زيارة السفيرة مشيرة خـطـاب إلــى الحوامـديــة لــوقــف تــزيــيف زواج القاصرات محاولة جيدة، ربـمــا تـــؤتى بـثـمــارهـــا!هل تؤتى زيارة السفيرة مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان إلى الحوامدية لوقف نزيف زواج القاصرات ، عن طريق توقيع ميثاق شرف مع الأباء والأمهات ، بمنع تكرار هذه الزيارة بثمارها ؟ ربما .

الحكاية أكبر من ميثاق شرف يقوم به الأهالى ، فزواج القاصرات تجارة رائجة تتم عبر سماسرة ، يقومون بتسهيل هذا الزواج مقابل مبلغ من المال يصل إلى ثلث المبلغ المدفوع فى الفتاة للأب ، الذى يقوم ببيع ابنته بعقد زواج عرفى غير موثق ، نظراً لصغر سن الفتاة ، وبالتالى فلن يقبل أحد الطرفين السمسار أو الأب ، التخلى عن تلك التجارة الرائجة والرابحة ، فى ظل وجود عدد كبير من الأبناء ، ورغبة الأب فى التخلص من الفتاة ، خاصة غير المتعلمة التى لا حول لها ولا قوة ، ولا تملك من المؤهلات سوى الجمال والأنوثة لبيعها إلى راغبى المتعة ، خاصة من الأثرياء العرب باسم الزواج .

المعروف أن هذه الزيجات تتم بلا توثيق ، هرباً من الشروط التى وضعتها وزارة العدل لضمان حقوق الفتاة المصرية ، والتى تتضمن خمس نقاط أساسية كضوابط لضمان حق الفتاة وأبنائها فى حالة إنهاء هذه الزيجة ، مثل ضرورة حضور الزوج إلى مصر عند إجراء التوثيق وعدم الأخذ بالتوكيلات ، والا يتجاوز فارق السن العمرى بين الزوجين 20 سنة ، وغيرهما من الشروط، التى يتفنن بعض السماسرة وبعض المحامين فى التلاعب بها مثل تقديم بعض البيانات الخاصة عن أماكن اقامة الراغب فى الزواج فى أوطانهم للتهرب من مسئوليات وتبعات هذه الزيجات .

الحقيقة أن الشروط التى وضعتها الوزارة ، والتى تبدو فى مجملها حفاظاً على الفتاة المصرية من المتاجرة بها باسم الزواج وحمايتها ، وأن كانت جيدة ماهى إلا ذريعة لذوى النفوس الضعيفة للهرب منها ، واللجوء إلى الزواج العرفى غير الموثق ، الذى يعتبر الحل السحرى لدى بعض الأهالى للخروج من دائرة الفقر الخانقة كما يتصورون إلى دنيا الثراء والرخاء ، وتعد بمثابة ثغرة للسماسرة والمحامين للالتفاف حول تلك الشروط والقوانين لزيادة ثرائهم ، ضاربين بكل الأعراف والقوانين عرض الحائط .

المعروف أن ظاهرة الزواج العرفى ليست بجديدة على المجتمع المصرى ، حيث انتشرت منذ أربعة عقود نتيجة ظروف إجتماعية معينة ، وكانت تلجأ إليه الأرامل والمطلقات للاحتفاظ بمعاش الزوج ، أو حضانة الأبناء ، لكنها أخذت فى الأنتشار بين الشباب فى مقتبل العمر خاصة طلاب الجامعات ، نظراً للظروف الاقتصادية المتردية ، أما الجديد فهو تزويج القاصرات عرفياً وإن كان يتم رغماً عنهن أو قسراً وقهراً من بعض الأثرياء العرب الباحثين عن المتعة بلا أدنى مسئوليات ، مقابل حصة من الجنيهات ثمناً لعدة أيام يقضيها مع الضحية ، ثم يتركها لا حول لها ولا قوة فريسة للأيام ، وهو أمر مرفوض خاصة إذا حملت تلك الفتاة طفلاً يكون بلا هوية نتيجة الزواج غير الموثق .

ما أقدمت عليه السفيرة مشيرة خطاب محاولة جيدة تحسب لها ، ربما تؤتى بثمارها ، مثلما فعلت من قبل فى قضية ختان الأناث ، ولو أن الأمر يختلف .. فزواج القاصرات قضية شائكة تنتمى إلى الشق الاقتصادى وليس لها علاقة بالموروث الاجتماعى أو التلقائى ، كما أنها تجارة رابحة تنتمى إلى مايسمى بتجارة البشر وهى تجارة منظمة لها قوانينها وأعرافها وأفرادها على مستوى العالم وليس فى مصر فقط ، بل إن هذه التجارة منتشرة جنوب شرق آسيا وخاصة الهند ، وبعض مناطق إفريقيا .

الأمر لم يعد فى حاجة إلى القوانين فقط ، وإنما تغيير المفاهيم بالتوعية والنصح والارشاد ، وقد يكون المخرج لتقليص تلك الظاهرة ، والحد منها تلك الزيارات الميدانية ، فالقانون وحده لايكفى ، وهو ما أثبتته الأيام ، فعلى الرغم من الحكم الرادع الذى صدر منذ شهور بمعاقبة زوج سعودى وسيدة تعمل وسيطة بالسجن 10 سنوات ، وسنة مع إيقاف التنفيذ للوالدين ، وتغريم كل منهما 50 ألف جنيه، لقيامهم بتسهيل الدعارة ومواقعة قاصر فى واقعة تزويجها قسراً من رجل سعودى يكبرها فى السن ، فالظاهرة مـازالـت مستمـرة وتزداد يوماً بعـد يـوم خاصـة فى مواسم الصيف والأعـياد ، وهـذا يعنى أن الحكـم لم يكن رادعاً لألاف الأبـاء والأمـهات ، وأن الظاهرة مازالت تتم فى قرى ومحافظـات مصـر مثـل المنصـورة والشرقيـة والجيزة ، وليست قرية الحوامديـة فقط ، والتى تعتبـر أكبر المدن التى تنتشر فيها تلك الظاهرة .

 

 

المصدر: تهانى الصوابى - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,852,483

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز