لكل منا حب كبير في حياته يشع ومضاته المضيئة في النفس يستطيع من خلالها مواصلة الحياة يبعث الأمل داخلنا من جديد محدثاً بريقاً خاصاً في قلوبنا يلون الأيام يجلعنا نقترب في خطوات ثابتة نحو الحياة، إنه الحب يلقي بظلاله الوارفة علي أروقة القلوب عازفاً سيمفونيته الخالدة علي أوتاره يملأ حياتنا يمتلك علي الإنسان كل مشاعره يأخذه بعيداً يجعله يحلق في أجواء حالمة باحثاً عن حقه في الحياة مزوداً بفضائل الحق، والخير والجمال.. 

نعرض هذه القصص الإنسانية لأصحاب قلوب جريحة من قلب الصعيد نرسل لها وردة تضعها على تلال متراكمة من إحساس بالغربة، والحرمان، شظايا نفوس مبعثرة تبحث عن الأمان لعلها تجد فى حب كبير تهبه نفسها يكون بريقاً للقلوب.

- فى البداية تقول إيمان من محافظة أسيوط: ما أجمل أن يهديك القدر حدثاً جميلاً فى حياتك تروى به أيامك العجاف وأنت يا حبيبى أجمل أقدارى.. تقول هذا وهى تشير إلى صورته المعلقة التى تتصدر غرفة الاستقبال إنه زوجها الشخص الوحيد الذى صادفته فى حياتها صادقاً معها مستعداً أن يعطيها كل مشاعره، تراه أمامها دائماً رمزاً للرجولة ينتمى لعصر الفرسان.

وتضيف: «يشعرنى دائماً بقلبه يفيض حباً للعالم كله، بعدما كنت أحيا فى حالة من الوحدة الدائمة وغربة النفس الموحشة من خلال تجربة زواج دامت عدة سنوات أعطيت فيها الكــثير والكثير مع شخص غير عابىء إلا باهتماماته الشخصية ترتفع لديه درجة الأنانية لتصل مداها، إلى أن وصل به الأمر أنه لا يسمع إلا نفسه لا يعاملنى كشريكة لحياته وإنما علىّ أن أنفذ ما أؤمر به أصبحت حياة لا تطاق وجاءت النهاية والانفصال فى هذه الحالات يمثل للمرأة «مولد من جديد»، رغم مرارته اخترت هذا الطريق، البعض ينظر إلى صعوبة القرار على المرأة خاصة فى المجتمع الصعيدى وقسوة أيام طويلة بمفردى بعدها قررت التركيز على الأعمال الخيرية التى أعشقها، ما أجمل أن ترسم ابتسامة على شفاة محرومة من الفرح وهناك قابلته للمرة الأولى أخذنى بعيداً بهرتنى شخصيته الآخاذة المملوءة بالخير والحب للغير كان يربت بيديه على كل طفل أثناء توزيع المساعدات فى ملجأ الأيتام وهنا شعرت أنه مصالحة القدر لى عندئذ عرفت أن الفترة السابقة التى عشتها لا تحسب من عمرى وأيامى، دائماً أجده بجانبى يمد يديه لى، كنت أسأله كثيراً عن أسباب حب الناس له وحبه لهذه الأعمال الكثيرة التى يقوم بها.. كان الرد دائماً أنه الحــــب الكبير الذى يمـــــلأ قلبى ويمليه عـلىَّ أخلاق دينى لأن الخير موجود لكن لابد من أشخاص ترعاه ومن هنا جـــاءت مشاركتى له فى كل ما يقوم به توحدت أهدافنا وخطــــواتنا ثم بدأنا تلقين هذه المبادئ لأولادنا الذين يساعدوننا حالياً فى هذا الخير وغرس الحب فى النفوس لأننا ببساطة نحتاج إلى التكاتف والتعاون من أجل الحفاظ على أجمل المبادئ الإنسانية والانتصار للحق، الخير والجمال وإعلان أن الحب الكبير لابد وأن يملأ نفوسنا ويكون بريق قلوبنا.

أمل حياتي

- وتري «إلهام محمد» بكالوريوس خدمة اجتماعية من إحدى قرى محافظة سوهاج: أن الحياة لا تتوقف عند حدث معين أو مشكلة تصادف الإنسان فكثيراً ما نتعرض لأحداث تسبب لنا هزة نفسية كبيرة لكنها هى الحياة لابد وأن تستمر وتواصل رحلتها كما حدث لى بعد وفاة زوجى «جمال» الذى تربطنى به صلة قرابة وقصة حب ترجع لأيام طفولتنا الغضة وقتما كانت القلوب الخضراء تتفتح على جوء يملؤه الحب بين الناس والأسرة ترعى حبنا منتظرين ذلك اليوم الذى يكلل هذا الحب بالاقتران، الذى جاء فى زفاف أنيق كانت فرحتنا كبيرة جداً؛ إلا أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه حدث ما لم يتوقعه أحد .. تعرض زوجى وحب عمرى لحادث وهو عائد من توصيل فوج سياحى ويالها من كارثة حطمت حياتى أصبحت لا أرى أى شىء (بما تساوى الأبيض بالأسود، بات كل شىء لا يساوى شيئاً، إلا أن القدر دائماً يضع الأمل ليهدئ من روع الكارثة فوجئت بحملى فى الشهر الثانى يا إلهى كانت أمنيته أن يرى طفله يمشى أمامه على الأرض، من هنا أفقت من أجله أيضاً لابد أن أرعى الجنين لأنه قطعة منه تحمل كل سماته وصفاته إنه اسمه الذى لا ينقطع عن الدنيا بدأت أنظر وأعد الأيام لاستقبل مولودى بفارغ الصبر وأنا أضع أمامى كل الأمانى التى كان يتمنى تحقيقها وأخيراً جاءت صيحاتها تملأ الكون وشعرت وقتها بأن زوجى ينادينى مازلت بينكما، أحيا معك أصبحت ابنتى «أمل» هى أكبر آمالى بل أملى الوحيد فى هذه الدنيا، أحيا من أجلها، أراه من خلالها فى كل خطوة تكبر فيها إلى أن وصلت الآن للصف الأول الإعدادى، إنه الحب الذى يملأ القلوب حين يأسرها يستطيع أن يعبر أزماته وينتصر على أوجاعه.

التصالح مع النفس

- وترى «سماح عبدالله» باحثة اجتماعية: أن أجمل الأشياء أن يتصالح الإنسان مع نفسه أولاً لكى يستطيع رؤية المحيطين به وأن يتخلى عن أنانيته ونظرته السطحية المتمركزة حول ذاته، كيف أشعر بغيرى وأنا بعيدة عن هذه المعانى السامية ففاقد الشىء لا يعطيه ولا يتحقق كل هذا إلا بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى واتباع ما أمرنا به ديننا الحنيف وحثه على التسامح وحب الخير بين الناس «حب لأخيك كما تحب لنفسك».

- وننتقل لملحمة إنسانية تشهدها محافظة قنا تستحق التقدير لسيدة فى الثمانين من عمرها تقدم حبها الكبير لشقيقتها المريضة ليكون درساً وعظة لأصحاب القلوب المتحجرة تقول «أم نور» أعيش أرملة منذ سنوات طويلة لا أحد يعولنى سوى عملى فى خدمة الأسر الأصيلة التى تميز الجيد من الردئ، إلى أن أصيبت شقيقتى فى حادث مروع نجت منه بأعجوبة لكنها لا تدرى بأى شىء من حولها فهى تعيش حية ميته منذ سنوات طويلة لا تستطيع أن تقوم بأى شىء تجاه نفسها تحتاج لرعايتى فى كل ثانية عندئذ وهبت نفسى لها لم أجد مفراً الكل يتخلى عن الإنسان وقت شدته رغم آلامى وسنى الكبيرة أقوم بخدمتها كل ما تحتاجه رغم المضايقات التى أصادفها إلا أن ما يهون علىَّ أننى أقدم لها ما تحتاجه حتى آخر يوم فى حياتى وإلى أن يأذن لها الله.. كيف أتركها وحيدة وسط حياة لا ترحم من يسقط فيها لا يجد من يأخذ بيديه إلا نادراً من أصحاب القلوب الرحيمة الذى يسرى فيها الحب الكبير مسرى الدم يحقق لهم سعادة ويضفى مزيداً من البريق على قلوبهم يكون نبراساً يأخذ بيد أصحاب القلوب الجريحة عسى أن تجد لها مكاناً.

 

 

 

المصدر: حميدة سيف النصر - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,822,865

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز