إقبال كثيف .. وتمثيل

 امرأة برلمان الثورة

كتبت :نجلاء ابوزيد

 بعد أن أدركت المرأة أنها مؤثرة وأنه جاء عصر الحرية، خرجت أفواجاً أفواجاً للمشاركة في اختيار برلمان الثورة، لكنها لم تدرك ما يخفيه لها البعض من نوايا إقصاء وتهميش.

 فقد وضعتها الأحزاب علي ذيل قوائمها مضطرة، واستخدمها الإسلاميون في الحشد والترويج دون إيمان حقيقي بدورها أو رجاحة عقلها، أما المستقلات فقد خذلهن المجتمع كله رجالاً ونساء ، ومن جانبها تخلت الدولة عن مساندتها بوضع (كوتة) تضمن لها مساحة من التعبير .

 لقد قضت تجربة برلمان 2010 علي حماس الناخبين لاختيار نواب من السيدات ، لـيبـدو بـرلمان 2011 بـلا صوت نسـائـي قـادر عـلي تمثيـل المـرأة في صنع دستور البلاد المقبل، ولأهمية القضية طرحناها للنقاش لنعرف من المسئول عن غياب المرأة في البرلمان وهل صوتت النساء للمرأة أم لا ؟

شاركت المرأة المصرية فى ثورة 25 يناير منذ يومها الأول وحتى الآن ولكن لم يتذكرها أحد وأقبلت على التصويت فى الانتخابات بنسبة قاربت 50% من نسبة المشاركة الإجمالية حتى الآن ، لكن لم تمثل فى برلمان 2012 بما يليق بها ، وكأنها الحاضر الغائب فى الأحداث السياسية وتداعياتها على مصر .

 البداية كانت مع بعض المشاركات فى التصويت حيث قالت نيفين بدرالدين - محاسبة:

 أعطيت صوتى لمن أراه أصلح لخدمة مصر ولم أفكر فى مسألة إعطائه للسيدات، والسبب ببساطة أن مجالس الشعب السابقة كانت تضم سيدات لكن لم أشعر كامرأة بأى دور لهن ، وفى القوائم لم أكن أفكر فى الأسماء التى تضمها القائمة لكن فى برامج الحزب ولو أرادت الأحزاب تمثيل النساء لوضعتها فى مكان متقدم على قوائمها .

 وتتفق معها رانيا سعد «ربة بيت» قائلة :

 لم أسمع عن أى مرشحة فردى فى دائرتى وفوجئت بعد التصويت بوجود سيدات بالقوائم لم نسمع عنهن شيئاً ، كما أننى غير مقتنعة بأهمية وجود المرأة فى مجلس الشعب ، ويمكن لمن تريد أن تساعد مجتمعها أن تؤسس جمعية أو تعمل فى المحليات .

 وأكدت علا طلعت - بكالوريوس تجارة - أنها انتخبت امرأة فى الفردى لم تكن تعرفها لمجرد أن تشجعها وأنا على يقين من هزيمتها لأن المجتمع لايحب انتخاب النساء، وقالت : التيار الدينى أساء لكل النساء وطالبهن بالبقاء فى البيت وبالتالى لم يجدن من يصوت لهن، وأعتقد أنه كان يجب إلزام الأحزاب بوضع نساء فى مقدمة قوائمها لضمان التمثيل المناسب. وأشعر بالحزن للتمثيل الضعيف للمرأة فى البرلمان بالرغم من الطابور الطويل الذى وقفت فيه لإعطاء صوتها لأعضاء المجلس !!

 وإذا كانت هذه هى آراء بعض من صوتن فى الانتخابات، فإن المركز المصرى لحقوق المرأة قام بمتابعة الانتخابات فى مراحلها المختلفة ، ورصد العديد من المخالفات التى أضرت بالمرأة ومنها منع دخول المرشحات للجان الانتخابية ، سيطرة نساء الأحزاب الدينية على لجان السيدات وحشد الناخبات للتصويت لتيارات بعينها ، والاستفادة من الكتل التصويتية للنساء ، كما رصد المركز وجود ترشيحات شكلية هزيلة فى ذيل القوائم أدى لضعف التمثيل النسائى داخل البرلمان القادم، بحيث وصل عدد المرشحات فى المرحلة الأولى 212 لم ينجح منهن سوى ثلاث سيدات ولم يكن الحال أفضل فى باقى المراحل. وإذا كانت هذه أهم نتائج الرصد والتقارير الحقوقية فما هى الواقع من خلال تجربتهن؟

 عن ذلك تحدثنا مع بعض المرشحات اللائى لم يفزن،

 وعن تجربتها تحدثت نجوى عباس - مرشحة فردى فئات مدينة نصر «لم توفق» - قائلة : العملية الانتخابية كلها، منذ بدايتها كانت ضد المرأة ، وقام التيار الإسلامى بالدعاية الظالمة ضد كل النساء، وهناك مؤامرة حقيقية تمت لذبح المرأة وإضعاف وجودها فى البرلمان القادم الذى سيطر عليه الإسلاميون .

 تتفق معها د. منال حامد عبداللطيف - مرشحة حزب الإصلاح والتنمية فردى «لم توفق» - قائلة : رشحت نفسى 2010 وفشلت بسبب التزوير و2011 بسبب الطوفان السلفى القادم، وخلال تجربتى تأكدت أن النساء خذلن النساء ، فمن ناحية فإن كثرة المرشحين فتتت الأصوات ومن ناحية أخرى تم استخدام النساء فى التصويت للرجال من منطلق أن الرجل هو الأقدر على تحقيق أحلام أهالى الدائرة ، كما أن التيار الإسلامى استخدم المساجد وأيام الصمت الانتخابى، لقد تم إقصاء النساء بشكل متعمد منذ البداية .

 إلزام الأحزاب

 وإذا كانت هذه تجارب بعض المرشحات اللائى خضن التجربة ولم يوفقن .. فما تحليل المهتمات والناشطات فى مجال المرأة لما حدث فى الانتخابات ؟

 تقول د. كاميليا شكرى - مساعدة رئيس حزب الوفد وعضوة الهيئة العليا للحزب:

 عدم وضع قانون واضح يلزم الأحزاب بوجود حقيقى للمرأة فى القوائم كان بداية الإقصاء للمرأة من البرلمان ، حيث وضعتها معظم الأحزاب فى ذيل القائمة، لكننا فى حزب الوفد وضعنا امرأة على رأس القائمة بالإسماعيلية وهى السيدة ماجدة النويشى وقد فازت ، كما وضعنا 87 سيدة فى مراكز متقدمة على قوائمنا ، إذن فالمشكلة بدأت عندما لم يهتم أحد بالمرأة فى القوائم وبالنسبة للفردى فعدد المرشحين كان كبيراً جداً والدوائر كبيرة وكان من الصعب أن تجد فرصتها ، وختمت حديثها مؤكدة على أن التطبيق الخاطئ (للكوتة) فى انتخابات 2010 أساء للمرأة بشكل كبير وجعل الناخبين غير مرحبين باختيارها ، ولن يكون هناك حل إلا بالقائمة النسبية العادلة بين الرجال والنساء .

 وترى فريدة النقاش الكاتبة الصحفة رئيسة تحرير جريدة الأهالى أن هجوم الإسلام السياسى على الناس خصوصاً بعد ظهورهم العلنى على الساحة أساء للمرأة جداً وأضر بصورة المرأة فى المجتمع ، بالإضافة للسياسات الحكومية بعد 25 يناير والتى أوضحت مدى التجاهل للمرأة بداية من عدم ضم لجنة وضع الدستور المؤقت لأى سيدة كذلك إلغاء نظام الكوتة دون استبداله بنظام حقيقى يضمن تواجد النساء داخل القائمة بشكل متقارب مع الرجال كما هو الوضع فى العديد من الدول العربية .

 وتضيف «النقاش» : تأتى بعد ذلك مسئولية الأحزاب نفسها، فهى تحت ضغط الرغبة فى النجاح والحصول على المقاعد تخلت عن المرأة ووضعتها فى مكان غير متميز فى القائمة خوفاً أن تفقد أصوات الناخبين بالإضافة إلى مسئولية النساء أنفسهن فى المرتبة الأخيرة ، خصوصاً الطبقة الوسطى حيث لم يقدمن أنفسهن بالشكل القوى مما أفقدهن دعم مجتمعاتهن .

 جمعيات المرأة

 وإذا كان الجميع تخلى عن دعم المرأة، فماذا قدم لها القائمون على الجمعيات المهتمة بالمرأة ؟

 عن ذلك سألنا د. هدى بدران رئيسة اتحاد نساء مصر ورابطة المرأة العربية، فقالت :

 لقد وعدنا كاتحاد بتقديم خمسة ملايين سيدة لتنتخب وقد نفذنا وعدنا، حيث قمنا بعمل دورات توعية للنساء لاختيار الأفضل لكن لم نجبر الناخبات على التصويت لشخص بعينه والتزمنا بفترة الصمت الانتخابى لكن لم نستطع أن نمنع من يعطيها أموالاً أو يقنعها أنها إذا أعطته صوتها ستدخل الجنة . كذلك قمنا بتدريب 70 مرشحة ، ولكن مع التيار الإسلامى الرافض للمرأة، كان وضع المرأة يتجه للأسوأ وكان يجب على القائمين على وضع قانون الانتخابات عند إلغاء الكوتة أن يتم استبداله بقانون ملزم ومحدد لوضع المرأة فى القوائم كما حدث فى تونس عندما ضمت القوائم رجلاً يليه امرأة وهكذا .

 وختمت حديثها مؤكدة أن المرأة لم تخطئ لكن المناخ العام كان ضدها وتسألت عن المجلس القومى للمرأة وكيف لم يعد تشكيله للآن وكيف أنه كان عبئاً على المرأة فى دعايتها ولم يكن مناصراً لها لأن المجتمع لايثق فيه بسبب دعمه لعناصر لم تكن كفؤة فيما سبق !!

 ثقافة ذكورية

 وبعد الاستماع للجميع توجهنا لـ د. هدى زكريا أستاذ علم اجتماع سياسى لنعرف ما الدور الذى لعبه المجتمع وساهم فى عدم نجاح النساء فى الوصول لبرلمان 2012 فقالت :

 بداية يجب أن نعترف أن النساء سبق وتواجدن فى مجلس الشعب لكن لم يقدمن شيئاً للمرأة، من هنا لم تكن النساء متحمسات لإعطاء أصواتهن للنساء بالإضافة إلى أن ثقافة المجتمع لاتزال رجولية ، ترى أن الرجل هو الأقدر على تولى المهام الصعبة وإذا ربطنا بين هذه الاعتقادات والمد السلفى الواضح الذى يسىء للمرأة بشكل واضح نرى أن ماحدث فى الانتخابات شىء متوقع ولايجب أن يصدمنا لأكثر من سبب، وهو أن المرأة موجودة فعلا كقوة فعالة، وأن آراء السلفيين لن تؤثر فيها أو ترجعها إلى قرون مضت ، ولأنه من خلال قراءتنا لتاريخ الثورات نجد أن مجلس الشعب الجديد هو مجلس انتقالى لن يستقر طويلاً على المسرح السياسى، والمحظوظ هو من لم يشارك فيه حتى تستقر الأوضاع، لذا على المرأة أن تبدأ فى تجهيز نفسها من الآن وأن تعمل على تغيير الرؤى السائدة لتجد لنفسها مكاناً فى المجالس القادمة عندما تتحسن الأفكار المسيطرة على المجتمع الذى تعيش فيه

المصدر: مجلة حواء -نجلاء ابوزيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 698 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,817,813

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز