لا أدرى كيف توصلت إلى رقم هاتفى الخاص ووجدتها تُهاتفنى عدة مرات وفي البداية أكدت لى أننى لا أعرفها شخصيا لكننى لابد وأن أكون قد سمعت عنها!! ثم قالت لى فى مكالمة أخرى أن ثلاثة من مسلسلات رمضان قد اشتقت أحداثها من حكايتها!! وقالت بعد ذلك أنا صاحبة القضية المشهورة!! وعندما سألتها عن تلك القضية.. قالت: لأ ما ينفعش!! لازم نقعد سوا ونشرب القهوة وأحكى لك بنفسى كل التفاصيل، وحكايتى سوف تدهش قارئاتك فى مجلة حواء وسوف يستفدن من تجربتى فى الحياة!!

 

 

جاءت لمقابلتى وهى ترتدى جلبابا طويلا حريرا مطرزا أسود اللون آية فى الشياكة والأناقة وطرحة سوداء حول رأسها يطل من ثناياها وجه أبيض وردى جميل رغم أن صاحبته فى العقد السادس من عمرها أما ماكياجها فقد اقتصر على كحل بسيط فى عينيها أما حليها فقد كانت عبارة عن دبلة من الماس الحر وخاتم من الماس أيضا وحلق صغير من الماس أيضا ومصحف معلق فى سلسلة ذهبية يتدلى على صدرها، وقبل أن تدخل أهلت علىّ رائحة بارفان فرنسى غالى الثمن لم أشمه منذ سنوات!!

قالت أنا ناهد صاحبة القضية المشهورة التى نشرت فى الجرائد كلها منذ أكثر من ثلاثين سنة والتى استلهم منها مؤلفو الدراما المصرية مسلسل «امرأة فى ورطة» ومسلسل «برة الدنيا» وجزء من «زهرة» أو قولى بعض أجزاء من المسلسلات الثلاثة!!

 

 

قلت لها.. ولكن موضوعات المسلسلات الثلاثة مختلفة تماما وليست هناك علاقة بينها علي الإطلاق؟ قالت.. الصبر طيب وسوف أثبت لك صحة كلامى!!

 

 

قالت.. فى البداية أود أن أحكى لك وبصراحة تامة أننى جئت من عائلة فقيرة جدا وأتممت شهادة الإعدادية (بالعافية) ثم عملت ممرضة فى إحدى مستشفيات الحكومة بتوصية من جار لنا له كلمة مسموعة! ولن أكذب إذا قلت لك أن جمالى كان لافتا للأنظار منذ صغري لكن ماذا أفعل بجمالى وأسرتى تتضور جوعا؟ إخوتى ثمانية علاوة أمى وجدتى لأبى وأبى نفسه نعيش في شقة بحى روض الفرج وأبى دائما معتل الصحة يعمل يوما ويرقد عدة أعوام وعندما يقوم للعمل فليس أكثر من إعداد قدرة فول مدمس ومائدة خشبية ينصبها فى الحارة ويقف حولها الناس صباحا للإفطار!!

كنا نجد لقمة العيش بشق الأنفس وكان راتبى فى تلك الأيام لا يزيد عن أربعين جنيها شهريا، ولم يكن أحد من إخوتى يعمل سوى الأخ الكبير الذى كان يحل محل والدى فى طهى الفل المدمس وتقديمه للراغبين فى الإفطار يوميا وباقى الإخوة كانوا صغارا يدرسون فى المدارس المختلفة!

واستطردت السيدة ناهد..

وذات يوم دخل قسم الطوارئ الذى أعمل به رجل مهيب ذو شأن عظيم تحمله عربة الإسعاف على نقالة وقالوا أن مستشفانا المتواضعة هو أقرب مستشفى لبيته وأنهم يرجحون بأنه أصيب بجلطة فى الدماغ .

واستطردت.. خفق قلبى بشدة عندما رأيته وسيما مهيبا يرتدى بيجامة حريرية جميلة وروب حرير ثمين وقلت لنفسى أن المرض ليس له كبير غنياً كان أم فقيراً وقدرت أن سنه لا يزيد عن الخمسين عاما وكنت أنا وقتها فى العشرين من عمرى!

أسعفته بسرعة لحين وصول الطبيب الذى هرع لإنقاذه وأثنى على حسن تصرفى وقرر نقله إلى العناية المركزة وأوصى بأن أظل إلى جواره حتى يفيق وأناب ممرضة أخرى للقيام بعملى فى قسم الطوارئ!

وأفاق الرجل المهيب الوسيم.. وفتح عينيه لكى أكون أول من رأى بعد الغيبوبة وحكيت له ما جرى بالتفصيل وسألته سؤالا واحدا..

- هل هناك ما ضايقك قبل أن تصاب بالإغماء فى البيت؟

نظرإلى طويلا ثم قال وهو يتنهد..

- دى حكاية طويلة.. بعدين أحكيها لك!!

وصارت بيننا شبه علاقة نفسية وطيدة حتى أنه عندما طلب الطبيب منى أن أعود إلى عملى بقسم الطوارئ تدخل هو ورجاه أن أظل إلي جواره ولا أتركه دقيقة واحدة!

واستطردت.. نسيت أن أقول أن زوجته وابنته جاءتا إلى المستشفى وطلبتا نقله إلى مستشفى خاص وقالت زوجته..

- السواق ده حمار إزاى يجيبك مستشفى زبالة زى دى؟ لازم تتنقل فورا لمستشفى محترم!!

امتعض الطبيب المعالج وامتعض الرجل المهيب واعتذر للطبيب وقال وهو شديد الإرهاق موجها الكلام لزوجته وابنته.

- بالسلامة انتو.. وأنا سوف أتصرف!

 

 

انصرفت زوجته وابنته والتفت إلى قائلا..

ـ آسف ياناهد.. هية دايما عصبية كده لكنها طيبة ولا تقصد أى إهانة!

وسألته.. وحضرتك فعلا حتتنقل مستشفى خاص زى الهانم ما قالت؟

قال لى وهو يغمض عينيه من شدة الإرهاق

- حتى لو اتنقلت.. حاخدك معايا!!

قلت له.. ماقدرش أنا موظفة حكومة!

 

 

واستطردت.. باختصار ياسيدتى.. قامت إدارة المستشفى بتخصيصي للإشراف على تمريض الرجل المهيب ونقلوه إلي غرفة خاصة هيئت له خصيصا وجاءه أطباء عالميون من الخارج وأنا معه واستغرق علاجه شهرا ونصف الشهر!

ولكن ماذا جرى بعد ذلك، وماذا فعلت زوجته، وكيف غادر المستشفى.

الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية !

 

المصدر: سكينة السادات - مجلة حواء
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 637 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,883,485

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز