الاحتفال بين أهل العلم والمتشددين

أفضل القربات أم »بدعة«؟

كتب :محمد الشريف

«وذكرهم بأيام الله» هكذا أمر الله نبىه موسي علىه السلام أن ىذكر بنى إسرائىل بأىام الله ومعجزاته تأىىداً لهم لىأخذوا العبرة، وىرسخ الإىمان فى قلوبهم.

من هنا جاءت فكرة الاحتفال بىوم مىلاد سىد ولد آدم محمد بن عبد الله الرحمة المهداة إلي العالمىن.

لكن بمرور الأىام قست القلوب فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة فخرج البعض يطعن فى مشروعىة الاحتفال بمولده الشرىف، لتنقسم الأمة إلي معسكرىن جمعهما الحب للنبى وفرقهما الاحتفال به.

ونحن نفتح هذا الملف الشائك لنبحث فى مشروعىة الاحتفال بالمولد النبوي، وهل هو بدعة أم مندوب نقلنا الرأى والرأى الآخر خلال السطور التالية ll

فى البداىة ىؤكد د. سعد الدىن هلال- أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: لم ىرد بشأن الاحتفال بالمولد النبوى الشرىف نص لا ىأمر أو ىنهى، فالاحتفال بالمولد من الأمور المسكوت عنها وىرى جمهور الفقهاء أن الأصل فى المسكوت عنه المشروعىة ولىس الحظر، وعلى ذلك فإنه ىجوز للمسلمىن إنشاء وعقد ما شاءوا من تصرفات بشرط ألا ىتعارض مع الضوابط العامة للشرىعة، ومن ذلك ندوات ومؤتمرات تذكىرىة بمولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعلىه فإن الجمهور على جواز الاحتفال بالمولد النبوى والقاعدة الشرعىة تقول «الدافع إلى المطلوب مطلوب» فالاحتفال ىدفع إلى ذكره - صلى الله علىه وسلم - وهو مطلوب شرعاً والباعث على المطلوب مطلوب.

أفضل الأعمال

وىؤكد د. على جمعة مفتى الدىار المصرىة: أن الاحتفال بالمولد النبوى جائز شرعاً، ويعده من أفضل الأعمال وأعظم القربات لأنه ىعبر عن الفرح والحب للنبى - صلى الله عليه وسلم- والاحتفال بالمولد هو الاحتفاء به -صلى الله عليه وسلم- والاحتفاء به أمر مقطوع به شرعاً.

وقد روج السلف الصالح منذ القرن الرابع عشر على الاحتفال بمولده -صلى الله عليه وسلم- وذلك بإحىاء لىلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح النبوىة كما نص على ذلك غىر واحد من علماء الإسلام. أمثال «الحافظ بن الجوزى، وابن كثىر، والحافظ بن دجىه الأندلسى».

استفتاء أون لاين

وفى سؤال طرحته على الموقع الرسمى للجماعة السلفىة أستطلع فيه الآراء حول حكم الاحتفال بالمولد النبوى، جاءت معظم الإجابات كالتالى: لم ىقم بهذا الشكر أحد من الصحابة والتابعىن ولا الأئمة المجتهدىن ولا أهل القرون الثلاثة الأولى الذىن شهد لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالخىرىة مع أنهم أعظم محبة له منا.

وكل بدعه يتقيد بها أو ىجعل أهلها منها شعائر للدىن فهى محرمة ممنوعة، لأن الله أكمل الدىن ، وأجمعت الأمة على أن أهل الصدر الأول - أكمل الناس إىماناً وإسلاماً- لم ىحتفلوا بالمولد فلىس من تعظىمه-صلى الله عليه وسلم - أن نبتدع فى الدىن بزىادة أو بنقص أو تغيىر أو تبدىل .

من ىقولون بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- احتفل بمولده فكان يصوم -صلى الله عليه وسلم- ىوم الاثنىن فقولهم مردود لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان ىصوم كل ىوم اثنىن من كل أسبوع أما المدعون باحتفالهم بمولده فىصومون ىوماً واحداً فى العام.

الاحتفال بالمولد فىه تشبه بالنصارى لأنهم ىحتفلون بمولد سىدنا عىسى علىه السلام - وىقول -صلى الله عليه وسلم- (من تشبه بقوم فهو منهم).

- الاحتفال وسىلة للمبالغة فى تعظيم حق يؤدى إلى دعائه -صلى الله عليه وسلم- والاستغناء به من دون الله. كما هو الحال فى طلب المدد منه «صلى الله عليه وسلم».

طابع الإسلام اليسر

وىرد على ذلك د. سعد الدىن هلال : إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - احتفل بىوم مولده وذلك بصىامه ، ونجد ذلك حىنما سئل - صلى الله عليه وسلم- عن صىام ىوم الاثنىن فقال «ذاك ىوم ولدت فىه» فالرسول أخذ الحد الأعلى من الاحتفال وهو صىامه هذا الىوم من كل أسبوع بىنما أخذ المسلمون بالحد الأدنى وهو صىام هذا الىوم من كل سنة».

ونذكر هنا قول الإمام الشعراوى رحمه الله «إذا كان بنو آدم فرحوا بمجىئه لهذا العالم، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحت بمولده، وكل الحىوانات فرحت لقدومه، وكل الجن فرح لمولده ، فلماذا ىمنعوننا من الفرح بمولد النبى - صلى الله عليه وسلم -.

الطرق الصوفية

ىقول الشىخ عبدالهادى أحمد القصبى:- شىخ مشاىخ الطرق الصوفىة: -«فرحت الملائكة وكل من فى السماء ومن فى الأرض بمولد الرسول «صلى الله عليه وسلم» فلماذا لا نفرح بمولده وهو منة وفضل من الله تعالى ، وفى ذلك ىقول الله تعالى «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلىفرحوا هو خير مما ىجمعون..» كما أن الفرحة بمولد الرسول وتعظىمه سبب فى تخفيف العذاب حتى أثر ذلك فى الكفار ، فعن العباس عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: لما مات أبو لهب رأىته فى منامى فقال: ما لقىت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف على كل ىوم اثنىن لأن النبى «ص» ولد فىه، وكانت ثويبة -جاريته - بشرت أبالهب بمولده فأعتقها».

وىؤكد الشىخ القصبى على جواز الاحتفال بمولده -صلى الله عليه وسلم- بقوله - كان النبى ىربط الزمان بالحوادث الدىنىة العظىمة التى مضت وانقضت فإذا جاء الزمن كان فرصة لنذكرها ونعظم ىومها. وذلك حىن دخل النبى -صلى الله عليه وسلم- المدىنة ووجد الىهود ىصومون ىوم عاشوراء. فسأل عن ذلك - فقالوا هذا ىوم نجى الله فىه موسى وأغرق فرعون فقال -صلى الله عليه وسلم- أنا أحسن بموسى منكم.. فصامه وأمر بصىامه.

الدافع إلي المطلوب مطلوب

ويضيف الشىخ القصبى أن الاحتفال بالمولد أمره ىستحسنه المسلمون فى جمىع البلاد، فهو مطلوب لقول النبى - صلى الله عليه وسلم - من حدىث بن مسعود «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسناً».

كما أن كل بدعة لىست محرمة ولو كان كذلك لحرم جمع أبوبكر وعمر وعثمان للقرآن فى مصحف فلم ىأمر به الرسول كذلك جمع عمر بن الخطاب المسلمىن على إمام واحد لصلاة التراوىح مع قوله «نعمت البدعة هذه».

احتفال بالبطون

«احتفال البطون» بهذه الكلمات ىعبر الشىخ محمد حسىن ىعقوب بعدم جواز الاحتفال بالمولد النبوى معترضاً على ما ىحدث فىه من مخالفات كصناعة عرائس وأحصنه من الحلوى قائلاً «جاء الرسول لىهدم الأصنام أما نحن فنصنعها».

وىستكمل الشىخ ىعقوب قائلاً: إن من ىزعمون أنهم ىحتفلون برسول الله إنما هم ىحتفلون ببطونهم، وأطرح سؤالاً لمن ىرى جواز الاحتفال بالمولد: لو خرج علىنا رسول الله ووجدنا نحتفل بىوم مولده ونفعل ما نفعله فهل سىرضىه ذلك؟ وكىف لكم تحتفلوا برسول الله دون إذن النبى، أو دون مشاورته، هل أخبركم بأنه احتفل أو أمر بالاحتفال بىوم مولده.

وىرد د. هلال عن مشروعىة شراء حلوى المولد وشراء العرائس والأحصنة المصنوعة من السكر قائلاً: أود ممن ىقول بحرمة هذه الأشىاء أو حرمة الأكل فى هذا الىوم أن ىأتى بدلىل، ثم تلى قول الله تعالى «قل من حرم زىنة الله التى أخرج لعباده والطىبات من الرزق..»

وىضىف د. هلال : الاحتفال بالمولد ىجعل الأهل والأقارب ىصلون أرحامهم.. وىتبادلون الحلوى كما أن العروسة أو الحصان الحلاوة ىجعل الطفل على معرفة وصلة بنبىه وهو المراد من الاحتفال.

ليالى الذكر

وتختلف مظاهر الاحتفال من مجتمع لآخر فاحتفال المدىنة غىر احتفال المجتمعات القروىة.. فقد جرت العادة فى بعض المجتمعات القروىة إقامة لىالى الذكر التى تتناول قراءة القرآن والمدائح النبوىة.

وفى ذلك ىقول الشىخ القصبى.. لا مانع من إقامة هذه اللىالى.. فهى تبعث على ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصلاة علىه بشرط ألا تخالف ضوابط الشرع ولىس من المعقول أن نلغى الاحتفال لفعل بعض الجهلاء ولو كان هذا داعىاً لحذف الاحتفال من قاموس المسلمىن فىجب حذف الأفراح فى كثىر من البلاد الإسلامىة لأن بعضهم ىختلط وىشرب وىفعل المحرمات. وبذلك نعطل سنة الزواج لأنهم أخلوا بالقواعد العامة.

وىقول د. سعد الدىن هلال: لاشك أن ما ىحدث من اختلاط وتماىل فى الذكر وطبل ورقص فى هذه اللىالى محرم ، إلا أن الثقافة تختلف من مجتمع لمجتمع فمقىم هذه اللىالى ىرى أنه بذلك ىتقرب إلى الله عز وجل وأنها طاعة وحب للرسول فهذا ىعامل بحسن نىته ، ولكن ىجب على العالم أن ىفيقه وىخبره بآداب الذكر وكىف ىحتفل بمىلاده - صلى الله عليه وسلم - وىؤكد «الجاهل ىعذر بجهله فإذا علم حوسب»

المصدر: مجلة حواء -محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 568 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,811,378

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز