إلي كل نفس مهمومة ومتعبة .. تبحـث عن ملجأ آمن تلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه

نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها فإن كانت لديك مشكلة نفسية تحيرك أرسليها لنا بالبريد العادي أو البريد الأليكتروني .. ونحن في انتظارك.

هل يأتى الحب بعد الزواج؟ سؤال طرحته علىّ ابنتى وهى تختار شريك حياتها.. السؤال حيرنى كثيرا على الرغم من خبرتى بالحياة.. وعلى الرغم من أن هذا السؤال قديم قدم الإنسان نفسه إلا أننى للوهلة الأولى لسماعه من ابنتى أحسست بوقع غريب على نفسى.. ربما لأننى لم أكن أتوقعه من أقرب الناس لى.. وربما لأننى لم أكن أتخيل أن سنوات العمر قد مضت مثل البرق وابنتى الطفلة الصغيرة أصبحت عروسا جميلة مقبلة على الزواج.. وها هى تفكر وتختار شريك حياتها وتطلب منى النصيحة.

توقفت طويلا قبل أن أفكر فى الإجابة.. وقررت أن تكون كلماتى موجهة لكل فتاة فى عمر ابنتى أو أقل منها عمرا أو أكبر.. كلهن يتساوين فالنصيحة لبنات حواء جميعهن.. والموضوع هو مصير وحياة لابد وأن نقف أمامه بكل عقلانية.

بداية لا يمكن أن نتخيل أى علاقة إنسانية بدون حب ولكن قد يقارن البعض منا بين مصير زواج سبقته قصة حب وزواج لم تسبقه سوى النيات المخلصة فى الزواج وتكوين أسرة.. ولكن علينا أن نعترف أن الحب ليس متاحا لكل إنسان قبل الزواج.. الحب مرتبط بظروف الإنسان ذاته وبظروف المجتمع المحيط به.. فالإنسان الذى ينجح فى إنشاء علاقة حب مع طرف من الجنس الآخر لابد أن يكون إنسانا جريئا اجتماعيا لديه القدرة على التعبير عن مشاعره وتوصيل عواطفه.. وقبل ذلك أن يسمح المجتمع بما فيه الأسرة بأن تنشأ مثل هذه العلاقات.. ولكن بعض الناس لايملكون هذه القدرات وظروفهم لا تسمح رغم أنهم يتمنون الوقوع فى الحب قبل الزواج.. هؤلاء هم الذين يتزوجون بدون علاقة حب سابقة على الزواج.. ويتم الزواج بناء على الرغبة الصادقة والحقيقة فى الزواج فى حد ذاته.. أى بناء على أهمية الزواج وضرورته النفسية والاجتماعية والبيولوجية.. وهذا فى حد ذاته يشكل قاعدة قوية لمثل هذا الزواج.

ولكن علينا أن نتوقف أمامه طويلا نحن الآباء والأمهات والذين نرفض لبناتنا وأبنائنا أن يكونوا علاقات حب قبل الزواج. والرفض يأتى من قناعتنا بأن هذه العلاقات مهما كانت بريئة إلا أن مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا ترفضها تمام الرفض.. إذن ليس أمامنا مفر من أن نقبل بالحل الآخر.. وهو الزواج الذى يتم عن طريق القبول المبدئى.. هذا القبول لا يبنى على مرات قليلة أو ساعات قليلة التقيا فيها الطرفان وقررا بعدها الزواج.. ولكن القبول له شروط وأسس وقواعد لابد مراعاتها عند الاختيار.. أهمها أن يكون للإنسان الذى يختار شريك حياته رصيد من الخبرة الإنسانية التى تجعله يرسم تصورا معينا بخياله لشريك حياته صفات محددة يحلم بها ويتمناها ويدرك تماما أن هذه الصفات سوف تكون مكملة له.. حتى وإن لم يجد كل هذه الصفات فى الطرف الآخر.. فإذا وجد معظمها أو نسبة كبيرة منها.. وقتها من المكن أن نقول أن هذا الإنسان الذى حاز على القبول هو الطرف الآخر الذى سوف يحقق له حياة زوجية ناجحة.

إن القبول بهذه الصورة من الممكن أن نطلق عليه مشروع حب.. أو البذرة الأولى التى تم غرسها فى أرض تنبىء بأنها طيبة لأن هناك نية صادقة فى الزواج وأن الاختبار جاء بعد أن توافرت شروط معينة اشترطها كل طرف من البداية.. ولعل هذا يضمن حدا أدنى من النجاح.

على العكس تماما حينما يتم الزواج بعد قصة حب .. فالحب قبل الزواج يتغاضى عن العيوب ويغفل الشروط.. لأن من يحب يغلق عينيه عن العيوب تماما ويرى الطرف الآخر ملاكا من السماء كله صفات جميلة.. وهذا هو الخطأ الكبير الذى يدفع الطرفان ثمنه بعد ذلك.. ولكن يكون قد فات الأوان.. فإغفال عيوب الطرف الآخر قبل الزواج يكون بمثابة الصخرة التى تنكسر عليها مشاعر الحب بعد الزواج وتسبب ألما لا تعالجه أو تداويه الأيام.

لذلك كانت نصيحتى لابنتى.. ولكل فتاة فى عمرها.. عليك أن تكتشفى عيوب شريك حياتك أولا قبل أن تتوقفى أمام صفاته الحسنة.. لأن اكتشاف العيوب والوقوف أمامها والتعرف عليها وعلى إمكانية التعايش معها أو علاجها أهم بكثير من اكتشاف الصفات الجميلة.. لأن أهم شروط نجاح الحياة الزوجية هى تقبل الطرف الآخر بعيوبه قبل مميزاته.. حتى لا تحدث الصدمة وتنهار الأحلام ويفشل مشروع الزواج.

 

المصدر: نبيلة حافظ - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,812,875

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز