حتي

قصة قصيرة بقلم : محمد سالم

كان فى منزله .. منزله كان قديما ولكن قويا.. قويا قويا قويا قويا بجدرانه وبآثاره والحوارات التى جرت فيه وبالكتب الموجودة فى داخله، وبالصلاوات التى أقيمت فيه. ولكنه فى يوم.. جاء من أخذ بالمكر وبالقوة باب البيت اختفى الباب الباب الجميل.. الباب الخشبى.. المرصع بالنقوش وبالفضة، الباب الذى ركبه ذلك الجد الكبير الرائع، وقضى فيه سنوات طويله ونسج عليه أحلامه ورسم بزراعيه القوية كلمات أشبه بالخرائط التى تخط لمن يسكن فى البيت طريقه فى مسيرة الحياة. اختفى الباب بكى... وأطال فى البكاء... ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئا لكى ينقذ الباب الجميل... لأنه يعلم جيداً أن اختفاء الباب يعنى أن داخل البيت قد أصبح مباحا. بكى طويلا... لأن أقدام كثيرة قد جاءت لتقف على عتبة البيت... ونظرت إلى الداخل تأملت الداخل. طمعت فى كل ما فى الداخل كان يجلس على مقعده القديم ويحاول أن يفعل شيئا ليمنع النظرات من الاقتحام.. ولكن العيون اقتحمت المنزل فتشت كل جزء فى البيت عرفت كل ما تريد من البيت حاول أن يقوم من مقعده القديم ولكنه اكتشف أن النظرات تلك قد قامت بربطه فى مقعده بحبال آثيرية أقوى ألف مرة من الحبال المادية. جذب نفسه... شدت العيون حبالها الآثيرية من حوله... حول يديه وقدميه... صرخ... صرخ طالبا النجدة. كان ينادى على من يعرف أنهم محيطون به.. ولكن صراخه اختفى وتلاشى... وأدرك بقلبه أن هذه العيون ربما فعلت بجيرانه ما فعلته به.. بدأت العيون تنقل كل ما فى البيت بحذر.. ولكن سرعان ما تخلت عن الحذر... نقلت كل شىء. لم يبق فى المنزل سوى الجدران... ومقعده الذى يجلس عليه ودموعه التى تنساب على وجهه وصدره. ثم سقطت الجدران. جلس فى العراء وقد أحاطت به هالة من الحزن... مر عليه رجل منحني وكأنه قد حمل الأرض على ظهره. نظر إليه وتوقف أمامه وقال: «أنت أحد هؤلاء الأغبياء» - لا «كيف لا !» - لم أكن أبدا غبيا «بل أنت كذلك.. ألم تترك الباب يسقط» - بل سرق «ولم تخرج لتستعيده» - لم أفعل «أليس هذا هو الغباء بعينه» لم يرد «ضاع كل شىء إذا ضاع الباب» - فك قيدى ضحك الرجل المنحنى الذى يبدو وكأنه قد حمل الدنيا على ظهره. «حتى هذا لا تريد أن تفعله» - ساعدنى «لا....» واستدار مبتعدا عنه.. وهو يبكى

المصدر: مجلة حواء -محمد سالم
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 756 مشاهدة
نشرت فى 15 مارس 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,849,471

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز