قوم عاد كانوا في زمانهم أشد الناس خلقة وأقواهم بطشا فأرشدهم نبي الله هود عليه السلام ان يستثمروا هذه النعمة ولا تغتروا فيها ولا ينسوا ان صاحب الفضل عليهم هو الله وهو القادر على نزع هذه النعمة ، وقال الله تعالى فيهم مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ
- أحس أنني أطيب انسانة و لا يوجد مثلي.. وأتعجب من الناس إذا قالوا إنهم مقصرون مع ربهم.. مع أني لا أهتم بالسنن و النوافل.. و أحس أني إذا رجعت لربي وتبت توبة صادقة سوف أكون العبدة التقية .. فهل أنا على يقين ؟ أم أن احساسى ليس صحيحا؟
سلمى عبد البديع- طالبة بكلية العلوم
- فضيلة د . أحمد عمر هاشم - عضو مجمع البحوث الاسلامية - يوجه نصيحة للسائلة بالتوبة النصوح لأنها واجبة على كل مسلم، وعليك أن تحافظي على ما يمكنك المحافظة عليه من السنن، فإن في ذلك الخير الكثير، واعلمي أنك لو تبت إلى ربك وصدقت في اللجوء إليه والإقبال عليه، واتقيته ما استطعت فسيكون لك ما للمتقين من الأجر، ومن ذلك إجابة الدعاء وسعة الرزق وتيسير الأمور مصداق قوله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ، وعليك أن تجتهدي في الطاعة ما أمكنك مع استحضار أن عملك وطاعتك منة من الله عليك، وأنه لا فضل لك فيها، وإياك واحتقار الناس وأن تظني أنك أفضل منهم، وأنهم ليسوا بشيء، وأن طاعاتهم غير نافعة ولا مقبولة، فإن احتقار الناس، وظن الإنسان أنه أفضل منهم هو العجب الذي يمحق الحسنات ويفسد الطاعات، واعلمي أن قبول الطاعات مرده إلى الله تعالى، وأقدار الناس ومنازلهم لا يعلمها إلا الله سبحانه، فربما يحتقر الإنسان من هو أفضل منه عند الله بمرات، فـ "رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره". كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وزيادة في بيان خطر العجب وطريق التخلص منه نقول: إن العجب من أخطر الصفات وأعظم الآفات التي تصيب القلب، فتمحق العمل وتذهب بثوابه وتضيع ثمرته، وذلك أن المعجب يمن على ربه بطاعته ويزدري الخلق ويحتقرهم في حين أن المنة لله تعالى على خلقه، فهو المتفضل وحده والعبد لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ .
وعلاج ذلك أن يسير العبد إلى ربه بين أمرين هما مشاهدة المنة، ومطالعة عيب النفس والعمل، فإذا شهد منة ربه عليه، وأن الأمر كما قال الله تعالى (وما بكم من نعمة فمن الله)، لم يعجب بعمله لعلمه أنه ليس منه، وإنما هو محض منة الله عليه، وإذا طالع عيب نفسه أحدث له ذلك انكساراً وذلاً فيرى عمله هزيلاً حقيراً لا يصلح أن يتقرب به إلى الله تعالى، فيكون قلبه معلقاً بالله تعالى في قبول هذا العمل اليسير كما من به أولا، فالعبد الصادق في عبوديته يجتهد في طاعة ربه تعالى ويبذل أقصى طاقته في ذلك، ثم يرى أنه مقصر مفرط، وأنه مفتقر إلى عفو ربه أن يتداركه برحمته، وقد كان هذا حال السلف الطيب رحمهم الله، يجتهدون في الطاعات ويشهدون التقصير ولا يأمنون مكر الله، ولذلك فازوا وأفلحوا، وقد سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ". أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر ويخاف الله، فقال لها: لا يا ابنة الصديق، بل هو الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخشى ألا يتقبل الله منه.
فعليك أن تسلكي هذا السبيل اجتهاداً في الطاعة .. فإن العلماء كلهم مجمعون على أن التوفيق أن لا يكلك الله تعالى إلى نفسك، والخذلان أن يكلك الله تعالى إلى نفسك، فمن أراد الله به خيراً فتح له باب الذل والإنكسار ودوام اللجوء إلى الله تعالى والافتقار إليه، ورؤية عيوب نفسه وجهلها وعدوانها، ومشاهدة فضل ربه وإحسانه ورحمته وجوده وبره وغناه وحمده.
هذه الفتاة
أشعر بالندم والخوف من عقاب الله... أرجوكم أفيدوني.. أنا أحببت شابا تعرفنا بمكان عمل، وخطبني ولكن رفضتني أمه لأني لم يعجبها شكلي، واستمرت علاقتنا بالموبايل لمدة سنتين، وكان كل مرة يعدني بأن يقنع أمه لأستمر معه، مع العلم أني حاولت أن أنهي العلاقة، ولكني لم أستطع ، وفجأة اختفى من حياتي، وعندما سألت عنه.. قالو لي إنه عقد قرانه، أصبت بالجنون وغضب شديد ولم يكن لدي إلا أن أنتقم منه، فأخذت أدعو عليه بكل صلاة. وبعدها توصلت لإيميلات إخوانه وأقاربه فأرسلت لهم وله بأن الفتاه التي خطبها لها علاقة عاطفية غير مشروعة بشاب عن طريق الموبايل، وأني أنا هذا الشاب .. أنا الآن نادمة وأغلقت الإيميل الذي أرسلت منه الرسائل عن خطيبته، ولا أعلم ماذا حدث له، وأصبحت أصلي وأدعو لهذه الفتاة بكل خير، وأدعو على هذا الشاب الذي دفعني إلى ظلمها بأن ينصرني الله عليه، ويرزق هذه الفتاة بخير منه. أريد أن يرضى الله علي ويغفر لي. مع العلم أني لا أستطيع أن أصل إلى هذه الفتاه أبداً، فكيف لي أن أرضي خالقي. وهل هذا الشاب ظلمني، بعد ظلمي لنفسي.. وهل يعتبر ما قلته عن خطيبته قذفا؟
ر . س - شابة نادمة
- يشير فضيلة الشيخ محمود عاشور _ وكيل الأزهر سابقا _ إلى أنه لا يخفى أن التعارف بين الرجال والنساء على هذا الوجه الشائع أمر غير جائز، ولو كان بغرض الزواج، لما يجر من الفتن وما يترتب عليه من المفاسد، فالواجب عليك التوبة إلى الله مما كان بينك وبين هذا الشاب، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، كما أنك أخطأت خطأ جسيماً بما كان منك من الافتراء على هذه الفتاة، وهو وإن كان ليس بقذف بالمعنى الشرعي الذي هو الاتهام بفاحشة الزنا، إلا أنه من البهتان المحرم، فالواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك، ومن توبتك أن تكذبي نفسك عند من ذكرت هذه الفتاة بالسوء، بأن تراسليهم وتذكري أنك كذبت فيما نسبته لهذه الفتاة من المحرمات، ولا يشترط أن تصلى الى الفتاة نفسها.
وأما بخصوص الدعاء على هذا الشاب، فاعلمي أنك ظلمت نفسك بالتمادي معه في تلك العلاقة الآثمة، فلا حق لك عليه، فلا تشغلي نفسك به، واشتغلي بتحقيق التوبة، واعلمي أنك إذا صدقت في التوبة فإن الله تعالى يقبلها، بل هو سبحانه يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات.
حسبى الله
عندما أقول لشخص ما حسبي الله ونعم الوكيل فهل هذا معناه أني أقول له ربنا ينتقم منك؟
اسراء مصطفى _ دبلوم تجارة
- يؤكد فضيلة د . أحمد عمر هاشم أن هذه الكلمة ليس معناها في اللغة ما ذكر، ولكن معناها هو التوكل على الله والاعتماد عليه في دفع الظلم والحفظ من الشر، وهي ذكر مشروع يحسن قوله عند حصول أذى أو توقع شر... فقد قالها إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار، كما في حديث البخاري ، وقالها النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم..
وأما دعاء العبد على غيره فإن كان ظلمه فيجوز الدعاء عليه بقدر مظلمته، وإن كان غير ظالم له فالأصل عدم جواز الدعاء عليه.
ساحة النقاش