بدأ الاحتفال رسميا فى العهد الفاطمي
دنانير ذهبية
ومواكب سلطانية وليالى شعبية
كتبت :سماح موسي
تنوعت عبر التاريخ أساليب الاحتفالا بذكرى ميلاد نبي الرحمة، وأخذت أشكالا عديدة وفق كل مرحلة تاريخية فقد بدأت بالاجتماع في المساجد وتذاكر سيرة الرسول، ثم تطورت فى العصر الفاطمي إلي مواكب تجوب البلاد يكون علي رأسها الخليفة، لتقام المآدب لإطعام الفقراء والمحتاجين ثم تطور الأمر في عهد السلاطين حيث تخرج خيالة الشرطة السلطانية في مسيرة تضم فئات المجتمع لتأخذ الاحتفالات بعد ثورة يوليو 1952 الشكل الاحتفالى الرسمي باقامة الندوات والليالي الثقافية.
وفي السطور القادمة نستعرض بالتفاصيل مراحل تطور مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عبر التاريخ >>
حول تاريخ الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ومتى بدأ وكيف تطور يحدثنا د.عبد المقصود باشا استاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة عضو المجلس الأعلى للشئون الاسلامية قائلاً :
دخل الاسلام مصر فى العام العشرين من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وفى هذه الفترة لم يكن الاحتفال بالمولد النبوى ذا شكل رسمى على الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب هذا اليوم كان يقول عنه «ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل على فيه وهاجرت فيه ».
وأيضاً وصل رسولنا الكريم فى هجرته إلى المدينة فى يوم الاثنين وفيه أيضاً قبض (مات) ويؤخذ من قول رسول الله بأنه يستحب الاحتفال بمولده وإظهار هذا الاحتفال للعامة والخاصة.
وفى بدايات العصر الاسلامى بمصر لم يكن الاحتفال بالمولد الشريف متواجداً لكنه من الثابت تاريخياً أن الكثير من المسلمين كانوا فى هذا اليوم يجلسون فى المساجد الكبرى يتذاكرون سيرته صلى الله عليه وسلم، وظل الأمر على هذا المنوال حتى أخذ هذا الاحتفال الشكل الرسمى فى عصر الدولة الفاطمية فقد كانت هذه الدولة تنتسب إلى السيدة فاطمة الزهراء ولما كانت هذه الدولة فى قيامها وفى سياستها تعتمد اعتماداً كليا على هذه الشعيرة من شعائرها ولازماً من لوازمها فكانت القاهرة وجميع المدن والقرى فى مصر تحتفل فى هذا اليوم احتفالا ضخماً وكان الخليفة الفاطمى يخرج إلى الناس فى أبهى زينته وأجملها حول قادة جيوشه ووزرائه وكبار رجالات دولته فى حفل بهيج يتذاكرون سيره رسول الله.
شكل الاحتفال
ويشرح د. باشا مظاهر الاحتفال حيث يستمر طوال اليوم والليلة وفى نهايته تعد الموائد وعليها أشهى المأكولات والحلوى بأنواعها المحتلفة بل زاد الأمر أن الحلوى كانت توضع فى أطباقها الدنانير الذهبية وذلك لدفع الناس إلى تناول مزيد من الطعام حباً ومرضاه للنبى فربما يعثر أحدهم على عدد كبير من الدنانير كلما كانت كميات طعامه أكبر .
وظل الأمر على ذلك بين أهل مصر حتى عندما زالت الدولة الفاطمية .
وتطور الاحتفال تطوراً كبيراً فقد كانت الفرق الموسيقية السلطانية ثم الفرق الموسيقية الملكية بعد ذلك تخرج بآلاتها الكبيرة الصداحة تعزف أعزب الألحان فى موكب رائع يضم خياله من الشرطة السلطانية ورموز من فرق الجيش بخيول (عالية ومزينة بالكسوة الجميلة) ثم يلى ذلك موكب لأصحاب المهن المختلفة من سيوفية (صناع السيوف) ونحاسية وجميع الصنائع المتواجدة فى مصر ثم مواكب الصوفية بأرضية بيضاء فى أبهى صورة وأجمل منظر ثم مسيرات لجماهير الشعب المصرى كل ذلك فى موكب واحد .
وعلى جانبى الطرق تقف الجماهير تشارك فى الاحتفال بالذكر والصلاة على النبى وتتدبر سيرته بينما النساء يعلو أصواتهن بالزغاريد وكأن الكون كله فى مصر يحتفل بهذه المناسبة الجميلة.
وظل الأمر على ذلك وحتى قامت الثورة المصرية ضد الملكية فى سنة 1952 م ثم تطور الاحتفال بعد ذلك ففى هذه الأيام تقيم وزارة الأوقاف احتفالات ثقافية ودينية احتفالاً بالمناسبة الجميلة حيث تنقل الإذاعة والتليفزيون الاحتفال من أحد المساجد الكبرى وسط جموع الشعب فى هذه الليلة المباركة ويتذاكرون سيرة النبى المصطفى وشعب مصر بطبعه عاشق للنبى وأهل بيته .
مضمون الاحتفال
ويشير محمد السكران رئيس الرابطة الحديثة واستاذ اصول التربية بكلية التربية جامعة الفيوم إلى مضمون الاحتفال ففى الماضى كانت مجرد احتفالات شكلية تتمثل فى شراء الحلوى وتبادل اشياء بسيطة لكن الآن وبعد ثورة 25 يناير نريد بناء المواطن المصرى على أسس دينية صحيحة حيث هى أساس التربية السليمة فلابد أن نفهم مضمون الاحتفال بالمولد النبوى ونقتبس من السيرة النبوية العطرة ما يدفعنا من العمل والانتاج والتوحد واحترام الآخر وتتمثل فى القيم والاخلاقيات والسير على سنة نبينا الكريم وهذا ما يعنى أن نسير عليه.
وتتمنى د. سهير لطفى استاذة الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية الاحتفال بالمولد بقولها : يمنح روحانيات جميلة ويشعر الانسان بهويته وانتمائه ويساعد ذلك على توطيد العلاقات على المستوى الاجتماعى والصداقة والمحبة ويعط طعماً آخر وخاصاً للحياة.
وتضيف د/ سهير أن شكل المجتمع هوالذى يحدد مضمون وإطار الاحتفال على حسب التطورات التى تطرأ على المجتمع.
ساحة النقاش