حكيت لك عن حكاية هند وأمها وأبيها الذين كانوا يسكنون شقة كبيرة فى حى المهندسين وكانت الأم جميلة جدا ودائما ترتدى السواد وتبدو حزينة وتبين بعد ذلك أن زوجها المهندس المقتدر مريض بالبخل والشح على أهل بيته والاغراق على النساء الفاجرات ولم تكن الأم تقول أى شىء لابنتها هند ولا لأختها المهاجرة إلى الخارج وكانت تحاول ألا تسىء إلى صورة أبيهما هند تقيم مع أبيها وأمها بعد تجربة زواج فاشلة وهى طالبة بالجامعة نتجت عنها ابنة صغيرة لا حول لها ولا قوة وهاجر والد البنت إلى الخارج وطلقها بالبوليس!

نعود إلى الأم التى تكرر ضرب زوجها لها وهو مخمور ورفضه أن يعطيها مصاريف الطعام والشراب وعندما واجهته (الأم) بمعرفتها بمقدار ما أنفقه على إحدى الراقصات ضربها ضرباً مبرحاً ترك علامات فى وجهها وكل جسمها وعندما عادت هند من عملها ووجدت أمها على تلك الحال صرخت وبكت وطلبت منها مغادرة البيت فورا!

وتستطرد هند .. صعبت على أمى وخاصة عندما صارحتنى بأنها باعت آخر مصاغها لكى تنفق على البيت لأن زوجها أى (أبى) امتنع عن الصرف على البيت وضربها ضرباً مبرحاً عندما واجهته بأنها تعرف كم أنفق من ماله على إحدى الراقصات !

وتستطرد هند .. وكنا فعلاً قد سمعنا «طراطيش» كلام أن والدى على علاقة حميمة باحدى الراقصات وأنه انفق عليها ثروة طائلة وعندما تجرآت أمى وواجهته كان مصيرها الضرب والإهانة!

وتستطرد هند .. كنت فى ذلك الوقت وحتى اليوم والحمد لله أعمل فى شركة اتصالات كبيرة فى مدينة 6 أكتوبر وكان لى مدير بالشركة اعتبره هو والدى الحقيقى فقد كان يقدرنى ويحترمنى ويشجعنى وكان أرمل فقد توفيت زوجته منذ خمس سنوات وله ولدان كبيران متزوجان يسكنان حى مدينة نصر ومصر الجديدة. هرعت إلى أبى الحنون - مديرى- وحكيت له الحكاية وطلبت منه أن يساعدنى فى أن استأجر شقة (إيجار جديد) وأن أخلص أمى من الجوع والضرب والإهانة كل يوم وكان الرجل قد زارنا مرتين فى بيتنا ورحبت به أمى وكان حنونا وقال أنه لم يأكل (أكل بيتى) شهى منذ أن توفيت زوجته وكنت أشعر أنه أبى حقيقة وطبعا كان أبى حاضرا فى المرتين وكان يجامل الرجل لأنه مديرى وفى يده كل مقدراتى وكانت أمى تخدم وتجهز الطعام ولا تجلس معنا إلا لبرهة قصيرة !

أعود إلى مديرى الذى فكر ثم قال :

- يا هند أنت ابنتى إننى لم أنجب بنتا واعتبرك ابنتى التى لم أنجبها ليس لدى حل سوى أن أذهب لأعيش مع ابنى الكبير الدكتور محسن فى مصر الجديدة وأترك لكما شقتى حتى ينصلح الحال ويعتذر والدك وتعود المياه إلى مجاريها !! كان ذلك هو ما وصى عليه أبى الحنون - مديرى - الرجل الغريب الذى بكى عندما رأى وجه أمى محتقنا وجسدها أزرق ورأى ابنتى الصغيرة تبكى لبكاء جدتها المسكينة !

وتستطرد هند .. أخذنا حقيبة ملابسى فقط وتركنا المنزل أنا وأبى وابنتى إلى شقة الملاك الطاهر الذى أنقذنا ومر شهر لم يسأل والدى عنا وكأننا «هم» وانزاح عن كاهله وعندما ذهبت إليه فى مكتبه لكى أعاتبه على ما فعله شتمنى ونهرنى أمام كل الموظفين وأهاننى وقال امشى من هنا (يا..) أنت وأمك وورقة طلاقها فى نقطة المهندسين تروح تاخدها وأوعى أشوف وش حد فيكم بعد كده !

وتستطرد هند حريتى وأنا أبكى ولم أقل أى شىء لأمى - وللعلم - أمى (مقطوعة من شجرة) وليس لها إلا خال واحد مسن يعيش فى إحدى القرى بالمنوفية !

كنا نتفق أنا وأمى وابنتى من راتبى وكان مديرى الملاك يرسل لنا كل أسبوع سائقه الخاص محملا باللحم والخضر والفواكة والسمن والسكر والأرز والمكرونة ويدفع فواتير الكهرباء والغاز من جيبه ولم يدخل بيته هو الذى نقيم فيه أنا وأمى وابنتى مرة واحدة !

وتستطرد هند .. انقضت ثلاثة شهور وعلمت من إحدى الجارات السابقات فى بيتنا القديم والدى قد تزوج من الراقصة وأتى بها إلى بيتنا الذى مازالت به ملابسى أنا وأمى وابنتى وأنه يعيش مع زوجته الجديدة على فراش أمى وأثاثها !

وبين كل ذلك السواد الحالك فى حياتى تفجرت أسعد مفاجأة! لقد فاتحنى مديرى الملاك الحارس على استحياء فى أمر زواجه من أمى على سنة الله ورسوله ولم أتمالك نفسى فوجدتنى انقض على يديه وقدميه أقبلهما ودموعى تنهمر وأنا أصيح .. ربنا يخليك لينا طول العمر وأنا خادمتك أنا وأمى طول العمر ! وقال الرجل الكريم أنه فاتح ولديه فى الموضوع وقد وافقا بل تحمسا حتى لايعيش الرجل بمفرده وحتى يجد لقمة هنيه يأكلها وصحبة آمنة مع ناس طيبين !

وتزوجت أمى من ملاكى الحارس وتحولت حياتها من سواد واكتئاب وضرب ليلا ونهارا وإهانة إلى سعادة ورخاء وحب ومودة وسمعت ضحكتها التى لم أسمعها منذ سنوات فهل أخطأت يا سيدتى، وهل أنا فعلا البنت التى زوجت أمها من رجل غير أبيها !

 

 

يا هند .. جزاك الله كل خير إن ما فعلته سوف يضاف إلى ميزان حسناتك فى الآخرة وقريبا يرزقك الله أنت الأخرى بالرجل الذى يعوضك عن تجربتك السابقة والله هو المنتقم الجبار القهار وسوف يعوضك الله خيرا !

 

 

المصدر: سكينة السادات - مجلة حواء
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 900 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,735,087

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز