حديث ذو شجون

مع جمال سليمان ويفجر مفاجأة:

فيلمى القادم .. إيرانى

كتبت :منال عثمان

كلما رأيته أشعر بالخجل.. خجل من أدبه الجم وذوقه المفرط.. وتهذبه الذى يجعلك تبحث فى كل حصيلتك اللغوية لتضاهيه فى حسن النطق والتعبير وقد تفشل.. فالنجم جمال سليمان من فصيل من الرجال أعتقد لم يعد فى القاموس، لو طلبت مجالسته يفتح لك «سفر» حياته بلا مواربه بل بفخر شديد يرصد الكفاح ورحلات الشقاء الاسرية، وشح العيش الذى جعله رجلا حقيقىاِ بمعنى الكلمة.. فى كل جملة يفوح عشقه غير المقنن للفن... فكل ما به منضبط إلا هذا العشق، يحكى لك بإفراط عن مسرحياته الأولى وأدواره التى أهلته لتولى مكانة فنية عربية لها هذا الوهج المختوم (بالنسر المصرى) كما يقول هو، وليس نحن فى مسلسلات مثل ملوك الطوائف والتغريبة الفلسطينية وحدائق الشيطان.. هذا الحديث جمعنى به فى بهو أحد الفنادق فى وسط المدينة وذلك منذ أيام قليلة... كان الطريق لهذا الفندق محفوفاً بالدبابات والاسلاك الشائكة والوجوه الصارمة التى كانت تبادرنى: «بطاقتك».. ذهبت إليه ويبدو أن ملمح الأسى لكونى أبرز بطاقتى فى شوارع بلدى.. كان مازال يحتل وجهى، بادرنى بابتسامة قائلا:

- لا تغضبى لو هذا ثمن الربيع العربى.. ندفعه ولا ايه!

  ندفعه يا أستاذ جمال لكن الشهور مرت والشتاء جاء.

- كل أيامنا ستكون ربيعاً ان شاء الله.. الشعوب العربية مخدوع من يتصور أنها من الممكن أن تركن إلى الاستكانة والخضوع إلى الأبد، كرم الاخلاق من شيم العرب قد تمر سنوات طويلة ونحن نمرر ما نراه رؤية العين أمامنا ونستشعر بل قد نعرف بحذقنا كعرب ما يدبر لنا وما سيسلب منا، لكن أنا أتصور صفاتنا العربية التى يتصورونها خضوعا للحاكم والنخبة وهى غير ذلك.. هى كرم.. واختلاق مبررات وأسباب حتى نقتنع أن ما يحدث لصالحنا.. فمن فى يده كل الخيوط وهو فى الأساس سورى أو مصرى أو ليبى لا نتصور أنه يذهب بنا إلى الهاوية فهو يحمل جنسيتنا ومن الطبيعى أن يعشق البلد الذى ولد وعاش فيه فكيف يدمره ويذهب بنا إلى منحنى به كل الخطورة.. لكن فى لحظة فاصلة نكتشف أن مقاعد الحكم يبدو أن بها أجهزة قادرة على محو حب البلد وعشق التراب وتنسيهم صالح الشعب ولا يرون فى مرآتهم إلا أنفسهم وصالحهم وتدور رءوسهم وتنتفخ أوداجهم غرورا ويتصورون أنهم ملكوا الأرض ومن عليها.. لكنهم نسوا أن هناك شعباً.. وعربىاً كما الكرم من صفاته.. الغضب والتمرد ومحو أى شىء فى لحظة فاصلة أبرز صفاته أيضا.

  وما رأيك فى من يقول أنه مخطط لتقسيم الوطن العربى.. ووضع خريطة للدنيا جديدة وتقسيم مصر مثلا إلى دويلات؟

- لا أعتقد ولو أن فى الأفق ما يلوح بهذا، لكن تمكينهم من هذا المخطط عائد لنا نحن كعرب، لماذا الآن وبعد كل ما وصلنا إليه من تقدم نسمح لهم أن ينفذوا مخططهم والذى قالوا أنهم وصغوه منذ سنوات طويلة وبدأوا فى تنفيذه واستغللوا صدام حسين أسوأ استغلال فى بدايته وفى النهاية أعدموه فى يوم مبارك فى حياة العرب.. هذا المشهد آلمنى جدا.. لو هو شيطان رجيم شعبه يحاسبه نحن كعرب.. ليس هم من يضعوا الحبل حول رقبته.. أتفهمين ما أقصد؟ لا يمكن أبدا أن نسمح أن ينفذوا ما فى أذهانهم.. يعنى مثلا...

  أعجبنى ما حدث فى تونس بعد هروب (بن على) ونجاح الثورة انضم الثوار سريعا لبعض ونفذت طلبات الشعب وأصبح هناك حزب النهضة وهناك (رشيد الغنومى) والمنصف المرزوقى وغيرهم لابد فى مصر أيضا. أن تهدأ الامور وتكشف الأيادى الخفية وبعض الصبر على الوزارة والمجلس العسكرى، لا تعجبنى لهجة البعض من شباب الثورة، بها ندية وكبر والله ورسوله حرما علينا الكبر.. كل شاب يتصور أنه من أسقط رأس النظام، بعض الهدوء والروية.. فانتخابات مجلس الشعب أبرزت أن الشعب يريد الاستقرار، لماذا هذه الاعتصامات والمظاهرات والخراب، لو الثورة فى خطر انقذوها، فمن يفعل ثوره مثل هذه أبهرت العالم.. يستطيع أن يفعل غيرها لكن دون تخريب.. فأنا السورى أقول لكم مصر جميلة ياجماعة حرام.

  وسوريا أيضا جميلة.. لماذا لا تنقذوها؟

- يتنهد «آه يا سوريا الجميلة»، سوريا فى مأزق عنيف.. الأمر أصبح غير محتمل ولا أحد يعرف ماذا تحمل الأيام القادمة فى ظل دائرة العناد النارية هذه، صعب أن نتوقع فالأمر مختلف.. وإراقة الدماء أصبحت أسهل من تجرع رشفه ماء الآن فى سوريا قلبى يتمزق من أجلها نريد أن نخرج من المأزق ونرتب البيت.. لكن أنا أرفض أية تدخلات أجنبية فى شئون أى بلد عربى.. البلد بلدنا وكل أولى ببلده أما عن مصالح الدول الكبرى فى أى بلد عربى.. نجلس ونتناقش ونعطى الضمانات.. هذا كل ما لهم عندنا غير هذا لا..

فماذا تعنى تصريحات كلينتون هذه.. لماذا يذهب (چون كيرى) أو السفيرة الامريكية إلى مصر مثلا!

لا وتذهب لجماعة الاخوان بما أنهم منطقيا سيكونون فى صداره المشهد فى مصر فى الايام القادمة تسألهم عن الصحة مثلا؟

لا .. تسأل عن معاهدة كامب ديفيد والمصالح.. أوافق ماشى.. أكثر من هذا لا.. لا فى مصر ولا سوريا ولا تونس ولا أى بلد عربى.

  هل صحيح أن فيلمك القادم ايرانى؟

- نعم ولو أنى لن أستطيع الإدلاء بأيه تفاصيل عن الشخصية التى أؤديها لاتفاق مسبق بينى وبين الشركة المنتجة الفيلم نعمل به منذ عامين لأنه فيلم هام وضخم اسمه «يوم الحرية» وقد انتهيت من تصوير دورى به، الفيلم رساله لجميع الاديان السماوية وتبدأ أحداثه مع موت معاوية بن سفيان وتنتهى باستشهاد الحسين رضى الله عنه فى عشره من المحرم. الفيلم انتاج واخراج الايرانى (أحمد رضا درويش) وقد صورنا فى مدن ايرانية مثل أصفهان وشاهرو وطهران طبعا وسيعرض قريبا فى أوروبا والشرق الأوسط وإيران وسيشارك فى العديد من المهرجانات.

  أنت مرحب بك دائما.. لكن لماذا أنت فى مصر الان فى هذه الظروف؟

- يبتسم تصدقى لو قلت لك.. أوحشتنى.. أنا و«رنا» زوجتى و«محمد» ابنى على الرغم من عمره الصغير كلنا نحب مصر ولنا بها علاقات وصداقات ولو لم آت للأطمئنان عليها وعليكم الآن.. متى آتى..؟

  لو تغير شكل ومضمون الفن فى الوقت القادم.. ستأتى أيضا؟

- طبعا ولو أننى أستبعد هذه الفكرة فليس من الذكاء ترسيخها وليس فى الصالح تفعيلها بالنسبة لهم فما يربطنى بمصر ليس عملاً فقط... بل حب وذكريات وعلى قناعة بقول أم كلثوم فى «مصر تتحدث عن نفسها» أنا إن قدر الإله مماتى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى

 

المصدر: مجلة حواء -منال عثمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 651 مشاهدة
نشرت فى 1 فبراير 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,818,592

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز