بعد قرار العسكرى

الأخوات غاضبات

كتبت :ماجدة محمود

بمجرد أن أصدر المشير «محمد حسين طنطاوي» مرسوما بإعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة، قامت الدنيا في أروقة حزب الحرية والعدالة ولم تقعد، وأعلنت الأخوات غضبهن واستياءهن من هذا القرار الذي صدر بشكل مفاجيء وفي غير وقته، أما الحزب فأعلن في بيان له : «أن القرار جاء بدون تشاور مع الأحزاب والقوي السياسية، خاصة أنه يتعلق بمؤسسة هامة وخطيرة كانت سلاحا للنظام السابق، لتفتيت الأسرة والقضاء عليها، وبالتالي فإن إعادة هذا المجلس بأي شكل من الأشكال دون التشاور مع الأحزاب السياسية، والقوي الوطنية يعد تخطيا مرفوضا، ويؤدي إلي مجلس لا يحقق مصلحة الوطن، وأهداف الثورة بالنسبة للمرأة المصرية».. بعد قراءة البيان، اتهم البعض حزب الحرية والعدالة بأنه أصبح الآمر الناهي في مصر، وأن البلد بات ملكا له وحده دون غيره من الأحزاب، وأنه أصبح يقوم بدور وممارسات الحزب الوطني البائد الذي كرهه الشعب ورفضه لاحتكاره كل مؤسسات الدولة، وأن الأخوات الغاضبات، اللائي ثرن، واعترضن، وملأت تصريحاتهن كل المواقع، انفعلن لأنهن لم يمثلن بنسبة كبيرة في تشكيل المجلس.

ولهذا تحركنا سريعا، وسألنا أطراف القضية عن أسباب الغضب -من القرار -غير تلك المعلنة في البيان، بالإضافة إلي إعطاء الأخوات الفرصة للرد علي الاتهام الموجه لهن ولحزبهن ؟!

l بداية ما هى أسباب الغضب، والاعتراض القوى على إعادة تشكيل قومى المرأة وأنتن معترضات عليه أساسا ؟

- د. أمانى أبوالفضل - ناشطة ومديرة مركز مرام - ترى أن الصورة التى خرج بها التشكيل مريبة لم يكتب فى الجريدة الرسمية «الأهرام». الواضح أنه تم تشكيل المجلس فى الخفاء، ولسنا وحدنا من غضب، بل الشارع المصرى الذي له قيمه ومنظومته المتعلقة بشئون الأسرة وتقاليدها كله مصاب بالأسى، فهذه ليست قضية إسلامية، بل قضية مجتمعية مصرية .

l ولماذا الصدمة ؟

- لأن كل المعينات بالمجلس القومى للمرأة يمثلن الفكر السابق المرفوض.

l بمعنى ؟

- لأنه فرض قيم وقوانين ليست من نسيج هذا المجتمع، والذى ظهر جليا فى قانون الطفل، الحضانة والرؤية، والقوانين المتعلقة بالطلاق، الشعب المصرى يعيش فى صدمات منذ عشر سنوات، ولم يتخيل أن تظل الوجوه هى نفسها بعد الثورة .

l ولكن هذه القوانين من الشرع، كالخلع مثلا، وأقرتها المحكمة الدستورية العليا، والقانونين ؟

- لا ينكر أحد أن «الخلع» من الشريعة الإسلامية، ونحن الإسلاميات طالبنا به، أوائل التسعينيات، ولكن هذا الكم من الحقوق والتمييز للمطلقة وحضانة أطفالها غير مبرر.

l هناك من سيرد أن هذه القوانين مرت على دوائر قانونية ، ولا عوار فيها ؟

- هى لا تتفق مع الدستور أو تعبر عن روحه السابق أوالأسبق، لكنها أقرت من قبل برلمان مزيف، كان كل أعضائه معينين لتمرير القوانين التى من صنع «ترزية» القوانين، وليست لها أى علاقة بدساتير أو منظومة قانونية محترمة .

l هل الحزب ونساؤه يرفض المجلس القومى للمرأة أساسا ؟

- نعم نحن ضد التمييز للمرأة، بمجلس خاص بها ، ولكن بمجلس أسرة، نحن نتهم أننا ذكوريات، فى الوقت الذى نعمل فيه من أجل المرأة 100%، ونطالب بمجلس أسرة يناقش قضايا المرأة، والرجل والطفل، لأن قوانين المجلس السابقة خلقت جواً من العداء والترصد بين أفراد الأسرة الواحدة، كما أنها أنتجت العنوسة التى وصلت نسبتها 9%، وارتفعت نسب الطلاق لتصل إلى حالة طلاق كل 4 دقائق. عندما استسهلت المرأة ذلك، هذه القوانين فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها الشقاء.

l ولكن لماذا الاعتراض على قومى المرأة، وهناك قومى الشباب، وقومى الرياضة ..؟

- لأنه لا يمكن أن يتصور إفراد المرأة، واقتلاعها من سياقها الأسرى، نحن نعمل لصالح المرأة أكثر من الليبراليات الآن، هن يأتين بقوانين جاءت من المواثيق الدولية، والتى تعبر عن مجتمعات غربية لا نعترف بها. وهل نقبل أن يكون حال أسرنا، كحال الأسر الغربية، الثقافة المصرية ، العربية والشرقية لها خصوصيتها، والشخصيات الموجودة الآن تعكس فكر العولمة بأقبح صورة.

l وماذا عن الاتهام الموجة لكن بأن الأخوات يردن الاستحواذ على كل شئ، وهذا هو السبب الرئيسى للغضب الشديد ؟

- وهل اخترنا أنفسنا ، أم الشعب ؟ ثم أن الحرية والعدالة ليس هو التيار الإسلامى الوحيد، نحن نتحدث عن التيار الإسلامى بكل أشكاله، النور والوسط .

l ولكن أنتم من اعترضتم وليست التيارات الأخرى ؟

- لعدم وجود قنوات إعلامية تعبر عن رأيها، نحن لدينا صحيفة وقناة تليفزيونية، وأزيدك، أن حزب الوفد ، وهو حزب ليبرالى الفكر وليس القيم، فهو حزب مصرى أصيل، يتمسك بالقيم المصرية، يتفق معنا فى الرأى، فليس فقط الأحزاب الإسلامية هى من ترفض هذا العبث، بل أحزاب أخرى .

l وماذا ستفعلن ؟

- حزب الحرية والعدالة يحترم الشرعية، ولا يليق لنا إلا الطرق الشرعية كالقضاء مثلا، لكننا سوف ننتظر، ونحذر من أى محاولة من قبل هذا المجلس غير الشرعى الذى ولد فى الظلام أن ينتهز الفرصة خلال الشهور الأربعة القادمة، ويفرض أي قوانين أو يوقَّع أى مواثيق دولية، وقتها سيكون الرد بكل عنف تجاه هذا الاستهتار الذى يمس الشعب المصرى بأكمله.

انتقالي

l وبنفس المنطق تقريبا تحدثت د. منال أبوالحسن - أمينة المرأة بحزب الحرية والعدالة فرع القاهرة - قائلة : المجلس القومى للمرأة والذى تم تشكيله يتبع المجلس العسكرى ومثله مثل أى مجلس تشكل سواء شباب أو حقوق إنسان وأيضا الحكومة، لم يتم بالشكل الديمقراطى، ونعتبره تشكيلاً انتقائياً، لا تمثل آراؤه الشعب ولا يحمل صفة القومية، والشئ الوحيد الآن الديمقراطى والمعترف به هو البرلمان لأنه جاء بإرادة شعبية، ولهذا نحن غير راضين عن القومى للمرأة.

l وما هو الشكل الديمقراطى الذى كان يجب أن يأتى به المجلس ؟

- أن يتم مشاركة جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى فى اختيار عضواته، بحيث ترشح كل مؤسسة فردين، ثم تستفتى عليهما داخلها، ويصعد الفائز لينال العضوية وبهذا يصبح ديمقراطيا ويمثل أطياف النساء والرجال كافة.

l وهل لك اعتراض على المجلس نفسه أو عضواته ؟

- المجلس كان تابعا لرئيس الجمهورية، وبالتالى وضعه القانونى غير شرعى، ولا يعبر عن المجتمع، ثم أن أعضاءه تم اختيارهن لا انتخابهن كما ذكرت، وعاد للعمل فى مرحلة انتقالية، لم يكتب فيها الدستور بعد، ولا نعرف لأى جهة يتبع، ولأنه خرج من عباءة المجلس العسكرى، فيمكن أن يمارس عمله وفقا لسياسة العسكرى، ثم أن أولويات المجتمع المصرى الآن ليست فى تشكيل مجالس لأى جهة حتى لو كانت المرأة .

أليست المرأة التى همشت، وحجمت بحاجة ماسة لمجلس يتبنى قضاياها ؟

- معك حق، ولكن المجلس باطل وغير شرعى، لأن ما بنى على باطل فهو باطل، واللوائح تم إلغاء الدستور الخاص بها، الشرعية الوحيدة لمجلس الشعب، أما المؤسسة العسكرية أو الحكومة فهى انتقالية ولم تأت بإرادة شعبية.

l قد أوافقك فى الحكومة ، أما المجلس فلا ، لأن الشعب ارتضى به، وقد يأتى اليوم الذى يطالب مجلس الشعب بالرحيل، إن لم يؤد دوره جيدا؟ ولكن ليس هذا مجال حديثنا، بل هو الاتهام الموجه للحزب والأخوات بالاستحواذ وأن البلد صار بلدهم ؟!

- هذا كلام باطل، حزب الحرية فصيل من فصائل الدولة، مارس ديمقراطية لم يمارسها أى فرد أو مؤسسة، فرغم حصوله على الأغلبية لم يستحوذ داخل المؤسسة التشريعية على حقه هذا، لكنه سن سنة جديدة، جعلت لكل القوى السياسية تواجدها داخل مجلس الشعب، وهذا لم يحدث أبدا فى الماضى، إذن معارضة الأخوات فهمت خطأ، نحن نبحث عن الديمقراطية ، وأتاحة الفرص لكل الأطياف للمشاركة وإلا ما أصبح قوميا، وأؤكد لابد من وضع الدستور أولا، والوقوف على اللائحة التى تمارس من خلالها أى جهة عملها، وهذه هى الديمقراطية، ثم أن المشكلة الرئيسية أيضا .. أن يتم اختيار عناصر من مجلس الشعب، لأكثر من سبب ، الأول أن نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان ضعيف، واختيار عناصر منه تضعفه أكثر، والثانى: أن النائبة مختارة من جهة تشريعية، ومجلس المرأة يقدم مشاريع قوانين، فكيف لها أن تناقشها تحت البرلمان وهى فى ذات الوقت من عضوات المجلس صاحب المصلحة.

وأعود وأؤكد إننا لا نريد أن نستأثر بالسلطة، كما نتهم، وإنما نريد مصلحة الأسرة «المرأة ، الرجل والطفل».

استباق

  أسباب الغضب تكاد تكون واحدة، هكذا تقول د. هدى غنية - نائبة البرلمان عن حزب الحرية والعدالة - وتضيف استباق المجلس العسكرى لتشكيل قومى المرأة فى هذه المرحلة غير مبرر ؟ لماذا يستبق؟ ونحن بحاجة لاسهامه فى تطوير الحياة بشكل فاعل ومؤثر وليس كما كان قبل ثورة يناير، وبهذا هو بحاجة إلى إعادة تطويره وتحديد صلاحياته والمهام المنوطة بها فى المرحلة القادمة مع وضع تصورات ورؤى جديدة مختلفة

  مثل ماذا؟

- كطبيبة وممثلة للمرأة، أرى أنه لم يتم الاهتمام بها فى المستويات المختلفة، مثلا التمثيل البرلمانى على مدار سنوات طويلة، وقبل إقرار الكوتة يسأل عنه قومى المرأة، والواضح أن مشاركة المرأة السياسية كانت متدنية تماما.

وهل الاختيار أيضا من أسباب الغضب ؟

- بالطبع ، فالاختيار لم يخرج عن النظام السابق كثيرا، كثير من الشخصيات مكررة والنقطة التى تشغل ذهنى، أنه كيف تم الاختيار، لقد فوجئت زميلتى بالحزب، والبرلمان والتى اختيرت ضمن عضوات قومى المرأة، باتصال من أقاربها بالمباركة على اختيارها، لم تكن تعرف، ولم يتصل بها أحد حتى حديثنا الآن -مساء الاثنين 13/2/2012- لابلاغها بعضوية مجلس المرأة، فعلى أى أساس تم اختيارها؟! ولهذا أتوقع إذا حدث وتم التشاور مع الحزب لمناقشة الاختيار بترشيح أسماء، قد تكون له رؤية أخرى، مثلا، أن يختار زميلة برلمانية كى تتسع دائرة تمثيل نساء الحزب بكافة المؤسسات، هذه نقطة، أيضا كان لابد أن يكون هناك حوار حول صلاحيات قومى المرأة والدور المنوط به فى المرحلة القادمة، وكلها أمور بحاجة لرؤية واضحة.

  ولكن هناك من سيقول أن المجلس قدم للمرأة مشروعات ساهمت كثيرا فى مساعدتها اقتصاديا، كمشروع المرأة المعيلة، المهمشة، برامج فى الريف والصعيد فما ردك ؟

- نحن لا نرفضه جملة وتفصيلا، نعترض على التشكيل، التوقيت، عدم وجود حوار مع المجتمع المدنى والقوى السياسية الموجودة، لكننا مع تفعيله كأداة نهضة حقيقية ليعلى شأن المرأة وقدرها فى المجتمع، وأن تكون مشاركة بشكل فاعل ومؤثر.

وماذا عن الاتهام الموجه لكن بالرغبة فى الاستحواذ ؟

- منذ اليوم الأول بعد الثورة، نمد أيدينا لكل القوى السياسية، والوطنية للارتقاء بهذا الوطن، فلن يستطيع فصيل واحد مهما كانت قوته أن يتحمل عبء هذه المرحلة ويمر بها بشكل آمن وسالم، إلا بالتوافق والعمل مع كافة الأطياف، ولن يقبل الشعب المصرى أن يكون لأحد هيمنة أخرى، ولن يكون هناك حزب وطنى آخر.

وهل سيتم تصعيد الموقف أم الاكتفاء بإعلان الاعتراض فقط ؟

- حتى اللحظة التى نتحدث فيها، لم يكن هناك وقت للتحاور حول هذا الموقف، إلا أننا نرفض هذا الوضع تماما.

وختاما نرى أن الموقف الآن ومن خلال آراء محدثاتنا ينحصر فى أمرين.

الأول : الاعتراض الواضح من خلال بيان حزب الحرية والعدالة القاطع، المانع.

والثانى : تحذير الأخوات لقومى المرأة بالتروى والتعقل فى عدم اتخاذ أى قرارات أو توقيع أى اتفاقات دولية لحين انتهاء المرحلة الانتقالية وتشكيل قومى آخر جديد أو إلغائه تماما، وقد أعذر من أنذر .

 

المصدر: مجلة حواء -ماجدة محمود
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 504 مشاهدة
نشرت فى 16 فبراير 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,816,897

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز