بـــــــــعد الثــــــورة
هل أموالك فى البنوك فى أمان؟
كتبت :سمر الدسوقي
تساؤلات بل ومخاوف عديدة تنتابنا جميعا أفراد ومجموعات بل وحتي كشركات، فيما يتعلق بإمكانية الحفاظ علي مدخراتنا وأوعيتنا الإدخارية المختلفة بمأمن لوقت الحاجة، خاصة بعد أن نجحت ثورة 25 من يناير في تحقيق أهدافها بل وتحقيق طموحاتنا وآمالنا، ومازالت تخطو العديد من خطواتها الرائدة خلال المرحلة الحالية والمقبلة، ورغم ما يبذل من جهود بل وما يطرحه البنك المركزي من براهين قوية تؤكد علي ثبات الوضع المصرفي الراهن، إلا أن هذه التساؤلات، وبالأخص ما يتعلق منها بالوضع في المرحلة المقبلة، والتي قد تشهد تغييرات متعاقبة، تجعلنا جميعا نتساءل هل ستظل أوعيتنا الإدخارية بكافة أشكالها في مأمن خلال الأشهر المقبلة، وحتي نصل جميعا بمصر إلي بر الأمان.
هذا هو ما حاولنا مناقشته مع نخبة من المتخصصين في الأسطر التالية. ll
فى البداية تقول «نيفين كشميرى» مدير عام أول بنك مصرى ورئيس قطاع تمويل الشركات به:
- لا شك أن الكثيرين قد يصابوا بالدهشة إذا أشرنا إلى أن حجم المدخرات والأوعية الادخارية الخاصة بالمواطنين قد شهدت طفرة ليست بالصغيرة فى أعقاب الثورة، نتيجة لشعور المواطنين بالأمان على مدخراتهم داخل البنوك فى ظل بعض القلاقل الأمنية التى عايشناها من بعض الأفراد الخارجين على القانون فى الشارع المصرى فى بدايات الثورة، ونتيجة لشعور لمواطن بمدى المسئولية والبراهين القوية التى قدمها البنك المركزى والتى حافظت على ثبات الوضع المصرفى بالبنوك، ازدادت الثقة بين العملاء والبنوك بصورة كبيرة مؤخرا وعما هو معتاد، وازدادت بالتالى حجم المدخرات.
وتضيف: أما فيما يتعلق بنظرة وقلق البعض من الفترة المقبلة، وأيضا ما يثار من شائعات تتعلق بهروب البعض أو تهريبه لأمواله بالخارج، أو اضطراب الأوضاع بالبورصة وتأثير كل هذه الشائعات على شعور المواطن أو صاحب الشركة بالأمان علي ودائعه البنكية حيث يعتقد البعض أن بعض هذه الوضاع قد تؤثر على الأوعية الادخارية المختلفة، فنستطيع القول أن جميع الأوعية والودائع موجودة وبخير ويمكن للعميل الحصول عليها فى أية وقت، وفقا للحد الذى وضعه البنك المركزى مؤخرا والذى يشير إلى أن حجم السحب فى المرة الواحدة بالنسبة للأفراد لايزيد عن خمسين ألف جنيه مصرى وعشرة الآلاف دولار أمريكى بالنسبة للحسابات بالدولار الأمريكى، أما عن الشركات فتستطيع أن تجرى عملياتها المصرفية دون حد أقصى، وتجدر الاشارة إلى أن هذا الحد والذى وضعه البنك المركزى فى الفترة السابقة فى طريقه لإعادة النظر، وهو ما يعنى أن الحد الأقصى للسحب بالنسبة للأفراد فى المرة الواحدة فى طريقه للزيادة، وهو ما يدل على استقرار الوضع المصرفى فى البنوك بل وتحسنه أيضا يوما بعد اليوم، فى أعقاب المرحلة الأولى والتى واكبت بدايات الثورة وتم فيها إغلاق البنوك والبورصة وشهدت بالفعل بطئا فى العمليات المصرفية بشكل عام بل وطلب من بعض الجهات والقطاعات بتأجيل سداد الأقساط المطلوبة منها خلال مدة لا تتجاوز عن ثلاثة أشهر، ولكننا نستطيع من خلال قراءتنا للوضع الراهن أن نشيرإلى بشائر استعادة الحركة المصرفية العادية بل والقوية، قد بدأنا نلاحظها وهو ما يبدو جليا فى العودة لفتح الاعتمادات وإصدار خطابات الضمان، ومع الوقت وزيادة الإحساس بالأمن والأمان فى الشارع المصرى سيزداد تحسن الوضع.
الفائدة علي الأوعية الادخارية
وهو نفس ما تؤكده وتشير إليه «منى فايز» مدير عام أحد البنوك، عند تناولها لقيمة الفائدة على الودائع الادخارية المختلفة وما يشيعه البعض عن احتمال انخفاضها فى المرحلة المقبلة، قائلا:
- لا شك أنه لا توجد حتى الآن أى تغييرات فى سعر الفائدة بالنسبة للشهادات والأوعية الادخارية المختلفة والتى يحددها البنك وفقا لعامل استرشادى يتناسب مع حجم التضخم الموجود بالبلد، أما فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة فالثبات بالفعل أن هذا الاستقرار سيزداد مع استقرار الأمن بالشارع المصرى وزيادة حركة الانتاج والعمل وعودة السياحة وزيادة الصادرات، فكل هذه الأشياء ستشكل نوعا من الثبات بالنسبة لسعر الفائدة وكذلك بالنسبة لثبات سعر الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية الأخرى.
وتضيف: ولا شك أنه فى هذا الشأن قد بذل البنك المركزى جهدا ملحوظا للحفاظ على سعر الجنيه المصرى سواء خلال هذه المرحلة أو حتى فى الفترة السابقة على الثورة، فقد كان من المتوقع مثلا أن تصل قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكى لأكثر من سبعة جنيهات، ولكن الجنيه والحمد لله مازال محتفظا بقيمته وهو ما يدل على أن الاقتصاد المصرى فى طريقه للانتعاش بصورة أكبر ولكننا نحتاج إلى دفع عجلة الانتاج بأسرع وقت ممكن، فكما ننظم جمعة للغضب وجمعة للحفاظ على مكتسبات الثورة، أعتقد أننا فى حاجة إلى جمعة للانتاج، حتى يتحرك الأفراد والمؤسسات والهيئات المختلفة.
وماذا عن التحويلات الخارجية؟ هل هناك تغير بالنسبة لها؟
نستطيع القول أن تحويلات العاملين بالخارج مستمرة ولم تتوقف، وما حدث فقط هو تغير بسيط يتعلق بقيام بعض البنوك الأجنبية بتخفيض نسبة الائتمان، مع استمرار البنك المركزى فى قيامه بدوره فى الحفاظ على ودائع الأفراد والشركات وضمان وجودها واستقرارها بل وسعيه للمحافظة على سعر الصرف، نستطيع القول أن القطاع المصرفي يعتبر من أكثر القطاعات الاقتصادية استقرارا فى مصر فى أعقاب الثورة، ومع ما شهده من انخفاض فى مستوى الودائع الادخارية فى بدايتها، قد بدأ يتغير بل ويتحرك نحو الأفضل وسيزداد تحسن الأمر فى المرحلة المقبلة مع زيادة الأمن.
أكثر القطاعات استقرارا
ويشير د. حمدى عبدالعظيم الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الادارية والخبير الاقتصادى، إلى أن قطاع البنوك فى مصر من المستبعد بأي حال من الأحوال أن يحدث به هزة أو تغيير فيما يتعلق بتعامله مع مدخرات الأفراد والشركات، لأنه يعتبر من أكثر القطاعات استقرارا فى وقت الأزمات بحكم ما يضخ فيه بشكل منتظم من مدخرات واستثمارات وتحويلات، مهما كان الوضع الاقتصادى لأى دولة تشهد أى توتر، هذا بجانب استخدامه أيضا كمصدر من مصادر الدخل للدولة نفسها، كما أنه قانونيا لا يمكن لأى دولة مهما كانت تشهد اضطرابات أن تواجه أفرادها بعدم وجود رواتبهم أو مدخراتهم خاصة بالنسبة للقطاعات الحكومية، لأن هذا كفيل بوضعها فى موقف شديد الخطورة على النطاق الدولى، وبالتالى نستطيع القول أن القطاع المصرفى مستقر ولكنه يحتاج إلى انتعاشة أكبر ودفعة أكبر ستتحقق مع زيادة جذب الاستثمارات الخارجية وهو ما يقوم على تحقق الاستقرار والهدوء داخل الدولة، فهذه الأخيرة تعتبر مسئولية المواطن بالدرجة الأولى.
ساحة النقاش