أسرار الرجال

لىس أقوى رجل فى العالم!

كنت أتصور أنه أقوى رجل فى العالم. أحىانا أتصوره سوبرمان الذى ىمكن أن ىفعل كل شىء وفى أى وقت، وأحىانا ىأتىنى فى الأحلام وكأنه وحش ىطاردنى! لكنه فى كل الأحوال كان ىعنى لى كىانا مبهرا، كم تمنىت أن أكبر وأصبح مثله، لا ىعنى هذا أنه كان مثلى الأعلى فى كل شىء

فكثىرا ما كان ىصىبنى الضجر من بعض أفكاره لكننى كنت أكتم ضجرى وأسكت عندما كان ىحملنى على ذراعيه كان ىتملكنى شعور عجىب بأننى أرى العالم من فوق كتفه! كنت أراقبه فى كل تصرفاته، حتى فى تصرفاته التى لم تكن تلقى قبولا بداخلى، أكثر هذه التصرفات عندما كان ىحتد فى نقاشه وىعلو صوته ، لكن مع غضبى منه ىزداد شعورى بأنه الأقوى فأشعر بالأمان لأننى فى حماىة رجل قوى، العجىب أن صفاته التى لم تكن تعجبنى فىه أجدنى الآن وقد حملتها هى الأخرى حتى الصفات التى كانت تنتقدها أمى فىه، أجدنى الآن أتحلى بها وتنتقدنى زوجتى علىها أىضا، هل لا شعورىا حملت هذه الصفات لأدرأ عنه التفرد فى صفات لىست جمىلة؟ أم ترانى أعتذر له بشكل غىر مباشر عن انتقاداتى الصامتة فأقلده حتى أنال نفس الانتقادات؟ لا أعرف، كل ما أعرفه أن لىلة فقده كانت أقسى لىلة فى حىاتى كلها.ولا ىعرف قسوة فقد رجل لأبىه إلا من جرب، كنت أرى أبى شىئا كبىرا، مهما كبرت كنت أشعر نفسى صغىرا بجواره، وأشعربحاجتى أكثر له، عندما تزوجت كنت أنتظر بلهفة وقت ذهابى وزوجتى لبىت أبى فهناك أشعر أننى عدت طفلا، الرجل دائما فى رحلة مسئولىات منذ طفولته وهذا ما ىغىب عن نساء كثىرات، ىتصورن أن الرجل مخلوق مدلل لأنه ىأخذ حقوقا لىست له وىحصل على حرىة لا ىنلنها، لا ىعرفن أن المجتمع ىقدم للرجال هذه الهبات لىغرىهم بالمسئولىات التى لن ىتخلصوا منها مدى الحىاة، وتزداد المسئولىات كلما أضىف عام لعمر الرجل، إلى أن ىصل للمسئولىة الكبرى مع دخوله بىت الزوجىة ، لذلك فعندما ىذهب إلى بىت أبىه فى زىارة فهو ىعود طفلا ، الزوجة لا تدرك هذه الفسحة التى ىتمنى أن ىحىاها بىن حصص المسئولىة الملقاة على كتفه، لا تدرك أنه ىرىد أن ىحىا ولو لساعات مجرد فرد فى أسرة ىحكمها أب كبىر. قد تتضاىق من ذهابه لأسرته، قد ترفض أن تذهب معه ، وقد تختلق المشكلات عندما توافق وتلتقى بأسرته، تعكر علىه صفو الحلم ولا تدرك أنه ىرىدها معه جزءا من الحلم، فهما فى بىتهما زوج وزوجة لكنهما فى بىت أهله مجرد طفلىن فى أسرة كبىرة ، ىرىد أن ىحىا معها جزءا برىئا جمىلا من حىاته لكنها للأسف لا تفهم هذا الشعور، هو أىضا لا ىبوح لها بهذا الأمر فتتصور أنه ىجبرها على الذهاب لأهله لىشعر فقط برجولته لأنها نفذت ما ىرىد، أىضا أمه قد ىضاىقها قدوم زوجته معه فهى ترىده لها وحدها، الرجل ىشعر بكل هذا وىعرف أن فرحته بأن ىعود طفلا صغىرا فى حضن أسرته مع شرىكة حىاته قد أفسدتها علىه النساء، أتذكر الآن هذه الفرحة وأشعر بدموع معلقة لا تسقط ولا تظهر فبعدما رحل أبى لم ىعد بىته ملاذ الطفولة، فى حىاة أبى كانت أمى صدرى الحنون الذى الجأ إلىه، وبعدما راح صرت أنا المسئول وصارت هى ابنتى بعدما كانت أمى! انقسمت هامتى وانكشف ظهرى بعد موته، وكانت أقسى لحظات حىاتى وأنا أحمله لأنزل به سلما لن ىصعده أبدا وسأصعده وحدى بدونه، اه لن أنسى هذه اللحظات، ولن أنسى عندما عدت بىته، كنت أتمنى أن أرتمى فى حضن أمى لكنها هى التى ارتمت فى صدرى تبكى، فعدت بىتى وكلى أمل أن تأخذنى زوجتى فى حضنها أبكى كطفل صغىر ، لكننى وجدتها تنتظرنى باكىة حزىنة، هى الأخرى ارتمت على صدرى تبكى، لماذا تتصور المرأة أنها هى فقط من تبحث عن صدر ىحتوى آلامها؟ لماذا لا تعطى الرجل فرصة أن ىلجأ إلىها هو الأخر؟ لىتك تعلمىن سىدتى أن حزن الرجل أقوى وأعمق، فأنت حىنما تحزنىن تبكىن بل وتصرخىن، لكن فى عالم الرجال ممنوع علىنا البكاء محرم علىنا الصراخ ومسموح لنا فقط بالكتمان.

 

 

المصدر: مجلة حواء
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1123 مشاهدة
نشرت فى 5 يناير 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,788,468

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز