حتى لا نحرم المرأة حقوقها من جديد
كتبت :ايمان حمزة
لم يعد الوقت يسمح لمزيد من ضياع الجهود .. فى التشكيك بقضية المرأة والعودة بها إلى الوراء فتنمية المرأة هى تنمية للأسرة وللمجتمع ككل ..
ولا يمكن أن تقوم تنمية فى مجتمع ونصف قدراته مهدرة فالمرأة تمثل نصف المجتمع وهى المسئولة عن إنجاب وتربية وتنشئة النصف الآخر .. وكما خلق الله آدم وخلق من نفسه من ضلعه القريب من القلب حواء .. ليكونا معاً من نفس واحدة وأمرهما سوياً بأن يعمرا الأرض وهو أمر إلهى بالتكليف للمرأة مع المرجل .. وهو بدء البشرية والإعمار والتنمية للإثنين معاً من هنا كان هذا حقاً سماوياً والآيات القرآنية تؤكد : «والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» إعلاء لقيمة المرأة من الله الخالق .. وللأسف جاءت عصور ليحيد فيها الناس عن صحيح دينهم بمغالطات أتت بها عصور الظلام لتسلب المرأة حقوقها التى كرمها بها المولى .. ولهذا أصبحت مهمتنا التأكيد على دورنا فى إعادة الوعى بهذه الحقوق .. حقها فى الحياة الكريمة فى الرعاية الصحية والتعليم دون تمييز حقها فى ذمة مالية خالصة فى أن توافق على من تختاره زوجاً لها دون إجبار .. مثلما يحدث فى بعض البلدان من زواج القاصرات وأمور أخرى .. حقها فى العمل لتعيل نفسها وتساعد أسرتها وزوجها مع غلاء الحياة وخاصة أن لدينا 25% من الأسرة المصرية تعولها إمرأة .. وحقها فى رفع مستواها المادى من خلال التنمية الإقتصادية وحقها فى أن تشارك فى صنع مجتمعها مع الرجال كمواطن له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات وهو ما يقره دستورنا وبالتالى حقها فى المشاركة السياسية وفى مواقع صنع القرار ..
رهان حضارى
فالتنمية الحقيقية للمرأة هى السبيل للنجاة من ثلاثية الفقر والخوف والتمييز .. لها ولأسرتها ككل وللمجتمع وهو السبيل لإستقرار الشعوب بتحقيق العدالة الإجتماعية والأمان والرخاء فقضية المرأة والتنمية هى رهان حضارى وقضية إنسانية ذات أبعاد سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية وتكنولوجية وبيئية متشابكة .. وهى تستوجب وضع سياسات وبرامج تساعد على الإستفادة بما يتوافر للبشرية من موارد طبيعية .
ولن يتحقق ذلك إلا من خلال برامج لتكوين وتوعية المرأة بحقوقها فى كل المجالات وتبدريبها وتأهيلها ومساعدتها على الإستفادة من كل ما يتيحه المجتمع المدنى مع مؤسسات الدولة من موارد وتدريبها وتجديد فى مجال التكنولوجيا .. ودعم وتشجيع الخطاب الدينى المستنير ومشاركة رجال الفكر والثقافة والإعلام المستنرين .
فالمرأة والرجل معاً يكونان قوة تعبر بنا فوق التحديات والصعاب من أجل تحقيق الأحلام والطموحات لنا ولأبناءنا ولبلدنا جميعاً .. وهو ما نحتاج إليه بشكل أكبر من أى وقت من أجل أن نعيد بناء إقتصادنا .. وإحتياجات مجتمعنا من جديد وبشكل سريع حتى تتحقق أهداف ثورة 25 يناير التى حررت البلاد من الظلم بنهب الممتلكات والأرض والأموال من قلة قليلة وحرمان الشعب المصرى من حقوقه وممتلكاته .. وحتى يتحقق الهدف الذى نسعى إليه من العدالة الإجتماعية لكل المصريين .. والحرية الحقيقية لكل مواطن .. حرية مسئولة تبنى ولا تهدم فلا يجوز بعد أن قطعناً كل هذه السنوات الطوال من العمل والكفاح للوصول إلى التأكيد على عدم التميز والتكامل بين المرأة والرجل لتحقيق المساواة فى حقوق الإنسان .. والذى نقره جميعاً بعد أن كرم الله المرأة فى الأديان السماوية وفى عصر الفراعنة كرمها الإنسان المصرى القديم الذى صنع أعظم حضارات العالم .
مصر تحتاج لكل الطاقات وليس بتهميش نصف طاقة المجتمع وإهدارها فلننطلق معاً .. نزرع أرضنا ونستعيد إنتاج إحتياجاتنا الغذائية ومن خلال إستصلاح الصحراء وإستغلال مواردنا المائية والمحافظة عليها بالتكنولوجياً الحديثة من الرى وبالنظريات العلمية والعملية لعلمائنا .. نعيد إهتمامنا بالصناعة لنرفع إسم صنع فى مصر ونستغل كل طاقاتنا البشرية وعقولنا المفكرة .. معاً نطور التعليم فى بلدنا .. ليحقق ما يفيدنا وأيضا يتناسب مع إحتياجات سوق العمل فى مصر والعالم من حولنا .. أن نعيد الإهتمام بالتعليم الفنى .. وإستعادة مهارات الفنيين المصريين ولا نهتم فقط بالكليات وخريجيها .. فالمجتمع يحتاج لكل هذه الطاقات معاً وليعمل كل منا على محو أمية إنسان آخر لم يحظ بالتعليم .. ولنستغل هؤلاء الشباب المتعلم فى هذه المهمة .. مع جهود الجمعيات الأهلية .. مع مؤسسات الدولة .. فعلينا أن نربط عملية محو الأمية بفرص عمل وتعليم حرفة لكل مواطن لتعينه على الحياة الكريمة فى هذا الزمن الصعب .. المرأة والرجل معاً لمواجهة العشوائيات ورفع مستوى الحياة الإنسانية لمساعدة الإنسان المصرى فى كل القرى والنجوع الأكثر إحتياجاً .. وتعمير سيناء .
المرأة رئيس جمهورية
ولنقف جميعا فى وجه من يريدون أن يعيدونا إلى الوراء فى وقت ينطلق العالم فيه بقوة إلى الأمام وفى وقت انطلقت فيه المرأة على مستوى العالم بما فيه العالم الإسلامى والعربى لتأخذ حقوقها كإنسان دون تمييز وهو الحق الذى وقعت عليه مصر فى الإتفاقيات الدولية من حقوق الإنسان وحقوق الطفل وإتفاقية عدم التمييز .. ولنترك لها الفرصة لتفرض كفاءتها من أجل صالح مجتمعنا فحقوق المرأة هى حقوق للمجتمع ككل .. ولنترك لها فرصة المشاركة السياسية فى البرلمان لتعطى كما أعطت بنجاح من قبل وكما نجحت المرأة فى العالم لتصل إلى رئيس برلمان فى الهند والأرجنتين وألبانيا وغيرها بل لنعطيها الفرصة للترشح إلى منصب رئيس الجمهورية فالدستور يبيح هذا الحق .. فهل تثرى التجربة المصرية لتعرض رؤيتها وبرامجها لصالح المجتمع وإن لم تكن هذه الفرصة متاحة فى هذه المرة فلنمهد المجتمع لها فى المرة المقبلة .. أحلام مشروعة نتمنى تحقيقها يوما لتكتمل قدرات وطاقات كل المصريين من أجل مصالح كل أبناء مصر وإعلاء إسمها عاليا دائما.
ساحة النقاش