لاختيار شريك الحياة، طرق تختلف من زمن إلي آخر، ومن دولة لأخري.. ومن أطرفها ما كان يتم في بعض المجتمعات الايطالية القديمة.. فقد كان الشاب طالب الزواج يذهب لزيارة الأسرة التي لديها فتاة في سن الزواج.. وهناك يتأمل الشاب الفتاة فإذا نالت إعجابه، أخبر والدها بذلك.. أما إذا لم تعجبه، فإنهم يخبرون الفتاة، بأن الشاب قد جاء ليلعب الورق.
وفى بعض المجتمعات المحافظة نجد أن الأسلوب الشائع للاختيار هو أسلوب الوسيط.. وزمان كانت الخاطبة هى التى تقوم بدور الوسيط فى انتقاء العروس. وكان أهم ما يفضله الشاب فى الفتاة هو جمالها، وما تمتلكه من مال، فضلا عن مقام أسرتها.
أما العروس، فقد كانت تفضل العريس الذى يحصل على مرتب ثابت، ويفضل الثرى منهم.. أما عن الفروق الشخصية أو عن طباع العروسين، أو عن تواجد الميول العاطفية بينهما، فلم يكن لها نصيب من الاهتمام.. وأحيانا يقوم الأهل أو الأصدقاء بدور الخاطبة.
أما فى زماننا الحاضر، فمن العجب أن دخل «السمسار» إلى حلبة «جمع راسين فى الحلال»، وبالرغم أنه على الوجه الآخر من الصورة نرى أن مجال الاختيار قد اتسع، وأصبح الشاب يختار شريكة حياته من خلال اختلاطه بالفتيات فى الدراسة، والعمل، والنوادى، والحفلات.. ومن خلال هذه اللقاءات تتاح الفرصة للتعارف، وفهم ودراسة طباع وأخلاق شريك الحياة.. وفى هذه الحالة، يكون الاختيار حرا، ولا دخل فيه للأهل، أو الأقارب، ويمكن أن يحقق نجاحا بعد الزواج نتيجة لوجود التفاهم، والانسجام بين الشريكين.. هذا طبعا إذا سمحت ظروفهما المالية باتمام الزواج بكل مستلزماته.
عجائب الاختيار
ومن العجب أن الإنسان ليس هو المخلوق الوحيد الذى يختار شريك حياته.. فإن بعض الحيوانات تختار أيضا.
فمثلا فى عالم حيوان البطريق، يحرص ذكر البطريق، دائما، على أن يتعرف على ميول من يختارها من الإناث، ولهذا فإنه يحاول جاهدا أن يدرس حركاتها، وسكناتها، قبل أن يقترب منها. وفى اليوم التالى يبدأ فى استعراض جسمه، ويأخذ فى اللف حولها، ويدور مرة أو مرتين.. بينما هى تبدو غير آبهه به.
ولكى يتبين مدى استجابة الأنثى له، يتعهد ذكر البطريق أن يلقى فى طريق أنثاه «حصاة» أو ثمرة كريز.. فإذا التقطت الهدية بمنقارها، كان هذا بمثابة رد بالقبول.. أما إذا تركتها، وعزفت عنها، فيكون هو إعلان بالرفض.
فعلى أى أساس يختار الإنسان شريك حياته؟
كل إنسان يتمنى فى شريك حياته توافر عدة صفات.. فما الذى يتمناه كل من الشاب، والفتاة، فى الطرف الآخر؟
تقول الفتاة الناضجة فكريا: أتمنى فى شريك حياتى، أن يكون ذكيا واسع الحيلة، يتميز بتحمل المسئولية، والاعتماد على النفس.. يكون له رأى وشخصية. طيب القلب.. يهتم بشئون المنزل.. غير شكاك يظهر اعجابه وتقديره لى.. حنونا ومحبا..
ثم تضيف بحسم: وأن يكون قادرا ماديا للعيشة الصعبة.
أما المتعقل الناضج فكريا فيقول: أحب الفتاة المثقفة، غير المغرورة، التى تشاركنى انفعالاتى، واحاسيسى.. والتى تتحمل معى المسئولية، وهى الأنيقة والجميلة، المتفهمة لطبيعة عملى، التى تتحدث بلباقة.. الصادقة فى محبتها، والناضجة فى سلوكها واتجاهاتها.
ثم يضيف بجدية تامة: وأن تمتلك موردا ماليا، إلى جانب دخلها من مرتبها، لتعينه الحياة، والمستقبل.
حكيم مصري
وهنا لنذكر نصح رجل حكيم مصرى لابنه المقبل على الزواج، بأن يطلب فى شريكة حياته: «رجاحة العقل قبل جمال الوجه.. ودماثة الطبع قبل سحر الجسد.. وخفة الروح قبل فتنة المظهر. وطيبة القلب قبل كل شىء».
ولكنى، والحقيقة تقال، اتساءل، هل تصلح نصيحة هذا الرجل الحكيم جدا، فى زماننا هذا، زمان الكليبات إياها.. والمشاهد التى تسقط كالمصائب فى الأفلام الخسيسة على كل أجهزة المشاهدة الحديثة، وليدة التكنولوجيا الدنيئة؟
طريق الحكمة
ونرجع لموضوعنا، من أجل الجادين طوقا لبناء حياة أسرية سليمة، ومتينة، ترفرف عليها السعادة، والهناء.. فنعرض لنصائح ثمينة، وعملية لإثنين من أشهر علماء النفس بالولايات المتحدة الأمريكية، التى يوجهونها للمرأة الذكية الناجحة فى عملها، والفاشلة فى حياتها العاطفية، وهى الغالبية من مجتمعاتنا:
«لا تنبهرى بالانطباع الأول» عن الرجل، من المهم أن تعلمى جيدا أنه ليس هناك رجل كامل إلا فى الروايات.
لا تقنعى نفسك بأنك قادرة على إصلاح عيوب الرجل، تخلصى من صورة الأب باعتباره النموذج المثالى.. اقتصدى فى توقعاتك ولا تسرفى فى الآمال».
تساؤلات مهمة
وقبل أن تتسرعى فى إعلان ارتباطك بشريك الحياة، يجب أن تناقشى معه، وبوضوح، هذه الأسئلة:
هل هناك تفاهم بينكما؟ فكريا، ونفسيا، وعقائديا؟
هل يعطى كل منكما للآخر كل عناية ممكنة؟
هل يساعد أحدكما الآخر على التمتع بالراحة، والضحك والمرح؟
هل يمكن أن تتشاركا فى الأعباء والمستلزمات المنزلية؟
هل هناك مشاعر قوية من الصداقة بينكما؟
هل من الممكن تقبل أخطاء الطرف الآخر؟
هل يفهم كل منكما طباع وانفعالات الطرف الآخر؟
هل من الممكن أن يتخلى كل منكما عن أشياء معينة لإرضاء احتياجات الآخر؟
هل تناقشان معا أحلامكما وآمالكما بالنسبة للمستقبل؟
كيف تتعاملان مع المشكلات التى قد تعترض طريقكما؟
عزيزتى العروس، إن الإجابة على هذه الأسئلة تفتح أمامك الطريق، لتفهم مدى توافقك مع الطرف الآخر قبل إتمام الزفاف.
إن شريك حياتك هو الذى يجب أن يناسبك من حيث العمر، والمستويات الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والتعليمية، والروحية.
إن التجانس فى الخصائص السالفة الذكر، أحد البواعث على تحقيق التوافق الزواجى.. كما أن الزواج الناجح لا يقوم على اتحاد بين شخصين متشابهين، فإن الزوجين يجب أن يكمل أحدهما الآخر.. لكن لا تأملى فى تغيير صفات شريكك بعد الزواج.
ساحة النقاش