لماذا .. يا حبيب العمر ؟(1)

كتبت:سكينة السادات

إذا ما خير الإنسان بين المال والحب فأيهما يختار دائما ؟ الجواب هو أن ذلك يرجع بالضرورة إلى الشخصية نفسها فإذا كان المخير ذو طبيعة رومانسية فسوف يختار الحب قبل أى شئ آخر فى الدنيا كما فعل ملك انجلترا عندما تنازل عن العرش (كان أيامها عرش الامبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس) من أجل أن يتزوج من مطلقة أمريكية ليست جميلة لا يحق للملك أن يقرن بها ويجئ بها ملكة لانجلترا !! ممنوع دستوريا.

ترك العرش والملك والجاه والمال الذى بلا حدود وفضل الزواج ممن يحب وعاش فى شقة متواضعة ودخل محدود للغاية بالقرب من حبيبة العمر!

أما إذا كان المخير إنسان مادى أى يحب (الفلوس) أى المال والجاه أكثر من أى شئ آخر فى الحياة فإنه سوف يختار المنفعة المادية أى المال وشعاره إذ ذاك أن المال يشترى كل شئ !! يشترى العواطف والنفوس والألقاب والمظاهر وكل شئ ويعتقد الشخص المادى أنه طالما امتلك المال فلا شئ يقف أمامه ولكن هيهات هيهات ! فلا المال يشترى الحب ولا العواطف ولا صدق وطهارة المعاملة ولا راحة البال ولا أى شئ يتعلق بالراحة النفسية للإنسان ! نعم حتى يشترى المال الفيلا والسيارة والشركة والملابس الأنيقة والتعليم فى المدارس الخاصة والأجنبية ولكن بضع لحظات يخفق فيها القلب المشتاق ويرتوى بحنان من يحبه ويخلص له أثمن مليون مرة من كل المظاهر ولكن .. هل استمرار الحب مضمون إذا ما ضحى الإنسان بكل شئ من أجله، هذا حديث آخر سوف نتناوله فى حكاية قادمة، وأقول لك باختصار شديد (ودوغرى) جدا لاشئ مضمون فى هذه الدنيا سوى الإيمان بالله الواحد القهار والحقيقة الوحيدة هى الموت فى آخر المطاف والله لطيف بعبادة، يهدى من يشاء إلى سواء السبيل .

 

عذرا لهذه المقدمة الطويلة لكننى لا أنكر تأثرى الكامل بحكاية اليوم التى روتها لى من خلال دموعها الابنة الجميلة الشابة دينا - 30 سنة - وأقول أننى تأثرت كثيرا وترددت فى إبداء الرأى والنصيحة، ولكن فى النهاية أحسست بجرحها العميق وطلبت مهلة من الوقت يلعب فيها الزمن لعبته لكى تهدأ النفوس !

 

قارئتى الشابة دينا سمراء سوداء الشعر أنيقة، جامعية، من أسرة متوسطة مثلنا جميعا، تعمل فى شركة سياحة معروفة ولها مكانة مرموقة بتلك الشركة .

قالت لى وأقسم أن دموعها أبكتنى أنا كثيرا :

- صعبان على أمى .. صعبانة نفسى على كثيرا ! أهكذا تكون الدنيا ؟ غدارة إلى هذا الحد ؟ وهل هذا هو مصير من يخلص فى الحب والحياة ؟

قالت : فى الجامعة لم تكن لى حكاية حب كانت كلها صداقات بريئة وزمالة ورحلات فأنا نشيطة جدا وكنت أتولى لجنة الرحلات فى كلية السياحة والفنادق التى حصلت منها على ليسانس ودبلومة !

وكان هو حبيب عمرى قد تخرج فى نفس الكلية والتحق بالعمل فى إحدى شركات السياحة الأجنبية ومن هذا المنطلق تعارفنا ووجدنا هوايتنا وهى الرحلات والسياحة والإشادة بتاريخ مصر بل التميز فى ملء أذن السائح بكل جميل وبهيج وتاريخى صادق من تاريخ مصر الحافل بأجمل الانتصارات وحكايات الحب والنبوغ.

التقينا فى إحدى الرحلات ولم أكن قد عرفت الحب وأحببته من كل قلبى وكان سنى فى ذلك الوقت حوالى 23 سنة وكنت فى السنة الأخيرة فى الكلية !

تستطرد قارئتى دينا : كنت أقرأ كثيرا وأمده بأحلى قصص الحب الفرعونية وكان هو كمرشد سياحى يفرح بها ويطلب الاجتماع بالوفد المرافق له بعد شرح تاريخ الآثار التى يشاهدونها لكى يحكى لهم عن قصة حب الملكة نفرتيتى وكفاح الملك أحمس وكيف ضحت أمه الملكة «تى» بحياتها من أجل تربيته وتنشئته وكيف هزم أحمس الهكسوس ، وكان حبيبى معتز يفرح ويتمسك به الأجانب وينجح فى عمله ويكافئونه مكافآت مجزية !

كان يقول لى أننا سوف نتزوج بعد أن يجمع المبلغ الذى يمكنه من شراء شقة وشبكة ومهر وكان من أسرة فقيرة إذ كان أبوه مدرسا على المعاش وله من الإخوة والأخوات ثمانية فى مختلف مراحل التعليم وكانت أمه سيدة بسيطة تعيش على معاش زوجها البسيط وما يرسله لها ابنها من إعانات وكانت شقيقاته كما كان يروى لى وهو فى حالة اختناق لا يسكتن طلب الملابس والحقائب والأحذية أما إخوته الصبيان الخمسة فكانوا يطلبون المال للدروس الخصوصية ومسابقات الرياضة ولم يكن يستطيع أن يتأخر عن الجميع !

وقررت الشركة التى يعمل بها حبيبى الذى كنت أصبر على ظروفه الخانقة وأقدر موقفه - قررت أن ترسله رئيسا لمكتبها فى الغردقة مع دوام ممارسته لعمله فى الإرشاد السياحى .. وقال معتز أنها فرصة لكى يوفر بعض المال لزواجنا ثم كان سفره بعيدا عنى لكن مكالماتنا كانت متواصلة حتى جاء وقت قلت مكالماته بعض الشئ ثم جاء فجأة إلى القاهرة والتقى بى وكانت المفاجأة 

هى المفاجأة الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية ! 

 

المصدر: مجلة حواء- سكينة السادات

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,749,944

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز