيس المياه الذى يحيط بالطفل حول الذراعين.. انتظرت حتى الولادة، فربما تحدث معجزة وعانيت فى هذه الفترة من ألم نفسى أنا وأسرتى واسرة زوجى مالا يخطر على بال بشر، حيث ولد الطفل وكانت الصدمة المروعة: طفل جميل كالملاك بدون ذراعين..

حق طفلي

وعن ماذا تخطط له بعد وقع الابتلاء، قالت الام مازالت ترفض بشدة الكشف عن هويتها) تقول: أطلب القصاص من هؤلاء الأطباء الذين حكموا على الطفل الوليد، أن يولد بهذه الاعاقة، وكان من الممكن إجهاضه تطبيقاً للقاعدة «أخف الضررين» فى الأسابيع الأولى المباحة دينياً أو علاجه داخل الرحم أسوة بحالات مماثلة.

وهو ما أكده لى الأستاذ الدكتور أحمد السعيد يونس استشارى طب الاطفال الذى يتمتع بخبرات واسعة مؤكدا انه لو كان سبب عدم نمو ذراعى الطفل بسبب عائق طبيعى يحول بينه وبين النمو بشكل طبيعى، فكان يمكن التدخل الجراحى، حيث انه يوجد علم الان اسمه علم جراحة الجنين، أما اذا كان لسبب كيماوى فيصعب التدخل، وفى كل الحالات فإن اكتشاف هذه الاعاقة ممكنة جداً من خلال «السونار» الذى يستطيع تصوير الجنين وهو يضع اصبعه فى فمه أو فى أى وضع، وهو ما يسمى بالأشعة التليفزيونية.

ويلفت د. أحمد السعيد يونس الانتباه، مطئناً أم الطفل وأسرته أن هؤلاء الأطفال يظهرون عبقرية خارقة فى استخدام أقدامهم، وان كان يشفق على الأم وذلك المجهود الضخم الذى يحتاجه طفل من هذا النوع فى رعايته.

ويذكر أن هناك جراحة تمت لمثل هذه الحالة عندما اكتشفت فى إحدى المستشفيات الحكومية.

فتوي

ونعود إلى الأم الحزينة التى تقول أنها طالعت فتوى منشورة فى احدى الصحف، يرد فيها ا.د محمد رأفت عثمان عميد الشريعة والقانون سابقاً وعضو مجمع البحوث الاسلامية، ويقول بالنص: الإجهاض من الأمور المحرمة إلا اذا كان هناك ضرورة قوية تستدعى ذلك فاذا ثبت أن بالجنين تشوهاً يعوقه عن الحياة المعتادة يجوز الاجهاض، ولكن هذه المسألة يحددها الأطباء المتخصصون العدول المشهود لهم بالاسلام والأمانة وهم أهل الذكر.

ثم يذكر بعد ذلك أنه لو حدث خطر للأم أو الجنين ويرى الأطباء استحالة اتمام الحياة فانه يجوز الإجهاض رأفة بالأم ورحمة بالطفل من أن يعيش مشوهاً، حتى لو كان عمر الجنين قد تجاوز الأربعة أشهر، وبما أن انزال الجنين أخف أن يعيش طيلة عمره مشوهاً فيكون الإجهاض مباحاً.

المصدر: طاهر البهى - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,746,477

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز