هل هذا هو الرجل الذي نعرفه؟!! أم أنه اختفي في زحام الحياة؟!
لا لم يعد يشبه الرجل الذي رباني، وليس هو ذاك الأستاذ الذي علمني، وليس هو شخصية الحبيب الذي خفق قلبي له فأين ذهب الرجل؟ وأين ذهبت صفات الرجولة؟
سؤال يطرح نفسه بإلحاح وأصبحت تبحث عنه الكثيرات باختلاف مستواهن وتعليمهن لقد طرأت تغييرات كثيرة على الحياة جعلت الرجل يتخلى عن دوره الاجتماعى والاقتصادى مما دفع المرأة إلى احتلال دوره فى أحيان كثيرة، ومما أصابها فى أحيان أخرى بالبلبلة وعدم الاستقرار.
تؤكد ن . ع جامعية أنها وقعت فى مصيدة وأنها خدعت أكبر خدعة فى حياتها عندما ارتبطت برجل أعمال وتقول: لقد تزوجت من رجل ثرى حتى أعيش حياة كريمة تصورت أن زواجى من رجل أعمال سوف يصوننى ويحمينى من أية مخاطر ولكن الواقع كان خلاف ذلك فلقد صدمت عندما طلب منى رجل الأعمال المحترم مجالسة شركائه بل والسهر معهم، ثم قالها لى صريحة لم لا تجارين أصدقائى حتى نستفيد منهم، نعم زوجى يريدني أن أقيم صداقات مع زملائه فى العمل حتى يستطيع الحصول على صفقات ومنافع وعندما أخبرت أهلى اتهمنى بالجنون وقال لهم أننى أحتاج إلى طبيب نفسى، ولم أجد مفراً من رفع دعوى خلع.
الفلاح باع ابنته
وتقول هـ . م -18سنة- : كان الفلاح رمزا للنخوة والرجولة والشرف ومصدراً هاماً للحفاظ على التقاليد والعادات وكان يقتل كل من يفكر أن يسىء إلى فتياته ونسائه ولكن الآن أصبح الوضع مختلفا، فأبى الذى كنت أتصور أنه مصدر الحماية والأمان أصبح هو الذى يبيعنى أو بمعنى أصح يؤجرنى، نعم لقد أصبحت امرأة للإيجار ففى كل موسم صيف يوقع أبى عقد زواج عرفى مع رجل عربى باسمى ويزوجنى هذا الرجل لمدة اسبوع واحد فقط كى يحصل على مبلغ من المال بحجة أنه يحتاج إليه كى يربى باقى اخوتى وكى يبنى الطابق الثانى من البيت فأين أذهب وقد باعنى أقرب إنسان لى فى هذه الحياة؟!
رجل آخر
إلتقينا بأم محمد - شغالة- والتى قالت لنا : لقد تزوجت وأنا فى السادسة عشر من عمرى، كنت فتاة جميلة بالفيوم يتمناها رجال القرية كلهم حتى تقدم لى أبو محمد ورأيت فيه الشاب المناسب وكان يعمل نجاراً فى القاهرة ووعدنى بحياة كريمة ومع الأسف الشديد صدقته وسافرت معه إلى القاهرة، وأنجبنا ولداً وبنتاً ثم فوجئت به رجلا آخر غير الذى عرفته ، فلقد تخلى أبومحمد عن عمله وأمرنى أن أعمل خادمة فى البيوت كى أنفق على الأسرة، وأصبحت مطالبة بالإنفاق على أطفالى وعليه فى آن واحد، ومما زاد الطين بلة أن نفقة هذا الرجل لم تقتصر على الطعام والشراب والملبس والمسكن بل أصبح يأخذ النقود التى أعمل بها ويتعاطى بها المخدرات، لهذا السبب طلبت منه الطلاق ولكنه لم يطلقنى فلقد تعود أن تنفق عليه امرأة وتعود على الجلوس فى المنزل.
زادت العنوسة
وتعلق الدكتورة نورا رشدى أستاذة الخدمة الاجتماعية على اختفاء الرجولة قائلة: هناك فرق شاسع بين الرجل بمعنى الذكر وبين الرجل الذى يعتمد عليه فى وقت الشدة والذى يكون مصدراً للأمن والحماية لأسرته، وأعتقد أن هذا سبب رئيسى فى اتساع دائرة العنوسة لأن الفتاة أصبحت تبحث عن رجل ولكنها مع الأسف الشديد لا تجده، ولقد أصبح الشاب الآن يبحث عن المرأة الثرية التى تمتلك شقة وسيارة ومرتبا حتى لا يدفع شيئاً فى هذه الزيجة، كما نجد أغلبية الشباب قد تخلوا عن فكرة الزواج من الاساس نظراً لانتشار المخدرات والإدمان ونظراً لوجود فتيات كثيرات يقمن علاقات غير شرعية مع الشباب أو يتزوجن عرفياً فلماذا يتزوج الشاب ؟!
اصبحنا أيضاً نجد اشباه النساء فى الرجال نظراً لوجود التقاليع فى الملابس مثل البنطلونات (النازلة) والقمصان المشجرة، أما الرجل الريفى فقد أصبح أحياناً فقاعة هواء ففى ظاهرة يتمسك بمجموعة تقاليد وعادات بالية أما فى الواقع فهو يضحى بكل شىء لأجل المادة، لقد أثرت الظروف الاقتصادية على الرجل وجعلته شخصاً ضعيف الشخصية، وأيضاً أثرت الخصخصة على العديد من العمال وجعلت الرجل مهددا دائماً بقطع عيشه الأمر الذى دفع الكثير من الرجال إلى حث نسائهم على العمل والاعتماد عليهن فى الإنفاق .
اختفاء الرجولة
وترى الدكتورة إيمان صبرى وكيلة كلية الآداب ورئيسة قسم علم النفس بآداب الفيوم أن هناك مخاطر كبيرة من اختفاء الرجولة ألا وهى حدوث اضطرابات نفسية وانحرافات وتفاقم المشكلات الأسرية، بالاضافة الى انتشار العنوسة الاختيارية بين الفتيات وتقول: الأزمة الاقتصادية كان لها أكبر الأثر على تخلى الرجل عن دوره وكان لها تأثير كبير فى تراجع الصفات الإيجابية، وأيضاً مشاركة المرأة فى الإنفاق أدت إلى تخاذل دور الرجل فى الأسرة لأن من يملك أن يعطى يملك أن يقرر كذلك غياب الكثير من الرجال والسفر خارج الوطن للعمل جعل المرأة تلعب دور الأم والأب معاً وأصبحت هى صاحبة القرار فى المنزل، ولكن المشكلة الحقيقية أن الرجل لا يعترف أن دوره قد أصبح يتضاءل ولا يزال يحافظ على واجهته الاجتماعية على الرغم من اختفاء دوره وتخليه عن مسئولياته فى كثير من الأحيان.
ساحة النقاش