كارثة اسمها «البطالة بين النساء»

كتبت :تهاني الصوابي

إنها حقا كارثة، كارثة بكل المعايير، كارثة تستحق التوقف ولو برهة، كارثة قد تؤدى إلى ثورة من النساء، فالتقارير مرعبة والأرقام مخيفة، وكلها تشير إلى التزايد المستمر فى نسبة البطالة بين النساء، حتى وصلت 4 أضعاف الرجال، مما يعد كارثة، فالتقارير الصادرة عن مكتب منظمة العمل الدولية لمنطقة شمال أفريقيا بالقاهرة تشير إلى أن معدلات البطالة بين النساء فى مصر خلال العام الماضى 2011، تراوحت ما بين 18.8% إلى 23.2%، فى حين أن نسبة البطالة بين الرجال ما بين 5.4 إلى 5.2%، وأوضح التقرير أن مصر شهدت انخفاضا ملحوظا فى مشاركة المرأة فى سوق العمل.

 كارثة أن تظل الفتاة تتلقى التعليم ما يقرب من 16 عاما على الأقل، لتحصل على الشهادة الجامعية التى تؤهلها للالتحاق بسوق العمل، ثم تجد نفسها محلك سر بلا عمل، أو مورد دخل يعينها على نفقات الحياة ويضمن لها مستقبل بلا عوز أو حاجة، ويزيح عن كاهل أسرتها ما أنفقته من آلاف خلال الأعوام الطويلة من التعليم، بسبب معوقات كثيرة وتحديات كبيرة تحول دون التحاقها بسوق العمل.

 وهو ما أكده تقرير البنك الدولى الذى يشير إلى تفاقم معدلات مشكلة البطالة فى مصر بين النساء لأسباب عديدة، منها كثرة عدد الخريجات، وعدم وجود سوق يستوعب كل هؤلاء الفتيات بالإضافة إلى عدم وجود خريجات متخصصات فى الوقت الحالى مؤهلات للعمل فى تخصصات محددة، تحتاجها سوق العمل، كما أن معظمهن فى حاجة لإعادة تأهيل فى الأعمال التى يرغبن العمل بها، أما التحدى الآخر فهو إن معظم الفتيات يبحثن عن وظيفة بعدد ساعات محددة حتى يتمكن من قضاء ساعات محددة أيضا فى العمل والتفرغ باقى الوقت لرعاية أسرهن، وهو عدد ليس بقليل من الفتيات فى حين أن سوق العمل لا يحتاج إلى كل هؤلاء الموظفات، لكنه فى واقع الأمر يحتاج إلى عاملات يتفرغن لساعات أطول فى العمل حتى يستطعن زيادة الإنتاج مقابل تحقيق دخل أكبر، والنتيجة أو المحصلة النهائية، أن معظم النساء لا يعملن فى الوظائف التى يحلمن بها ويتطلعن إليها، بعد التخرج من الجامعات، ناهيك عن آلاف النساء المصريات الحاصلات على مؤهلات متوسطة، ويعملن فى وظائف هشة مؤقتة، وغير آمنة، وغالبا ما تقع خارج نطاق تشريعات العمل، وهو ما يعرض حياتهن للعنف بشتى أشكاله دون وجود منظمات، أو هيئات تقوم بحمايتهن أو سماع شكواهن والعمل على إنصافهن.

 الحقيقة أن هناك آلاف من النساء المصريات معيلات وفى حاجة ماسة إلى العمل، وإبعادهن عن سوق العمل سوف يؤدى إلى كارثة كبرى لا يحمد عقباها، ويكفى أن نقول إن 23.5% من الأسر المصرية تعولها سيدات، وفى حاجة إلى العمل الشريف الذى يدر دخلا يعود على أسرتها بالخير، بدلا من التسول أو الانحراف، فالعمل بالنسبة للمرأة المصرية لم يكن يوما رفاهية أو قضاء أوقات الفراغ، وإنما كان لحاجة الأسرة المصرية إلى دخل المرأة مقابل عملها أو للقيام بمهمة وطنية، مثلما حدث أثناء حروب محمد على، والحرب العالمية الأولى عندما خرج عشرات الآلاف من الشباب والرجال إلى الحروب، فتحملت المرأة مسئولية الأسرة بأكملها، وخرجت لسد احتياجات سوق العمل، مما يعنى أهمية وجودها وعلى الرغم من ذلك يتم ابعادها وإقصاؤها وهو ما تشير إليه نسبة البطالة التى تزداد يوما بعد يوم.

 الخوف كل الخوف بعد كل هذه السنوات أن تفقد المرأة مكانتها تماما فى سوق العمل مع تزايد صعود التيارات الدينية إلى الحكم، وتهديد المرأة بين الحين والآخر بالعودة إلى البيت مكانها الطبيعى كما تراه تلك التيارات من أفكار، وقد نسوا أو تناسوا أن المرأة خرجت من القمقم، ومن الصعب بل المستحيل العودة بها مرة أخرى إلى غياهب الظلام، وحرمانها من حقها فى العمل والحياة

المصدر: مجلة حواء -تهاني الصوابي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 565 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,678,750

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز