المرأة التى اخترقت حاجز الخوف
من أجل الحاضر والمستقبل
كتبت :ايمان حمزة
عندما يكون التميز هدفا أسمى يصبح التحدى والإصرار أسلوب حياة .. وبالتحدى والإصرار والعمل الدؤوب استطاعت المرأة على مر الزمان والمكان اختراق حاجز الخوف لإثبات ذاتها ومن قبل خدمة مجتمعها بل العالم من حولها .. وفى مثل هذا الشهر يونيه عام 1963 وبالتحديد يوم 16 منه كان الحدث الذى أذهل العالم بانطلاق أول سفينة فضاء تقودها امرأة حول الكرة الأرضية، ومداراتها التى تبعد عن كوكبنا 233 كيلو مترا .. وتعود بعد دوراتها الست إلى الأرض من جديد يوم 19 من نفس الشهر .. وليشاهد البشر لأول مرة صورة حية للشابة «فلانتينا تيرشكوفا» وهى تقود سفينتها الفضائية «الفستوك 6» وتتحدث إلى العالم عبر اللاسلكى فيعلن خبراء الغرب أن الرائدة السوفيتية هى المرأة التى اخترقت حاجز الخوف للعالم أجمع وكانت فاصلا بين عهد الرعب من اختراق الفضاء بعد اعتياده كالطيران .. فكيف استطاعت فلانتينا عاملة النسيج وابنة سائق الجرارات الزراعية أن تحقق ما كان مستحيلا وتصبح بطلة العالم بل تم اختيارها امرأة القرن العشرين على مستوى العالم فى «أكتوبر 2000» والتى كانت من أوائل من ساهموا فى اكتشاف أغوار الطريق إلى الفضاء من أجل صالح البشرية واستخداماتها الحديثة من الكشف عن الثروات فى سطح الأرض وباطنها واستكشاف الفضاء الخارجى بكواكبه وأقماره .. كانت تقول دائما كنت سعيدة وفخورة برحلتى للفضاء لأننى أمثل كل امرأة على الأرض لذا لم أشعر بالخوف أو الرهبة بل الإصرار على النجاح فى إنجاز مهمتى ..
وكانت بداية تحقيق الحلم عندما انطلق «يورى جاجارين» أول رائد فضاء فى العصر الحديث عام 1961 فى 12 إبريل يومها تساءلت فى تعجب وماذا بعد ذلك يا أمى لتجيبها الآن حان دوركن يا نساء .. وفى الاحتفال بعودة جاجارين لأرض الوطن سألته «فلانتينا» هل تستطيع النساء غزو الفضاء ؟ فأجابها مشجعا نعم فنحن فى زمن المساواة لا فرق بين رجل وامرأة .. فسارعت بتقديم أوراقها لمعهد رواد الفضاء بمجرد أن أعلن عن طلب رجال ونساء للعمل كرواد للرحلات ودراسة تأثير السفر على جسم الإنسان رجلا أو امرأة.. فتم اختيارها لنجاحها على العديد من المتقدمين لقدراتها الجسمانية لتحمل الظروف الخاصة بانعدام الوزن وبالتفكير الناضج الهادئ وغيرها من الاختبارات..
استطاعت أن تنجح وتحقق المستحيل وتثبت كيانها كإنسان لا فرق فى مقدرته مع احتفاظها بأنوثتها كامرأة فكانت رقيقة جميلة رشيقة تتميز بالذكاء فتسابق إليها الشباب ولكنها أحبت من تعلق قلبها به وهو رائد الفضاء الشاب «أندريان نيكولايف» الذى كان قد سبقها بيومين فى اختراق الفضاء فكانت قصة حبها التى عانقت السحاب ليتزوجا وينجبا ابنتهما الوحيدة إلينا عام 1964 وهى أيضا أول طفلة تحمل بها أمها فى الفضاء .. استطاعت فلانتينا أن تستمر فى دراساتها بمعهد الفضاء ثم هندسة الطيران لتحصل على الماجستير بمرتبة الشرف الأولى لتثبت تفوقها العلمى وإصرارها على وجودها كواحدة من بنات حواء وسط عالم الرجال فهى لا تقل قوة على تحمل مشاق ومتاعب الحياة .. وعندما كانت توجه إليها التساؤلات كيف توفقين بين كل هذه المسئوليات كرائدة فضاء وزوجة وأم ورئيس الاتحاد النسائى بوطنها وغيرها من المهام الأخرى الكثيرة .. تجيب بالتنظيم للوقت والجهد ومشاركة الجهات الأخرى للمرأة حتى تستطيع أن تنجز كل المهام الاجتماعية والسياسية .. فنجحت فى تربية ابنتها على الحب والتعاون والثقة بالنفس والمسئولية فأصبحت هى أيضا طبيبة جراحة وزوجة وأما ناجحة قادرة على تحمل المسئولية .. ونصيحتها لكل إنسان أن يتحلى بالحب والإخلاص فى العمل واكتشاف هواياته فدائما الفراغ يدمر السعادة والحياة معا ولتكن جزءاً من يومه ممارسة الرياضة والتفكير فى معاونة الآخرين.
مصرية عالمة الذرة
وقوة مصر والعرب
ومن مصر استطاعت المرأة المصرية أن تخترق حاجز الخوف من أجل بنات جنسها ومن قبل وطنها مصر والعالم من حولها ومن أمثلة هؤلاء كانت أول عالمة للذرة «سميرة موسى» التى كانت فى مثل هذه الأيام الأولى على القطر المصرى فى الثانوية العامة بنات وبنين ولكنها عندما حاولت الالتحاق بالجامعة بكلية العلوم وجدت تحديات كبيرة حيث وقف المجتمع يمنع دخولها ولكن العالم المصرى العالمى د. مصطفى مشرفة أول عميد مصرى لكلية العلوم أصر على التحاقها مهددا باستقالته فتم التحاقها وبمساندة رئيس الجامعة د. لطفى السيد لتصبح بتفوقها ونبوغها الأولى على دفعتها لتواجه من جديد الرفض لتعيينها معيدة بالكلية وليهدد من جديد الدكتور مشرفة باستقالته إذا لم يتم تعيينها لما اثبتته من جدارتها بهذا المنصب ولما لمسه من طموحاتها التى ستفيد البحث العلمى وقد كان فتقدمت فى أبحاثها ودراستها التى أكملتها بين الماجستير من انجلترا وأمريكا وكانت تجرى أبحاثها لخدمة الاشعاع فى المجال الطبى والعلاج بعد أن عانت أمها كثيرا من مرض السرطان .. وكانت من دعا لأول مؤتمر دولى للذرة يقام فى مصر وبه أعلنت عن حق مصر والعرب فى امتلاك قوة الذرة كسلاح مثل الدول الكبرى وإسرائيل ليعزز ميزان القوى فى المنطقة ويبدو أن ذلك كان وراء من كان يسعى للوقوف دون ذلك وجاء حادث موتها وانقلاب سيارتها فى أمريكا والذى يعد لغزا حتى الآن تدور حوله الشكوك فى اغتيالها .. فقد فقدت حياتها من أجل عملها الدائم ودعوتها من أجل مصر والعرب وخدمة الإنسانية ككل .
مصر الحاضر والمستقبل
ولم تتوقف المرأة المصرية أو تتوان عن التميز واكتشاف ما يفيد بلدها والاستخدامات التى تعود على مزيد من الإنجاز فى مجالات الصحة والصناعة والزراعة وتطوير التعليم فكانت الدكتورة العالمة لطفية النادى والحائزة على جائزة رامال الدولية كأفضل عالمة لعلوم الليزر فى أوربا وشمال إفريقيا ودول آسيا المطلة على البحر المتوسط والتى نالت أيضا جائزة الدولة التقديرية فى العلوم عنها العام الماضى وذلك من استخدامات شعاع الليز فى العلاج والجراحة وفى الطاقة والصناعة وكانت قد مثلت مصر فى مؤتمر النانوتكنولوجى الأول على مستوى العالم وتقدمت بأبحاثها فيما يقدمه هذا العلم الجديد لأكثر دقائق المادة صغرا والتى تعد نقلة علمية ستنقل البشرية فى مجال الكمبيوتر والمحمول والصناعات الطبية العلاجية المتناهية الصغر ومنها ما توصل إليه العالم المصرى العالمى مصطفى عمر السيد الذى اكتشف علاج خلايا السرطان بنانو الذهب وكانت العالمة لطفية النادى هى من أوائل مؤسسى المركز القومى لعلوم الليزر بمصر وكانت أول من دعت إليه العالم العالمى المصرى أحمد زويل أيضا ليتواصل بقيمته وعلمه مع شباب مصر بالجامعة .. وقامت بتكريمه هو والدكتور العالم مصطفى السيد والإفادة بأبحاثهم وعلمهم فى خدمة مصر وكانت قد نقلت انبهار العالم وإعلانه فى مؤتمر النانو الأول على مستوى العالم كيف أن الفراعنة المصريين هم أول من اكتشفوا هذا العلم النانو من دقائق الذهب وهى السر وراء احتفاظ الرسوم الفرعونية بألوانها على مر العصور..
نساء مصريات من هذا البلد التى كانت ومازالت بنات مصر يضربن بها المثل والقدوة فى العمل بلا كلل والتضحية من أجل أسرتها ومن أجل ناسها ومجتمعها والعالم من حولها ففى الماضى ضربت أعظم النماذج فى النجاح بوصول بلدها إلى العالم تعلن حق مصر والمصريين فى الاستقلال والدستور وإجلاء الاحتلال الإنجليزى وذلك فى سفر الوفد النسائى المصرى بقيادة هدى شعراوى رائدة النهضة النسائية إلى المؤتمر العالمى لاتحاد نساء العالم فى روما رافعات علم بلادهن يتوسطه الهلال والصليب مؤكدات على وحدتنا الوطنية التى واجهت رصاص الاحتلال وسقط الشهداء لتمتزج الدماء لا فرق بين مسيحى ومسلم .. ليصفق العالم وينحنى لهذه الثورة .. ثورة 19 ومطالبها .. وليتكرر المشهد الآن فى ثورة «25 يناير» حيث صنعت بنت مصر ثورة بلادها .. عندما فجرتها على الفيس بوك والتويتر لتجميع الشباب وتحميسهم والتقت إرادتهم على تخليص البلاد من الظلم والفساد وإعلان الثورة التى التحم بها الشعب وحماها الجيش لتكون ثورة سلمية من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية واستعادة ثروات البلاد المنهوبة والإطاحة بالنظام الفاسد.. لم يخاف هؤلاء الشباب من الفتيات والشبان ولم يهب رصاصات الغدر وعربات الموت الطائشة فضحى بزينة الشاب من أجل حرية بلاده وخلاصها .. وبعد أن نجحت الثورة شاركت المرأة المصرية ومازال عليها المسئوليات الجسام فى بناء وتنمية مجتمعنا المصرى فى كل المجالات من زراعة وصناعة إلى محو الأمية ومن قبل تطوير التعليم من بناء وتعمير وتشييد من استقلال عقول العلماء والعالمات وأبحاثهم العلمية التى ستحيل تراب البلاد ذهباً بالتعاون مع رجال ونساء مصر الشرفاء ورءوس الأموال الوطنية المحبة لبلدها مع الاستثمارات الخارجية التى تفتح لها الأبواب إذا كانت فى صالح تنمية بلادنا ومن أجل مكافحة البطالة والفقر من أجل حياة كريمة لكل مصرى على أرض بلده من خلال العمل والانتاج المتواصل كما فعل اليابانيون بعد أن ألم بهم الزلزال الذى دمر كل شىء فما كان منهم إلا العمل الجاد المتواصل من أجل استعادة اليابان رافعين شعار اعمل ثلاث ساعات اضافية من أجل بلدك ونحن نعرف مدى جدية الانسان اليابانى فى العمل مسبقاً .. ولهذا ومن أجل استعادة بلادنا وتحقيق أهداف الثورة التى راح فداءها ما يقترب من ألف شهيد وآلاف المصابين الذين فقدوا أعينهم وأضيروا بأجزاء أخرى ومن أجل 85 مليون مصرى ستقدم المرأة المصرية كل طاقاتها من أجل بيتها ومن أجل بلدها وستقدم كل فتاة أفكارها وقدراتها فى كل مجال فى العلم والعمل ولتفيد الأفكار للخروج للحياة بكل مكان والاستفادة بكل خيرات وثرواث مصر واستعادة السياحة وتعمير الصحراء .. فمازال أمامنا الكثير لنعطى لبلادنا لنحصر خيرات جنة مصر البكر .. ومن خلال إيماننا بالحب والتعاون والتكافل والتكاتف بين آدم وحواء .
ساحة النقاش