بعد ساعات يهل على أمة الإسلام عيد الأضحى المبارك أعاده الله علي مصر وأهلها وعلى الأمة العربية وأمة الإسلام جمعاء بالخير واليمن والبركات وأسأل المولى العزيز أن تكون أيامه ولياليه مبعث خير وسعادة وفرحة لكل الناس وألا ينسوا صلة الرحم وأن يبروا آباءهم وأمهاتهم إنه سميع مجيب الدعوات .

حكاية اليوم هى حكاية أسرة دمرتها نزوات الأب وأنانيته حتى وصلت الأمور إلى الحد لأقصى من المعاناة والقسوة فى حق سيدة ليس لها ذنب ولا جريرة فيما حاق بها من أذى ، وكل مشكلتها أنها سلبية ومستكينة رغم أنها جميلة حتى وهى فى الخمسينات من العمر ، ولما وصل الأمر إلى حد الجوع والضرب والإهانة كان لزاما على ابنتها أن تتصرف !

 

 

كنت أعرف تلك الأسرة من بعيد ، معرفة سطحية ، أراهم دائما فى مظهر لائق وملابس أنيقة الأم سيدة خمسينية لكنها رغم السن لاتزال فائقة الجمال ، أما الأب فلم أكن أراه إلا نادرا جدا وكنت أعرف أن لهما ابنتين واحدة مهاجرة مع زوجها فى الخارج والأخرى تعيش معهم مع ابنتها الصغيرة والأخيرة مطلقة بعد تجربة زواج فاشلة ، لكننى لم أكن أعرف أية تفاصيل عن حياتهم فقد كانوا جيراننا فى عمارة قريبة من مسكنى فى نفس الشارع والأمر لم يكن يزيد عن التحية والسؤال عن الصحة ومداعبة البنت الصغيرة عندما نلتقى فى الشارع أو فى أية مناسبة مثل أن يأتوا مثلاً للمعايدة فى الأعياد أو فى المناسبات الوطنية مثل 6 أكتوبر مثلا ولم ألحظ إلا نظرات الحزن فى عيون الأم على الدوام !

 

 

جاءت الابنة إلى منزلى وهى سيدة شابة فى حوالى الثلاثين من العمر لكنها ليست فائقة الجمال مثل أمها وحسبت أنها تريد «خدمة» لها أو لأمها أو لابنتها فى المدرسة وكانوا قد لجأوا لى قبل ذلك فى شىء مماثل ولله الحمد والشكر وبفضله وحده أنجزت المهمة على خروجه !

هذه المرة كانت هند قد أصرت على أن تأخذ موعداً وأصرت على أن أجلس معها أطول وقت ممكن ولم تصحب ابنتها الصغيرة معها كالمعتاد حتى تأخذ راحتها فى الكلام!

وقالت أنها سوف تدخل فى الموضوع مباشرة وأنها أتت لكى أستمع إليها وأنصحها بما سوف تنفذه فورا !

قالت لى .. أعرف أنك تحبين أمى وتعطفين عليها لكن أحدا لايعرف المأساه التى نعيشها والتى حاولنا أن نخفيها عن كل الناس ، لكن أخيرا وعندما بلغ السيل الزبد وأصبح الأمر غير محتمل بالمرة وفاض الكيل إتخذنا القرار أنا وأمى ونفذناه !

قلت لها .. ماهو هذا القرار ، أنا لم أركم منذ عدة شهور؟ أين كنتم ؟

وقالت .. الموضوع ياسيدتى أن أبى ، الرجل المحترم المجامل الهادىء أمام كل الناس ، رجل لاتعرف الرحمة إلى قلبه سبيلا وقد نشأت أنا وأختى نسمع نشيج وبكاء أمى المكتوم داخل غرفتها وعندما تخرج تمسح دموعها وتقول :

لاأمافيش حاجة .. أصل جنبى بيوجعنى شوية وأخذت حباية مسكنة والوجع راح لحالة !

نسكت أنا وأختى وننظر لبعضنا البعض ونحن نعرف أن جنبها لم يوجعها وأن الأمر بينها وبين أبى !

واستطردت هند .. كنت أعود من الجامعة أحيانا فجأة فأفاجأ بأمى تبكى بحرقة وهى مزوية فى فراشها .

ومرت على ياسيدتى تجربة فاشلة فقد تزوجت بعد قصة حب من زميل لى بالجامعة وأنجبت منه بنتا وبعد أن تخرجنا سويا تركنى والد البنت وهاجر إلى كندا بلا عودة وأرسل لى ورقة طلاقى على يد شرطى ولم أره ولم تره ابنتى حتى اليوم !

ما علينا .. هذه حكاية أخرى سوف أحكيها لك بعد ذلك لكن اليوم الموضوع خاص بأمى المسكينة !

واستطردت هند .. نسيت أن أقول لك أن والدى رجل مقتدر يعمل فى مجال المقاولات وعنده ثروة كبيرة !

أعود إلى أمى فقد وجدت وجهها منتفخا وتحت عينيها أزرق اللون ولم تحاول أن تؤلف أية حكاية وقالت لى .. أبوك ضربنى وكنت حاموت فى إيده المرة دى !

وسألتها .. ليه ؟ قالت .. لا أعرف طلبت منه مصروف الأكل والشرب بل طلبت منه أن يمسك هو بالمصروف ورد على بالضرب على وجهى وكل جسمى !!

ماذا فعلت هند وأمها بعد أن تكررت مأساة ضرب الأم وإهانتها وتجويعها ؟

الأسبوع القادم أحكى لك الحكاية ؟

 

المصدر: سكينة السادات - مجلة حواء
  • Currently 48/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 638 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,777,651

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز