أسباب العفو والمغفرة من الله تعالى

كتبت :أمل مبروك

إن الخطأ والوقوع في بعض المعاصي لا يكاد يسلم منه أحد ، وإن كان الناس يتفاوتون بين مقل ومستكثر.وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" والذي نفسي بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون فيغفر لهم".

- من هم الذين ينالهم العفو والمغفرة من الله تعالى وهل هناك أسباب لها ؟

سمية صالح محمد - موظفة

- يؤكد الشيخ محمود عاشور _ وكيل الأزهر سابقا _ أن رحمة رب العالمين واسعة ومحبته جل وعلا للعفو والمغفرة ليس لها حدود ، خاصة وأن من أسمائه سبحانه الغفور والغفار والغافر ، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره أنه قد أصاب من امرأة قبلة، فأنزل الله قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ، إنها منة عظيمة من الله على هذه الأمة أن جعل حسنات بنيها تكفر سيئاتهم: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ، وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى حين قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: وأتبع الحسنة السيئة تمحها .

إن الذنوب تغرق العبد وتهلكه ، والنجاة منها تكون بالتعرض لأسباب المغفرة...ومنها فعل الحسنة بعد السيئة ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى ووضحه حين قال: إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة، قد خنقته، ثم عمل حسنة فانفكت حَلْقة، ثم عمل أخرى فانفكت حلقة أخرى، حتى يخرج إلى الأرض .

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه عليّ، ولم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم، فحضرت الصلاة فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال ـ أي الرجل ـ : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقم فيّ كتاب الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أليس قد صليت معنا ؟ قال: بلى. قال صلى الله عليه وسلم : فإن الله قد غفر ذنبك .

كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: إن رجلا أذنب ذنبا , فقال : يا رب , إني أذنبت ذنبا فاغفره . فقال الله : عبدي عمل ذنبا , فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به , قد غفرت لعبدي , ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب , إني عملت ذنبا فاغفره . فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به , قد غفرت لعبدي . ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب , إني عملت ذنبا فاغفره لي . فقال عز وجل : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به , قد غفرت لعبدي , ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب , إني عملت ذنبا فاغفره . فقال عز وجل : عبدي علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به , أشهدكم أني قد غفرت لعبدي , فليعمل ما شاء .

لكن انتبهوا فهناك فرق كبير بين هذا الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم وبين الإصرار ، فهذا الرجل يجاهد نفسه على ترك المعاصي فإذا غلبته نفسه ووقع في المعصية ندم واستغفر وهكذا فهو دائم المجاهدة لنفسه وهواه ،والآخر المصر لا تبدو منه مجاهدة ولا يستغفر ولا يندم ، فالأول موعود بالمغفرة طالما كان على هذا الحال من المجاهدة والتوبة والاستغفار والندم.

لا تيأس من رحمة الله

فبعض الناس يقول: إنني أسوا من أن يغفر الله لي ، فيترك التوبة والندم ويستمر على المعاصي والفجور بزعم أنه لا يغفر له ، وهذا اليأس والقنوط من رحمة رب العالمين هو الذي يود الشيطان لو ظفر به من بني آدم .. فالشيطان قد بكى حين نزل قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ،

إن اليأس في ديننا منهي عنه : وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إلا القَوْمُ الكَافِرُونَ ، والشيطان يشتد حزنه حين يراك تائبا نادما .

بينما الله تعالى من محبته للمغفرة لم يعدك فقط مغفرة ذنوبك، إنما وعدك أن يبدلها حسنات.. وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ آثاما . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً

نصح علي بن أبي طالب من سأله عمن و قع في ذنب فقال: يستغفر الله ويتوب. قال: فإن عاد؟ قال: يتوب...قال حتى متى؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المحسور.

وهذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة كلها : إذا أسأت فأحسن. . إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها . . نسأل الله مغفرة ذنوبنا والتجاوز عن سيئاتنا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الأدعية والوضوء

- نسمع بعض الناس يرددون أدعية معينة أثناء الوضوء، فما حكم هذه الأدعية، وما حكم الوضوء بدونها؟

رضوى سعيد - محاسبة

- يشير فضيلة د. عبد الله النجار _ عضو مجمع البحوث الإسلامية _ إلى أن كثيرا من المسلمين يعتقدون أن مثل هذه الأدعية مفروضة، وأن الوضوء لا يصلح إلا بها، حتى إني سألت بعض الناس يوما: لماذا لا تصلي؟ فقال: لأني لا أعرف كيف أتوضأ؟ فعجبت منه وقلت: هل هناك أحد لا يعرف كيف يغسل وجهه ويديه، ويمسح على رأسه، ويغسل رجليه؟ فأجاب: إني لا أحفظ ما يقوله الناس من الأدعية.. ظنا منه أن تلك الأدعية من لوازم الوضوء.

والحق: أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء إلا قوله: اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي. وهناك من يذهب إلى أنه عليه الصلاة والسلام، كان يقول ذلك أثناء الوضوء، ومنهم من يذهب إلى أنه عقب الوضوء وكان إذا فرغ من الوضوء يقول: أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. . ومثل ذلك سنة، وليس هناك دعاء واجب في الوضوء بصفة عامة، والأدعية التي يقولها الناس ليست بواجبة ولا سنة، لأنها لم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من أصحابه.

كأن يقول عند بداية الوضوء: الحمد لله الذي جعل الماء طهورا، والإسلام نورا. وعند الاستنشاق: اللهم أرحني برائحة الجنة. .وعند غسل الوجه: اللهم بيض لي وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. وعند غسل يده اليمنى: اللهم أعطني كتابي بيميني. . وعند مسح الرأس: اللهم حرم شعري وبشرتي على النار.

وهذه الأدعية وأمثالها محدثة بعد القرون الأولى، ولم يرد منها شيء مأثور ، علما بأن أصل الدين أمران:الأول: ألا يعبد إلا الله، وهذا هو التوحيد. والثاني: ألا يعبد إلا بما شرع، ولا يعبد بالأهواء والبدع.

 

 

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1276 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,727,007

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز