مشكلة التوثيق لاتزال مستمرة

 زواج بإيصال أمانة!

كتبت :سمر عيد

لا تزال مشكلة الزواج غير الموثق تنتشر فى مصر، ولذلك دواعٍ وأسباب كثيرة يأتى في مقدمتها عدم وجود موارد مادية كافية لدى كثير من الأسر، ووجود الزواج القبلى أو زواج السنّة فى القرى والنجوع ولدى البدو حيث تبعد المسافات بين القرى والمدن، ولا يستطيع المأذون الوصول إلى كل الناس.

 المشكلة ولدت أجيالا متعاقبة من الأشخاص دون زواج موثق وقد تمتد هذه المشكلة لأجيال أخري قادمة، فنجد أن الجد والأب والابن لم يوثقوا زواجهم. حول هذا الموضوع تبنت مؤسسة تنمية الأسرة حملة أهلية لمناهضة الزواج القبلى غير الموثق

 وحول هذه الحملة تؤكد د. سهير المصرى - رئيسة المؤسسة أن الحملة بدأت فى مايو عام 2006 ولا تزال مستمرة حتى الآن، وتقول: قمنا بعمل توثيق لزواج الكثيرين فى مختلف القرى والنجوع وفى محافظات مختلفة بالتعاون مع بعض الجمعيات الأهلية الموجوة فى هذه المناطق، ولقد وجدنا فى أسوان 1106 حالات زواج غير موثق، وفى قنا 379، وفى الوادى الجديد 1010، وفى جنوب سيناء 1091 وفى شمال سيناء 1111، وفى مرسى مطروح 1075، وفى البحر الأحمر 1010، وفى سوهاج 503، وفى الفيوم 500 حالة.

 ووجدنا انتشار زواج إيصال الأمانة بنسبة 4% بالفيوم و10% بسوهاج، وهو نوع من أنواع الزواج غير الموثق حيث يتم الاتفاق على الزواج بين ولى الأمر والزوج ولا يتم توثيق الزواج، لأن سن العروس لا تزال صغيرة، ويقوم الزوج بتوقيع إيصال أمانة للأب بمبلغ كبير من المال، ويتم تقديمه للنيابة إذا لم يوثق الزوج زواجه بالفتاة عندما تبلغ السن القانونية، ولكن ليس لإيصال الأمانة قوة قانونية لإثبات الزواج، ومع الأسف كل الأرقام والنسب التى تصلنا لا تعبر عن حجم الظاهرة، نظرا لأننا لم نستطع الوصول إلى بعض الأماكن التى تسكنها القبائل، ولقد استخدم زواج السنّة استخداما سيئا، حيث يستخدم لسرقة أموال الدولة فى بعض الأحيان فلكى تحتفظ الزوجة بمعاش الأب أو الزوج السابق تقوم بعمل زواج السنة، حتى لاينقطع معاشها، ونحن نحاول أن نقتدى بالمغرب، حيث قامت بعمل محاكم أسرة متنقلة جعلتها تطوف القرى والنجوع والصحراء كى تستطيع الحكومة توثيق هذا الزواج وطبعا لا يخفى على أحد مشاكل الزواج غير الموثق إذ ربما ينكر الأب نسب الأبناء فيما بعد وطبعا لا يستطيع الأهل استخراج شهادة ميلاد للطفل، وطبعا لا يتم إدخاله إلى المدرسة لتلقى التعليم كذلك لا يستطيع علاجه أو تطعيمه، لذا نطالب بعقوبة لمن لايوثق زواجه.

 جهود الدولة

 ويري المستشار محمد حسين اليمنى - رئيس محكمة جنايات القاهرة - أن الزواج القبلى يعتمد على تعارف أهل القبيلة مع بعضهم البعض، والقبيلة تعتبره زواجا حقيقيا لأنه يتم بموجب الإيجاب والقبول ومعرفة الأهل والتوثيق بالنسبة لهؤلاء شىء ثانوى، وطبعا مع تطور الحياة اكتشف سكان هذه المناطق أهمية توثيق الزواج. فعلى سبيل المثال لو سافر زوج وزوجته إلى أى مكان لا يستطيعان الإقامة فى فندق معا لأنه لا توجد لديهما وثيقة زواج تثبت أنهما متزوجان فقام رجال القضاء بعمل اجتماع مع المأذونين المختصين فى هذه المناطق وتم إقناعهم بعدم أخذ أجر من هؤلاء الناس وإذا تم أخذ أجر يكون أجراً رمزياً للغاية، ويكتفى بالرسوم المخصصة للدولة فقط، ولقد وجدنا فى مناطق مثل حلايب وشلاتين أجيالا متعاقبة دون توثيق زواج فأصبحنا نوثق زواج الجد والأب والابن، وعلى كل الجهات أن توحد جهودها للقضاء على الزواج غير الموثق.

 القضاء المسئول الأول

 ويوضح المستشار أبو القاسم الشريف - رئيس استئناف القاهرة سابقا وعضو مجلس إدارة نادى قضاة مصر - أن القضاء هو المسئول عن حل هذه المشكلة ويقول : أكبر مشكلة واجهتنا فى القضاء على هذه الظاهرة هى ارتفاع أجر المأذونين حيث يتقاضى المأذون من 500 إلى 1000 جنيه فى عقد الزواج وطبعا فى مثل هذه الأماكن يرفض الناس دفع هذا المبلغ للمأذون فعلى القضاء أن يكلف المأذون بعقد الزواج فى مثل هذه الأماكن دون تقاضى أجر أو يقوم بتعيين مأذونين متخصصين لهذه الأماكن ونحن لدينا خريجو شريعة وقانون كثر فى هذه الأماكن، والقضاء على هذه الظاهرة سوف يوفر قضايا أخرى تشغل محاكم الأسرة مثل قضايا إثبات النسب، وقضايا الميراث حيث لاتقبل دعوى إقرار النسب إلا بأوراق رسمية كذلك لا تقبل قضايا المواريث إلا بقسيمة الزواج فكيف للمرأة المتزوجة زواجا قبليا أن تثبت حقها وحق أبنائها إذا حدثت مشكلة فى تقسيم الميراث أو إذا تنصل الأب من أبنائه ولم يعترف بهم ؟!

 تجربة مطروح

 وحدثنا ممدوح ياسين جمعة - مدير جمعية تنمية المجتمع المحلى بمطروح - عن هذه الظاهرة فى مطروح قائلا: مشكلتنا فى مطروح أن القرى والنجوع تبعد بينها مسافات كبيرة، لذا لا يذهب الناس إلى المأذون لأنهم يضطرون إلى السفر وكل شروط الزواج متوفرة من وجود الولى والإشهار والمهر والشبكة فيما عدا التوثيق، والمسألة منتشرة فى مطروح بشكل كبير حيث تصل النسبة إلى 60% من السكان متزوجين زواجا قبليا، ولقد قمنا بعمل بحث ميدانى لدراسة الظاهرة وقمنا بالتعاون مع مؤسسة تنمية الأسرة المصرية بعمل ندوات توعية أولا للسكان وقمنا بعمل توثيق للزواج لكثير من الحالات، ولقد نشر هذا المشروع الوعى بين السكان واضطررنا إلى توثيق زواج ثلاثة أو أربعة أجيال متتالية وهم طبعا لا يعدون مواطنين ولا يحسبون على الدولة فى أى شىء والحكومة لا تعرف عنهم شيئاً.

 زواج القصلة

 ويضيف المهندس سامى الهوارى رئيس جمعية "كنوز البردويل" بشمال سيناء. أن زواج القصلة منتشر لديهم فى شمال سيناء ويقول: زواج القصلة لدى البدو هو الزواج العرفى لدى الحضر ولكن بدون الورقة العرفية، والنساء البدويات لايعرفن إلا هذا الزواج، ولقد قمنا بالتعاون مع مؤسسة تنمية الأسرة بالنزول إلى البدو فى الصحراء وفى الخيام وعمل دورات توعية للنساء وإفهامهن مخاطر الزواج غير الموثق، ولكن واجهتنا مشكلة عدم وجود بطاقات رقم قومى لكثير من السكان ومشكلة هذه المناطق أنه لا يستطيع أحد الوصول إلى هذه القبائل لأنهم لا يستقبلون الغرباء ولا يتحدثون إلا مع من يعرفونهم، لذا استخدمنا قادة طبيعيين من قلب هذه القبائل، وواجهتنا مشكلة أخرى أن هناك مصريين ليس لديهم أوراق لإثبات الجنسية المصرية أصلا وهم يقيمون فى منطقة وسط سيناء وعلى الحدود مع الجانب الإسرائيلى، وليست لديهم أية أوراق، لا بطاقات ولا شهادات ميلاد ولا جوازات سفر ولا أملاك يثبتون بها جنسيتهم. ولقد قمنا بتوثيق 300 حالة فقط، هذا بعد مجهود كبير أما الباقى فلا يوجد لهم إثبات للجنسية المصرية، ننتظر أن نعرض مشكلة من هم بدون جنسية أمام مجلس الشعب كى يبت فيها

المصدر: مجلة حواء -سمر عيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1157 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,847,922

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز