كيمياء الحب .. ومشاعر الصد والنفور (2)

كتبت:سكينة السادات

حكيت لك الأسبوع الماضى حكاية قارئتى ناهد (34 سنة) وهى إخصائية اجتماعية محترمة ولها أبحاث هامة فى عالم (سيكولوجية الطفل أو المراهق) وهى سمراء لطيفة ترتدى ملابس محتشمة لكنها تدخل القلب عندما تتحدث معك وكلامها هادىء من أسرة متوسطة مثل أسرنا جميعا وأنها تسكن مع أسرتها حى الزيتون فى عمارة قديمة لكنها نظيفة وحجراتها متسعة وأن والدها موظف حكومة وأن معظم الجيران من موظفى وزارة الحربية المدنيين أو من الضباط القدامى الذين على المعاش الآن .

قالت أن مأساتها أنها كانت قد بلغت سن الثلاثين دون أن تتزوج أو حتى تنعقد لها أى خطوبة لأن عدد من تقدم لخطبتها لم يزد على عريسين كانا لايصلحان عند للزواج أصلا ! وقالت ناهد أن يوم عيد ميلادها الثلاثين كان بمثابة (المأتم) عند أمها وأبيها خاصة أنها الأخت الكبرى لخمسة أشقاء منهم فتاتان وصلتا لسن الشباب !!

وتستطرد ناهد .. بعد عيد ميلادى الثلاثين بعدة أيام جاءت جارتى بخبر مفرح وهو أنها قد عثرت على العريس المناسب لى وهو شاب فى الأربعين من العمر يعيش فى بلد عربى شقيق كان قد تزوج سابقا لكنه لم يوفق لأسباب لاتعرفها هى لكنه لم ينجب من زوجته السابقة وقالت جارتنا أنه رآنى وأنا عائدة من المدرسة وأنه يرغب فى أن يتقدم لخطبتى إذا كان هناك الاستعداد لاستقباله !

فرحت أمى وفرح أبى فرحاً شديداً وقالوا أنه ليس فيه أى عيوب ! باقى أن نراه ونجلس معه وأن أوافق أنا عليه !

وجاء العريس المنتظر ! شاب صحيح (طول بعرض) يرتدى بذلة وكرافت ومظهره لا بأس به وأحضر معه علبة شوكولاتة محترمة وباقة ورد جميلة إلى كل هذا طيب وجلس مع والدى فى صالون بيتنا ودخلت أسلم عليه وأراه لأول مرة ! لم أشعر بشىء! لم أنجذب إليه ولم أنفر منه ، هو يتصرف بخجل وأدب لكن فى داخلى لم أشعر بأى شىء !!

وتناولنا الشاى والجاتوه وقال أنه عرف أننى أعمل إخصائية اجتماعية فى إحدى المدارس وأنه من السهل أن يجد لى نفس الوظيفة فى البلد الذى يعمل به محاسبا فى إحدى الشركات وقال انه مستعد لكل طلباتنا وأن عنده شقة من ثلاث غرف فى حى كوبرى القبة كانت تعيش فيها أسرته لكنها خالية الأن بعد وفاة والده ووالدته وزواج أخوته وأخواته واستقلالهم بشقة خاصة بهم ، وقال أنه مستعد لعمل ديكور جديد وفرش جديد بالشقة وقالت والدتى ووالدى .. عداه العيب!

لاشىء يعيبه وخاصة أنه مؤدب ومحترم!

ماذا أقول ، لاشىء .. الواقع أننى عانس فى الواحد والثلاثين ولم يتقدم لى عريس أحسن منه وليس لى أية علاقة بأى رجل !

تزوجنا بعد أن قام بكل تعهداته وسافرت معه إلى البلد الذى يعمل به بعد أن أخذت إجازة بدون مرتب لمدة عام يتجدد ووفقه الله فأوجد لى عملا بمدرسة اعدادية مثل التى كنت أعمل بها . لكننى ياسيدتى .. وهذه هى مأساتى ... لم أحبه ! لم تحدث أى كيمياء بينى وبينه رغم أنه إنسان معقول جدا .. ليس كريما ولا بخيلا وهو عادى فى معاملته لى حتى فى علاقتنا الحميمة معقد لا وسطا ، حاولت أن أحبه وحاولت أن أقترب منه لكن شيئا ما كان يجعلنى على الحياد ! لا حب ولا كراهية ولكن الأقرب إلى نفسى البعد والصد والنفور .

قضيت عامين معه فى الغربة وعدت منذ بضعة أيام فى إجازة لكى أرى أهلى وسألتنى أمى .. مبسوطة يا بنتى ؟

قلت لها .. لا ما أعرفش الدنيا عادية لا فرحة ولا زعل ولا أى شىء !

قالت .. لكنك تحبين زوجك ؟

قلت لها .. لا أعرف .. هو لم يؤذنى وأنا لم أجرحه فى شىء ؟ قالت لى أمى :

لماذا لاتحبينه ؟ هل صدر منه أى شىء ؟

قلت .. ليست هناك كيمياء بينى وبينه ! الأمور كلها مملة وعادية ولولا أننى اعمل وأقضى وقتا كثيراً فى العمل لكنت قد اختنقت من الزهق !

قالت - ولماذا لم يحدث حمل حتى الأن ؟

قلت .. لا أنا اهتممت بهذا الموضوع ولا هو وعندما سألته لماذا لم تحمل زوجته الأولى التى قضت معه 4 سنوات قال أنه سليم وأنها القسمة والنصيب !

واستطردت ناهد .. بصراحة ذهبت إلى الطبيبة ومختصين وقالت أننى سليمة مائة فى المائة وليس عندى ما يعوق الحمل والولادة !

واستطردت ناهد .. ياسيدتى .. أنا محتارة هل أكمل حياتى معه على تلك الوتيرة المملة ؟ حياة بلا حب ولا مشاعر ولا طفل أم أعود إلى بيت أبى وأعود إلى مدرستى التى مازلت أحتفظ بوظيفتى فيها وأكرر أنا لست غاضبة من زوجى وهو لم يفعل مايغضبنى ؟


بصراحة يا ناهد أنا محتارة مثل والدتك تماما ؟ كيف لم تستطيعى خلال عامين أن تقربيه منك وتخلقى بينكما ولو قصة حب وعشرة ؟ وكيف لم تطلبى منه أن يذهب معك إلى الطبيب كى يفحصكما معا من أجل الخلفة ؟ وكيف تكونين بهذه السلبية حتى ولو كان مفتعلاً فى البداية ثم يحدث التعود طبعا عودى إلى زوجك ونفذى البنود السابقة والله يوفقك !!

المصدر: مجلة حواء -سكينة السادات

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,863,804

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز