الصيام ورصيد الحسنات

كتبت : أمل مبروك

 الصوم ركن من أركان الإسلام ، فرض في السنة الثانية للهجرة .وأرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أحكامه وآدابه، وحثنا على الإخلاص فيه، والإكثار من الأعمال الصالحة ...فهو فرض على كل مسلم بالغ عاقل مقيم صحيح البدن. والحكمة الأسمى منه هى تحقيق تقوى وخشية الله سبحانه وتعالى ومراقبته في السر والعلانية.

- فى ظل هذا الشهر الكريم وبين ما نعيشه هذه الأيام من اختلاف الآراء حول مستقبلنا السياسى وتخوين كل فئة أو حزب للفئة الأخرى وما يتبع ذلك من سباب وشتائم وغيرهما من تجاوزات لفظية أو فعلية .. هل يؤثر كل ذلك على الصيام ؟

ريهام عبد الحميد - موظفة

- يوضح فضيلة د. على جمعة _ مفتى الجمهورية _ أن الصيام عبادة تعمل على تزكية النفس، وإحياء الضمير، وتقوية الإيمان وإعداد الصائم ليكون من المتقين، كما قال تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).

ولهذا يجب على الصائم أن يُنَزِّه صيامه عما يجرحه، وربما يهدمه، وأن يصون سمعه وبصره وجوارحه عما حرم الله تعالى، وأن يكون عفَّ اللسان، فلا يلغو ولا يرفث، ولا يصخب ولا يجهل، وألا يقابل السيئة بالسيئة، بل يدفعها بالتي هي أحسن، وأن يتخذ الصيام درعًا واقية له من الإثم والمعصية، ثم من عذاب الله في الآخرة ولهذا قال السلف: إن الصيام المقبول ما صامت فيه الجوارح من المعاصي، مع البطن والفرج عن الشهوة.

وهذا ما نبهت عليه الأحاديث الشريفة حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب - وفي رواية: (ولا يجهل) - فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين " ، وقال عليه الصلاة والسلام: " من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " (رواه البخاري)، وقال: " رب صائم ليس - له من صيامه إلا الجوع " .

ومن أجل ذلك ذهب بعض السلف إلى أن المعاصي تفطِّر الصائم فمن ارتكب بلسانه حرامًا كالغيبة والنميمة والكذب، أو استمع بأذنه إلى حرام كالفحش والزور، أو نظر بعينه إلى حرام كالعورات ومحاسن المرأة الأجنبية بشهوة، أو ارتكب بيده حرامًا كإيذاء إنسان أو حيوان بغير حق، أو أخذ شيئًا لا يحل له، أو ارتكب برجله حرامًا، بأن مشى إلى معصية، أو غير ذلك من أنواع المحرمات، كان مفطرًا.

أما جمهور العلماء فقد رأوا أن المعاصي لا تُبطل الصوم، وإن كانت تخدشه وتصيب منه، بحسب صغرها أو كبرها. وذلك أن المعاصي لا يسلم منها أحد، إلا من عصم ربك، وخصوصًا معاصي اللسان ؛ ولهذا فإنها لا تبطل الصوم، كالأكل والشرب، ولكنها قد تذهب بأجره، وتضيع ثوابه. . والحق أن هذه خسارة ليست هينة لمن يعقلون، ولا يجب الاستهانة بها لأن الصائم فى هذه الحالة يجوع ويعطش ويحرم نفسه من شهواتها، ثم يخرج في النهاية ورصيده (صفر) من الحسنات!.

إن الصيام في رمضان خاصة فرصة للتطهر من آثام أحد عشر شهرًا مضت، فمن صام صيام المؤمنين المحتسبين، كان جديرًا أن يخرج من الشهر مغفورًا له، مطهرًا من الذنوب، وخصوصًا الصغائر التي يقترفها الإنسان .. وقد يستخف بها مرتكبها، ولا يدري أنها إذا تكاثرت عليه أردته وأهلكته. .ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر" .

فمن لوث صيامه بالمعاصي في سمعه وبصره ولسانه وجوارحه، فقد أضاع على نفسه فرصة التطهر، ولم يستحق المغفرة الموعودة .

أدعية الوضوء

- نسمع بعض الناس يرددون أدعية معينة أثناء الوضوء، فما حكم هذه الأدعية، وما حكم الوضوء بدونها؟

سلوى محمد _ طالبة بكلية الحقوق

- تؤكد د. سعاد صالح _ أستاذة الفقه الإسلامي _ أن كثيرا من المسلمين يعتقدون أن مثل هذه الأدعية مفروضة، وأن الوضوء لا يصلح إلا بها، حتى إني سألت أحدهم يوما: لماذا لا تصلي؟ فقال: لأني لا أعرف أن أتوضأ؟ فعجبت منه وقلت: هل هناك أحد لا يعرف أن يغسل وجهه ويديه، ويمسح على رأسه، ويغسل رجليه؟ فأجاب: إني لا أحفظ ما يقوله الناس من الأدعية.. ظنا منه أن تلك الأدعية من لوازم الوضوء. . والحق: أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء إلا قوله: اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي. وهناك من يذهب إلى أنه عليه الصلاة والسلام، كان يقول ذلك أثناء الوضوء، ومنهم من يذهب إلى أنه عقب الوضوء ، وكان إذا فرغ من الوضوء يقول: أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

ومثل ذلك سنة، وليس هناك دعاء واجب في الوضوء بصفة عامة، والأدعية التي يقولها الناس ليست بواجبة ولا سنة، لأنها لم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من أصحابه. كأن يقول عند بداية الوضوء: الحمد لله الذي جعل الماء طهورا، والإسلام نورا. وعند الاستنشاق: اللهم أرحني برائحة الجنة. وعند غسل الوجه: اللهم بيض لي وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. وعند غسل يده اليمنى: اللهم أعطني كتابي بيميني. وعند مسح الرأس: اللهم حرم شعري وبشرتي على النار. إن هذه الأدعية وأمثالها محدثة بعد القرون الأولى، ولم يرد منها شيء مأثور. والخير كل الخير أن نقف في أمور العبادات عند حدود ما جاء به الشرع، ولا نتجاوز السنن إلى المبتدعات فإن أصل الدين أمران:الأول: ألا يعبد إلا الله، وهذا هو التوحيد.والثاني: ألا يعبد إلا بما شرع، ولا يعبد بالأهواء والبدع.

 

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك
  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 1002 مشاهدة
نشرت فى 4 أغسطس 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,676,156

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز