كامليا صبحى أمينة المجلس الأعلى للثقافة:
التنـويـــرضـد التطرف
كتبت :مروة لطفي
يقولون .. قوة الإرادة تصنع المعجزات ولأن أفكارها وأحلامها التثقيفية ليس لها حدود، فقد قررت عدم تقيدها بالموارد المادية المتقلصة التي يشهدها القطاع الثقافي حالياً.. وبدأت فعلياً في خطة عمل تثقيفية تشمل كافة القطاعات حتي تصل الثقافة لكل مواطن فتصبح من مطالبه الأساسية .. إنها الدكتورة كامليا صبحي أول امرأة تتقلد منصب الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة والحاصلة علي جائزة التمييز النسائي لعام 2011 .. «حواء» التقت بها، فكان الحوار التالى
باعتبارها أول امرأة تتقلد هذا المنصب الرفيع بالإضافة لكونها أول امرأة تعين مستشارة ثقافية لمصر فى فرنسا على مدار 6 سنوات ساهمت خلالها فى العديد من التظاهرات الثقافية لتحصل على شهادة التميز النسائى لعام 2011 من فرنسا سألتها:
ما رؤيتك للوضع الثقافى الحالى الذى تشهده مصر وأثره على المرأة بوجه خاص؟
- لاشك أن عملى بفرنسا جعلنى أرى الأمور الثقافية بشكل مختلف .. فقد لمست أثر الثقافة المصرية على أجيال عديدة من المثقفين العرب، الأمر الذى أعطانى وعياً بأهمية دور مصر الثقافى فى كافة المجالات.
ورغم أن الوضع الثقافى الراهن ليس على ما يرام نحتاج للتروى فى العلاج .. فالثقافة قوة عارمة من خلالها نحقق مكاسب اجتماعية، سياسية، واقتصادية منقطعة النظير، ومن ثم يجب بدء عجلة الإصلاح من الثقافة والتعليم.
وتضيف د.كامليا أن وضع المرأة الثقافى مرتبط بتقدم فكر الرجل، لهذا نحتاج إلى التأكيد على ثقافة عدم التيميز وهو عمل تثقيفى مدنى فى آن واحد ولابد من مساهمة كافة القطاعات فى دعمه.
التصدي للتطرف
> فى ظل الهجمة الشرسة من قبل بعض التيارات المتطرفة التى تؤثر على الأفكار الثقافية ..ماذا عن دور المجلس فى هذا الشأن؟
- نحن بصدد الانتهاء من تشكيل لجان المجلس، والتى تضم نخبة مختارة من العقول المصرية المستنيرة، وعندى أمل كبير فى أن يتضامن أعضاء تلك اللجان لبناء فكر تنويرى جديد نواجه به الأفكار المتطرفة ونضع آليات عمل حقيقية للتصدى لها.
وجدير بالذكر أن هذه اللجان تضم كافة الأوجه الثقافية من قصة شعر،أدب،فنون تشكيلية وأدعو كافة المثقفين للانضمام إلينا.
بمناسبة ذكر لجان المجلس.. ما الأسس التى سيتم على ضوئها اختيار الأعضاء، خاصة أن البعض يطالب بانتخابهم؟
- هناك إشكالية فى تلك المسألة حيث يتم اختيار الأعضاء وفقاً للترشيح من عدة جهات وهو يعد نوعاً من الانتخاب .. وتضم كل لجنة 22 عضواً وفقاً لمعايير عديدة من ضمنها مراعاة تمثيل المرأة والشباب فضلاً عن اختيار رئيس كل لجنة بالانتخاب من خلال التصويت المباشر لأعضاء اللجان.
الثقافة الجماهيرية
يشكو البعض من غياب الثقافة الجماهيرية، وتحول بعض البيوت الثقافية إلى أماكن مهجورة بينما اقتصرت أنشطة بعضها فى المحافظات على الشكل فقط .. فكيف نعيد الحياة إليها؟
- فى البداية أوضح أن المجلس الأعلى للثقافة ليس لديه أى سلطة على القصور، فهى تابعة للصندوق الثقافى، لكن رؤيتى لتطويرها تعتمد على تجربة شهدتها خلال تجولى بالمدن الفرنسية، فهناك كانت مدينة معروفة بالفقر الشديد يتسم المراهقون بها بالرعونة والعنف، لكى تحارب الحكومة الفرنسية الفقر بالثقافة فقد حرصت على إقامة احتفالية ثقافية سنوية كبرى يتم فيها اختيار إحدى الدول للتعريف بثقافتها، وقد لاحظت عند اختيار مصر فى أحد الأعوام أن الإعداد لتلك الاحتفالية يستغرق العام بأكمله، حيث تقوم المكتبات العامة بتوزيع المطبوعات الثقافية لهذه الدولة والترويج لأفكارها الثقافية قبل الإحتفالية بستة أشهر، بينما تدرب المدارس الطلبة على تجسيد الأعمال الأدبية للروائى المزمع استضافته فى الأحتفالية من خلال المسرح المدرسى، كما يتم تحفيظهم النصوص الشعرية لضيوف الأمسية .. من هنا يتشبع سكان المدينة بالنشاط الثقافى فعلياً وليس شكلياً.
وأعتقد أن نقل هذه التجربة إلى البيوت الثقافية بقرى ونجوع مصر سوف يسهم فى تثقيف الشباب ويساعد على تعريفهم بأهمية التسامح وتقبل الآخر خاصة أن تنفيذ تلك الأفكار بسيط ولا يحتاج لميزانية مكلفة.
ضعف الموارد
من المعروف أن وزارة الثقافة تمر بأزمة مادية نظرا لقلة مواردها الحالية.. فكيف ترين العمل فى ظل تلك الأزمة؟
- لدى يقين بالمثل الشهير «الشاطرة تغزل برجل...» وقد عملت فى باريس بميزانية محدودة للغاية ورغم ذلك نجحت فى تنفيذ العديد من الأنشطة الضخمة .. لهذا اؤكد دائماً أن الأفكار الخلاقة لا ترتبط بالإمكانيات ومن ثم يمكننا تحقيق إنجازات ثقافية بأقل التكاليف وهو ما أخطط للقيام به.
وماذا عن السينما والمهرجانات الفنية الأخرى؟
- تعتبر السينما من أهم الصناعات المصرية، لهذا يجب ألا تغيب، فهى من مصادر الدخل القومى الهامة فضلاً عن دورها فى الترويج الثقافى والذى لا يقدر بثمن .. فتاريخنا السينمائى سيظل محفوراً فى ذاكرة التاريخ .. وإذا كانت السينما الأمريكية استطاعات الترويج للحلم الأمريكى، فالسينما المصرية ليست أقل منها، لذا علينا البدء فى الترويج للحلم المصرى من خلالها حتى تصبح زيارة مصر هدفاً عالمياً..
وتضيف د.كامليا أنه رغم الخسارة الفادحة لإيقاف المهرجانات الفنية إلا أن تلك المهرجانات على وجه الخصوص تحتاج لميزانية ضخمة لأن ضعف ميزانيتها سيضر أكثر مما يفيد الأمر الذى يضطرنا لألغائها مؤقتاً.
الديمقراطية الثقافية
من خلال عملك بفرنسا والتى تعد أهم عاصمة ثقافية هامة، ماهى أكثر الأنشطة التى شهدتها هناك وتتمنين نقلها لمصر؟
- هذا السؤال صعب للغاية.. ففى باريس وحدها يقام أكثر من 500 نشاط ثقافى يومياً، لكن أكثر ما كان يلفت نظرى هو تدعيم فكرة الديمقراطية الثقافية، بمعنى الحرص على تقديم الثقافة بكافة أشكالها وتلقين الناس لتلك الثقافات ثم ترك الحرية لكل شخص يختار الفكر الثقافى المناسب له، لذا أتمنى للثقافة كوزارة أن تتضامن مع غيرها من المؤسسات المدنية حتى ننجح فى نشر الأفكار التنويرية المختلفة من خلال المكتبات العامة وغيرها من الأنشطة الثقافية بعدها نمنح كل شخص حرية اختيار ما يتماشى مع ميوله.
كلامك هذا يأخذنى لمطلب د.عزة هيكل والذى نقلته عن والدها وزير الثقافة الراحل بأن تتحول بيوت الثقافة إلى مدارس بلا شهادات فإلى أى مدى يمكن تنفيذ ذلك واقعياً؟
- «إيد لوحدها» لا يمكنها عمل شىء فالأبعاد كثيرة من ثم تعتمد التنمية الثقافية على تضافر الجهود، فالمطالبة بهذه البيوت يذكرنى بمكتبة «الكولاج دو فرانس» فى باريس فهى تضم كافة أوجه الثقافة من كتب وندوات وخلافه وتمنح المترددين عليها درجة علمية تثقيفية توازى شهادة فعلية، ولكى ننقل تلك التجربة علينا بالتدرج فى الأحلام فبدلاً من سرد النواقص يمكننا تفعيل ما هو قائم وتحويله لإيجابية تساهم فى وصولنا لأحلامنا التثقيفية.
وماذا عن رأيك فى شكوى بعض الموظفين بالمكتبات التابعة لوزارة الثقافة من فجوة بين الخطط الإدارية الموضوعة ومطالبهم الفعلية؟
- هذه نقطة مهمة وترجع لوضع تراكمى خاطئ وأعتقد أننا بحاجة لإعادة هيكلة حقيقية لمعظم مؤسسات الدولة حتى نستطيع بناء خطط توافقية للنهوض بالعاملين ليس فى القطاع المكتبى فحسب بل فى كافة القطاعات..
الجندي المجهول
بعيدا عن العمل،ماذا عن حياتك الشخصية ونجاحك فى التوفيق بينها وبين عملك؟
- لاشك أن وراء كل امرأة ناجحة رجل يقدرها ويحتويها.. وزوجى كان ولايزال الجندى المجهول الذى ساعدنى للوصول لكافة المناصب القيادية، فهو يملك مكتب محاسبة وقد قبل بسفرى للعمل كمستشارة ثقافية لمصر فى فرنسا بينما بقى وحيداً مع أبنينا أحمد وشريف حيث تخرج الأول فى كلية الحقوق القسم الفرنسى بينما يدرس الثانى بالأكادمية البحرية، لذا أهدى أى نجاح أحققه فى حياتى لزوجى العزيز الذى لولاه ما كنت وصلت لأى نجاح علمى.
وهل شارك أولادك فى ثورة 25 يناير؟
- بالفعل.. وكنت وقتها أعمل كمستشارة ثقافية فى فرنسا وقد انتابنى خوف جارف عليهما لعلمى بمشاركتهما بينما كنت بعيدة عنهما.. وأحمد الله سبحانة وتعالى على سلامتهما ونجاح ثورتنا المجيدة..
وأخيراً،ماذا عن أحلامك العامة والثقافية؟
- أتمنى أن يحفظ الله مصرنا من كل سوء وتعود لدورها الرائد فى كافة الأوجه السياسية،الاقتصادية، والثقافية.
أما بالنسبة للثقافة فأتمنى أن تصل لكل مواطن حتى يدرك قيمتها وأهميتها فيصبح الوصول إليها هو شغله الشاغل الذى يسعى له دائماً.
ساحة النقاش