إلي كل نفس مهمومة ومتعبة .. تبحـث عن ملجأ آمن تلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه
نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها فإن كانت لديك مشكلة نفسية تحيرك أرسليها لنا بالبريد العادي أو البريد الأليكتروني .. ونحن في انتظارك .
رحل رفيق العمر.. خلا البيت منه.. على أن أواجه الحياة وحدى.. وأى حياة!! فى البداية لم أصدق أنه مات .. كنت أسمع صوته ينادينى.. كنت أتصوره جالسا معى بالشرفة وكثيرا ما أعددت فنجانين من القهوة لأتناولها معه.
يا الله.. صدمتى فى فراقه كبيرة.. لا أقوى على تحملها.. الحزن يكاد أن يفتك بى.. صحتى انهارت وفقدت كل رغبة لى فى الحياة.. لا أنكر أن أبنتى حاولت كثيرا إخراجى من هذه الحالة.. اقترحت على أن انتقل للعيش معها.. ولكننى رفضت عرضها كما سبق ورفضت عرض ابنى!!
إننى أفضل العيش وحيدة بين أطلال وذكريات ولت ومضت وفى نفس المكان الذى عشت معه فيه.. فالذكريات هى المسكن الذى يسكن آلامى للحظات قليلة.. ولكن يبقى ألم النفس من الفراق المر كما هو.. لا تجدى فيه أية مسكنات.. فالحياة بدونه بلا طعم أو معنى.. ليتنى أموت وألحق به.. سامحنى يارب. أنا لا أعترض على قضائك وقدرك.. ولكن النفس البشرية ضعيفة وتحتاج إلى صبر وجلد وقوة إيمان فزد من صبرى وجلدى وإيمانى حتى تمر أيامى القليلة الباقية لى فى هذه الحياة!!
هكذا أعربت هذه الزوجة الوفية عن مشاعرها اتى تسكن قلبها بعد أن فقدت شريك حياتها.. والذى لازمها بالحياة أربعيون عاما هى عمر مشوارهما فى الحياة الزوجية التى جمعت بينهما.. أربعون عاما من الحــب والإخــلاص والتفانى والمودة والرحمة والانسجام.. وقليل من الاختلاف وبعض من الغيرة.. ولحظات غضب نادرة لم تتجاوز الأيام.. هكذا كانت الحياة بينهما مشوار طويل جمع بينهما ورافقهما فيه ابن وابنة هما زينة الحياة وبهجتها.. الحب القوى الذى جمع بينهما يجعلها لا تريد الاعتراف بأن من الممكن أن تحيا بدونه .. لقد انهارت قواها وفقدت رغبتها فى الحياة!! والسؤال الآن كيف نمكن هذه الأرملة من تقبل شكل الحياة التى فرضها عليها الله؟ وهى الحياة بدون شريك وبدون زوج!!
د. عصام حسين أستاذ علم النفس يقول:
- إن الالتحام الروحى الشديد الذى يحدث بين الأزواج بعد رحلة الحياة الطويلة معا يجعل من الصعب وأحيانا من المستحيل نزع إحدهما عن الآخر.. لذلك إذا فقد الإنسان شريك حياته فإنه يصاب بالأسى والحزن الشديد الذى يؤثر عليه نفسيا وجسديا.. فتتكالب عليه الأمراض.. وتنهار قواه ولا يقوى على مواجهة هذه الفراق المرير ومن الممكن أن نقول إن الإنسان الذى يفقد شريك حياته - وخاصة الزوجة - فإننى من الممكن أن أقول إنها تموت معنويا بعد رحيل شريك حياتها.. وتفقد الحياة كل معنى لها.. والموت المعنوى يسبق الموت الجسدى.. والموت المعنوى معناه عدم التفاعل مع الحياة.. توقف المشاعر والتفكير ، الزهد المطلق عدم الاحساس بأى رغبة أو متعة أو حماس لأى شىء.. كل شىء من حولها باهت بلا طعم ولا رائحة.. الزمن توقف.. انتهى الكون إلى العدم بعد أن مات كل شىء وآخر شيء يموت عندها هو الجسد بعد أن يفقد مبررات وجوده واستمراره.
- هذه الزوجة البائسة تمر بمنعطف خطير ولابد من المحيطين بها ألا يتركونها لأحزانها ولوحدتها.. على أبنائها أن يتواجدوا بجوارها.. يخففوا عنها آلام الفراق بشتى الطرق الممكنة.. ولا مانع من اللجوء إلى طبيب نفسى لوصف بعض الأدوية التى تساعدها على الهدوء النفسى والتخلص من حالة الاكتئاب التى أصابتها بفعل فقدان شريك الحياة.
ساحة النقاش