جمالى وذكائى سببا لى العديد من المشاكل ولكنهما أيضا ساعدانى كثيراً فى التفوق والتقدم فى كثير من مجالات العمل حتى وأنا طفلة أشركنى والدى فى فريق السباحة والجمباز فى المدرسة وتفوقت فيهما وحصلت على بطولة الجمهورية عدة مرات وذات يوم أحسست بأنى مراقبة بشدة لرؤيتى ومضات فلاش كاميرا ضوئية لم أستطع تحديد مصدرها أو رؤية من يتم تصويره بها وفهمت سبب هذه الفلاشات عندما تلقيت بعدها بساعات قليلة تلك الدعوة من أمير للحضور إلى قصره فى بلد أوربى وفهمت من الدعوة أن الأمير فى بحثه عن امرأة تشاركه حياته وثروته هى وذريته قد دعا مائة فتاة اخترن من حول العالم لينتقى منهن واحدة بعد أن يخضعها لاختبارات متنوعة ومع الدعوة كتيب صغير يحدد جهة أتصل بها للحصول على تذاكر السفر بالطائرة درجة أولى والإقامة الكاملة لمدة ثلاثة أيام فى قصر الأمير وصور هذا القصر توضح روعته وفخامته وأن الأمير قد استقدم خيرة الطباخين وأبرع من يقومون بالخدمة وأجمل البرامج الترفيهية بحيث تكون هذه الأيام الثلاثة من الأيام الرائعة فى الجنة التى لن تنسى وأن كل ما على عمله هو الاتصال بالرقم للمزيد من المعلومات ولأنى كنت على وشك القيام بأجازتى السنوية ولم أقرر بعد كيف أو أين أقضيها؟ قررت الاتصال مقتنعة بأنه لا ضرر وأنى إذا لم يعجبنى العرض سأرفضه واتصلت بالرقم ووجدت أن المسئول أحد أصدقائى الذى استطاع أن يقنعنى بسهولة أنه لا ضرر من قضاء عدة أيام فى هذا القصر وراح يعدد مزاياه وبالفعل اقتنعت برأيه وتسارعت الأحداث فمررت عليه لآخذ تذاكر الذهاب والعودة فى اليوم التالى سافرت ومع بداية الرحلة بدأ التوتر ولكن خف هذا التوتر جزئيا عندما وصلت للمطار وأنهيت اجراءات الجوازات وعندما خرجت وجدت من ينتظرنى لحملى وحقائبى فى سيارة فارهة وتوترى زال تماما عندما وصلت القصر لأجد مجموعة من الخدم فى انتظارى ولمحت فى صالة فسيحة داخل القصر وجود مجموعة من الجميلات شغلن بالرقص على أنغام موسيقية جميلة ويضحكن فى سعادة ولاحظت وجود العديد من التحف الهندية الطابع فى أركان المكان وفوق حوائطه، قادنى أحد خدم القصر إلى غرفتى وكان الوقت بعد العصر بقليل استلقيت على الفراش ورحت أتأمل فى اللوحات الكثيرة على حوائط الغرفة ومعظمها كان أحجاما مختلفة للصرح الهندى الجميل «تاج محل» ولكن ما هى إلا لحظات حتى جاءنى رنين التليفون بخبر أن على أن أذهب لمقابلة الأمير عند حمام السباحة وعندما توجهت إلى هناك لم ألحظ وأنا فى الطريق وجود أية فتاة ممن رأيتهن من قبل وعندما وصلت لحمام السباحة وجدته محاطاً بحائط زجاجى شفاف وبه مدخل واحد إلى اليمين دخلت ولم أجد أحدا فدرت دورة كاملة حول الحمام ثم جلست أنتظر لاحتكاك زجاج ببعض ورأيت تمساحا ضخما يخرج من فتحة سحرية فى الحائط الزجاجى خرجت مسرعة من تحت الماء وسبحت نحو الباب الذى دخلت منه فى الجهة المقابلة وخرجت من الماء مرعوبة فى لحظة دخول التمساح فى الماء وسباحته نحوى بسرعة وقفت قليلا أتحسس الحاجز الزجاجى لأعثر على الباب واقترب التمساح منى وركلت الهواء بقدمى باتجاهه فتراجع قليلا من يستعد للهجوم وأكسبنى هذا التراجع ثانية تمكنت فيها من فتح الباب والخروج منه وإغلاقه خلفى لحظة هجوم التمساح واصطدامه بالحاجز، غير مصدقة أنى نجوت، فى ذهول سمعت نباحا فتلفت حولى لأرى ثلاثة كلاب «دوبرمان» متوحشة تجرى فى اتجاهى حول حمام السباحة جريت لا أعرف إلى أين أذب؟ ولكنى لمحت حظيرة مكشوفة للخيول وقدرت أننى إذا وصلت إليها سأكون فى أمان وبالفعل نجحت فى ذلك ودخلت الساحة التى تقف فيها الخيول العربية الجميلة وفى نفس اللحظة التى أقفلت باب الحظيرة خلفى انسحبت الكلاب عائدة وكأن هناك من يتحكم فيها عن بعد وبالفعل رأيت رجلا أسود يختفى داخل المبنى وهو يضع فى فمه صافرة لم أسمع لها صوتا. بدأت جولة فى الساحة لأبحث عن مخرج يبعدنى عن التمساح والكلاب كنت منزعجة ومتضايقة مما أتعرض له فوجدت نفسى أنزلق عبر فتحة انشقت تحت قدمى فجأة لأسقط متزحلقة فوق لوح معدنى ناعم وبارد فى غرفة مظلمة أُضيء جزء منها لأرى مجموعة من الثعابين السامة يفصلنى عنها حاجز زجاجى سميك ومن خلفى وجدت سلما حديدا سلما رأسيا ملتصقا بالجدار فتسلقته مذعورة وعند وصولى قمته وجدت بابا خشبياً يرفع لأعلى فدفعته مرة لأفتحه فلم يستجب ونظرت أسفل السلم لأرى الحاجز الزجاجى يرتفع والثعابين تزحف منه فدفعت الفتحة العلوية مرة أُخرى بكل قوتى فانفتحت فجأة محدثة صوت فرقعة عالية وخرجت برأسى أولا لأستكشف ما حولى فرأيت الأمير واقفا يصفق لى قائلاً:- لقد نجحت فى الاختبار الأول أرجوك تعالى معى أعتذر بشدة إذا كنت قد أصبتك بهذا الخوف.

- خوف فقط إنه رعب لم أتعرض له من قبل.

كانت ملامح الرعب تكسو وجهى ولكنى لم أعلن ثورة غضبى على ما مررت به فقد قدرت أننى كنت مخطئة فى الحضور وأن مصيرى فى يد هذا المعتوه وتأكدت من أنه مجنون عندما مشيت معه صامتة حتى وصلنا إلى شرفة عالية ووقفنا خلف زجاج داكن يطل على حمام السباحة يسمح برؤية ما خلفه ولا يرى أحد من الخارج الواقفين وراءه وكانت الشمس تميل للغروب ورأيت فتاة تسبح فى الحمام غير مدركة لخطورة موقفها فهى لم تر ذلك التمساح الضخم إلا عندما اقترب منها فى الماء فصرخت ثم اختفت تحت سطح الماء وابتسم الأمير وهو ينظر لى وفرت دمعة ذعر من عينى حاولت أن أخفيها وقال الأمير:

- كنت أذكى من هذه البلهاء تعالى لنشرب معا كأس الغروب

- أنا لا أشرب

قررت فى هذه اللحظة أن على الهرب من هذا المكان ولكن كيف؟ ويبدو أن الأمير قرأ أفكارى فأضاف:

- أرجو أن لا تحاولى الهروب من قصرى فأنت ترين..

قاطعته وصوتى يقترب من البكاء:

- كم عدد من لم ينجحن؟

- ليس كبيراً

رفع كأس الشراب وأفرغه دفعة واحدة فى فمه مع مغيب الشمس وانصرف مسرعا ودخل رجل أسود ليصطحبنى لغرفتى دخلت الغرفة ووجدت كوبا من العصير موضوعا بجوار الفراش وكان حلقى جافا كالعصا فشربت منه عدة رشفات وأنا ألف وأدور فى الغرفة أبحث عن فكرة أو خطة للهروب بسرعة من هذا المكان ثم أدركت بعد فوات الآوان أن الشراب الذى شربته موضوع فيه مخدر لأننى وقبل سقوطى على الأرض سمعت زئيرا لمجموعة أسود. عندما استيقظت فى الصباح وجدت نفسى فى سريرى وأرتدى ثوبا حريرياً ودخلت وأنا أفتح عينى فتاة هندية تتحدث الإنجليزية بطلاقة قالت:

- صباح الخير لابد أنك جائعة أحضرت لك إفطارا.

صافحتنى وهى تشدنى لأجلس فى الفراش ووضعت فى يدى مفتاحا غريبا ونظرت لى فى خوف من أن أفشى سرها فأغمضت عينى إشارة إى أنى فهمت فابتسمت وخرجت من الغرفة وهى تنظر نحوى مشفقة قمت من الفراش وارتديت ملابسى وأخفيت المفتاح الذى أخذته من الخادمة الهندية وجلست أتناول إفطارى وإحساسى بأنى مراقبة يتزايد وبالفعل بمجرد أن انتهيت من تناول الإفطار أن التليفون وأبلغت أنى سألتقى الأمير فى البهو الرئيسى بعد عشر دقائق ليصحبنى فى جولة فى القصر ثم سنحضر معا حفلا موسيقيا فى الحديقة نتناول طعام الغذاء خرجت إلى شرفة غرفتى وكانت تطل على حديقة واسعة رأيت فى أطرافها عدة أسود تستلقى فى كسل فى الشمس فأصاب جسدى قشعريرة ولكنى تماسكت وتوجهت نحو باب الغرفة لألحق بموعد الأمير الذى هلل مرحبا بى ثم سرت بجواره وهو يقول:

- أرجو أن تكونى قد نمت جيدا.

لم أرد وسار مسرعا وانطلقت خلفه مهرولة وخرجنا من البهو الرئيسى إلى حديقة مترامية الأطراف مررنا فيها بحديقة حيوانات منها الأسود ومجموعة غزلان وزرافة وقرود ونعام وطيور متنوعة كل منها موضوع فى مساحة مسورة، مشينا قرابة الساعة ومررنا بسور من الأشجار لاحظت وجود بابٍ خفى خلف الأشجار فيه وتساءلت هل المفتاح الذى أعطته لى الفتاة خاص بهذا الباب؟ وأن هذا الباب هو طريق الهروب من هذا المحيط بى ولكن كيف أتخلص من صحبة الأمير؟ لأصل لهذا الباب خلف الأشجار تثير العديد من الحفل لأنى لأشعر بالإرهاق وطلبت منه أن يتفضل ويأمر بإرسال طعام الغذاء لأتناوله فى غرفتى فوافق وانسحبت وعندما وصلت الغرفة ارتميت على أقرب كرسى وأنا أبحث عن موضع الكاميرا التى تراقبنى ونجحت فى رؤيتها عندما لمحت ضوءاً ينعكس أعلى «أباجورة» موضوعه بجوار الفراش قمت ودرت بالغرفة فتحرك رأس عمود الأباجورة حركة بطيئة يصعب رؤيتها كان على أن أعطلها أولا قبل أن أستطيع أن أتحرك بحرية قمت وأنا أترنح متجهة نحو الفراش وتعمدت الاصطدام بها وإسقاطها على الأرض قبل أن أرتمى على الفراش ولكن ما هى إلا لحظات حتى إلى الأباجورة» وعدَّل وضعها كما كانت وخرج دون أن ينطق كلمة واحدة تناولت الغذاء خرجت إلى الشرفة لأتبين موقعى من سور الأشجار والباب الذى رأيته جولتى مع الأمير فلم أر لا السور ولا الباب فقررت أن أصعد فوق سطح القصر لأكشف كل جوانبه عدلت وضع الكاميرا ثم فتحت باب الغرفة ببطء ولم أجد أحدا فتحركت نحو الدرج ووجدت بابا أعلى الدرج فتحته كان يفضى إلى السطح فعلا درت بسرعة بعد أن حددت مكان غرفتى وتبين لى أن أسور الأشجار والباب فى الجانب الذى تقع فيه الغرفة ولكنى لا أراهما من زاوية شرفتى ورأيت سورا طوليا غير عريض يمر بحمام السباحة ويفصل بين ساحتى الأسود والكلاب الشرسة وممتد حتى صف الأشجار الذى يختلف خلفه الباب السرى وهذا السور يجاور الماسورة القريبة من شرفة غرفتى عدت لغرفتى بسرعة لأجد بطاقة دعوة على العشاء مع الأمير فقررت أن أعتذر عنها وأنتهز الفرصة للهرب فى ستار الليل نمت من التعب والإرهاق الشديد بسبب التوتر وصحوت بعد قليل منتفضة على صرخات فتاة مذعورة آتية من جهة حمام السباحة ثم سكتت فجأة وكانت الشمس تميل للغروب، اتصلت بالأمير وردت على فتاة قالت إنه غير موجود الآن فأبلغتها باعتذارى عن عدم حضور العشاء نظراً لشعور بالمرض فقالت إنها ستبلغه وفى الموعد المحدد للقاء الأمير فى التاسعة مساء صعدت فوق سطح القصر للتأكد من مغادرته مع مدعويه وعندما غادر الجميع عدت بسرعة لغرفتى وانتظرت ساعات لا أستطيع النوم حتى سمعت جلبة وضحكات العائدين من السهرة فقررت الانتظار حتى يخلد الجميع إلى النوم وقريبا من الفجر استطعت النزول من الشرفة على المواسير القريبة من الغرفة وقفزت فوق السور ورحت أعدو بسرعة فى عند الباب ووضعت المفتاح فيه فانفتح وتنفست الصعداء وأنا أدفعه ورأيت سيارة على بعد أمتار قليلة وتلفت حولى وأنا أسمع صرخات فتاة أُخرى مع لحظات الشروق ولمحت الأمير واقفا فى شرفته ممسكا بكأس رفعها وشرب ما فيها قليلة وتلفت حولى وأن أسمع صرخات الفتاة فى غياهب الصمت قفلت الباب خلفى وجريت نحو السيارة لأرى من بداخلها فلم أجد أحدا فتحت الباب فانفتح ووجدت المفتاح راقداً فى مكانه ولاحظت وجود خريطة فوق التابلوه تحدد مسارا علىَّ إتباعه فأدرت السيارة وانطلقت بسرعة فى خط السير الذى حددته الخريطة تلفَّت خلفى فرأيت سيارة تحمل خمسة رجال سود يطاردوننى مسرعة فزدت من سرعتى والسيارة المطاردة تزيد من سرعتها وتحاول أن تلحق بى حتى انقلبت فى أحد المنحنيات فأبطأت سرعتى حتى تجاوزت الحدود وحمدت الله على نجاتي.

 

المصدر: محمود حجاج - مجلة حواء
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 1060 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,773,178

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز