هل ظلمت السينما الأقباط ؟

كتبت :منال عثمان



 على مدد الشوف العيون الحزينة كل مايقابلنا .. غصة فى القلب لا يمكن إنكارها اجتاحت جموع الناطقين بلغة الضاد مع رحيل قداسة البابا شنودة الذى كان بحكمته وفلسفته العميقة رمزاً شديد التميز للعرب جميعاً بغض النظر عن خانة الديانة .. فمن يخطف قلبك وتنصت لحكمته وقدراته ووجهات نظره السياسية والإنسانية، تحترمه وتجله وتبجله. وهذا الرجل قدس الله روحه كان من القلائل -أو كان الأوحد بصراحة فى السنوات الأخيرة- الذى وازن الأمور ووئد كل اشتعال فتيل لفتنة طائفية .. فأحبه كل المصريين. وأجدها مناسبة لرصد الوجود القبطى فى السينما المصرية منذ إشارة بدءها فى نهايات عشرينيات القرن الماضى .. نقدمه بما له وما عليه .. لن نميل ولن ننحاز ولن نقف على الطرف الآخر من النهر .. لكن قد نصل لنتيجة نهائية معاً .. هل كان الوجود القبطى فى السينما مظلوماً >>

 الثلاثينيات والاربعينيات

 ونبدأ من هذه الفترة المبكرة جداً من تاريخ السينما وكان قد قدم فيلما قصيراً اسمه «برسوم أفندى فى نزهة» ورصد حال شخص مسيحى يقرر أن يقوم بنزهة يتعرض فيها للكثير من المتاعب ولم يكن الأمر سيفرق من ناحية الديانة فالأمر كان بدائيا للغاية والرصد كان يحتاج للكثير من الرؤية الفنية .. لكن رصد الفيلم كأول فيلم يحمل على الأقل اسماً مسيحياً.

 الخمسينيات وما بعدها

 ولعلها الفترة التى شهدت العديد من النماذج المسيحية بقوة من خلال خط فى متن الفحوى الدرامىة أو مشهد يوضح متانة العلاقة بين عنصرى الأمة .. وهنا نتوقف أمام تجربة نجم الأمس حسين صدقى بطلاً ومنتجاً فيلم «الشيخ حسن» الذى قدمه أمام ليلى فوزى ولعب دور حسن طالب الأزهر الذى تموت والدته ويخرج والده عن الطريق المستقيم فيتركه بعد محاولات إصلاحه ويعمل مدرساً للغة العربية ويتقابل مع لويزا شقيقة زميله الذى يدرس العربية، ويحبها ويتزوجها رغم معارضة مجتمعهم الذى فى النهاية يعترف بأن الحب قد يكون أقوى من الفوارق الدينية.

 وفى مشاهد متفرقة وضح الوجود المسيحى فى الأفلام المصرية مثل فيلم «حسن ومرقص وكوهين» و «فاطمة وماريكا وراشيل» وإن لم تستفد الدراما من مضمون الديانات .. ومشهد مثل الصديق المسيحى الذى يقف مع الصديق المسلم فى أزمته المالية الطاحنة فى فيلم «أم العروسة» و«بين القصرين» ويحيا الهلال مع الصليب.

 وأيضاً فيلم الناصر صلاح الدين ودور لويزا الطاهرة القائدة الصليبية التى تقع فى حب عيسى العوام اليد اليمنى للناصر صلاح الدين.

 ليأتى فيلم حسن الإمام «شفيقة القبطية» الذى لعبت بطولته النجمة الراحلة هند رستم .. أوضح حياة إحدى راقصات عصر بعيد والتى تلتقى بعزيز وتبدأ بينهما علاقة رغم فارق السن وارتباطه بأخرى من سنه وتعرف أنه ابنها فتحاول الانتقام من الباشا الذى عذبه وسجنه. تقرر شفيقة البعد عن الرقص وتدخل الدير للرهبنة و عندما يخرج عزيز يذهب إليها بعد أن عرف أنها أمه وتموت بين يديه.. يعنى جوهر الفيلم حياة شفيقة وعلاقاتها .. ولم يبرز؟ هويتها الدينية الا فى مشاهد أخيرة وقليلة. واعتقد أن نفس الحال فى تجربة ثانية للنجمة هند رستم مع نفس المخرج حسن الإمام «الراهبة» فى لبنان ولعبت هند مع شمس البارودى بطولته، ودار حول فتاتين تملكان استراحة سياحية وتقع هند فى حب مرشد سياحى إيهاب نافع وتقابل هذا الحب العراقيل فتدخل الدير لتصبح راهبة.

 السبعينيات والثمانينيات

 لنتوقف أمام تجربة للنجم نور الشريف لم تجد ردود فعل قوية رغم أهميتها عام 1976 فيلم اسمه «لقاء هناك» لعبت بطولته معه سهير رمزى وزبيده ثروت ولعب دور شاب مسلم ملحد يحب فتاه مسيحية لديها إيمان وتقف أسرته وأسرة الفتاه فى وجه هذا الحب فيتركها ليتزوج قريبته وتحمل وتتعثر الولاده جداً ويهتز أمام كلمة الطبيب أن يدعو الله أن ينقذ زوجته..

 وكيف يفعل وهو ملحدا!! لكن فى لحظة يمتلئ ايماناً قوياً مع إنقاذ زوجته وينطق الشهادة بدموع لا تنته.

 وفى الثمانينيات .. كان هناك فيلم «مرسيدس» للمخرج يسرى نصر الله ولعب زكى فطين عبد الوهاب دور الشاب المسيحى «نوبى» الذى يعرف أنه ليس ابن أبوه فيهتز نفسياً .. ولم ينقذه شىء من هذا ولا حتى اعتقاده الدينى..

 وفيلم «التحويله» لنجاح الموجى وفاروق الفيشاوى الذى وضح أن الدم المصرى واحد لا فرق بين مسيحى ومسلم، عندما ىُسجن عامل التحويلة المسيحى «حلمى عبد السيد» مع الضابط عمر المسلم لأسباب مختلفة .. ويموتا الاثنان فى نهاية الفيلم وتجرى الدماء منهما كنهر النيل.

 لتبرز فى فترة بعدها تجرية محمود حميدة المتميزة «جنة الشياطين» عن رجل يعيش مع شباب من قاع المجتمع ويموت ويكتشفوا أنه مسيحى وتبدأ رحلة البحث عن أسرته ثم سرقة جثته. ولم يستفد الفيلم من كون البطل مسيحياً سوى عرض الشكل العام للبيت المسيحى وكيف يبدو والذى ظهر جليا بلا جدال فى فيلم حميدة.

 أيضاً مع النجمة ليلى علوى «بحب السيما» عام 2004 الذى يعتبر التجربة الأكثر إنصافا وروعة .. فيلم صناعة مسيحية خالصة المخرج مسيحى والمؤلف مسيحى .. أسامة فوزى وهانى فوزى وهما ليسا شقيقين .. ولأول مرة نرى على شاشة السينما تفاصيل الحياة المسيحية وكانت تجربة شائكة مع الرقابة ناجحه مع الناس.

 وفى التليفزيون كانت تجربة وحيد حامد والنجمة يسرا مسلسل «آوان الورد» ولعبت يسرا دور أمل المسلمة ابنة مدام «روز» المسيحية ولقى هذا المسلسل ردود أفعال هائلة.

 وأيضا العام الماضي مسلسل «شارع عبدالعزيز» ودور الأم المسيحية لدلال عبدالعزيز والعلاقة الوثيقة مع الجارة المسلمة عفاف شعيب ولا تنسى مسلسل الهام «بنت من شبرا» الذي أوضح مدي انصهارية الأقباط والمسلمين في بدايات القرن الماضي ودور «مارسيل» الذي أدته سميرة عبدالعزيز فى «ضمير أبلة حكمت».

 وفى الألفية أيضاً شهدنا مشاهد كثيرة تعكس الوجود المسيحى وإن لم تكن فى خدمة دراما العمل مثل دور أحمد رزق فى «فيلم ثقافى» أو عندما غنى أحمد حلمى أغانى إسلامية فى كنيسة فأثار الضحك فى «صايع بحر» أو عندما ارتدى محمود حميده ويسرا ملابس القس والراهبة فى «حرب الفراوله» وفيلم «الرهينة» لساندرا نشأت ودور المسيحية المتشددة لماجدة زكى فى «الإرهابى» يعنى على هذه النغمة شاهد فى أفلام كثيرة.

 ليأتى فيلم «حسن ومرقص» للنجمين الكبيرين عادل إمام وعمر الشريف عام 2008، وأوضح مدى الصلة الوثيقة بين المسلمين والمسيحيين فى السراء والضراء.

 ليكون آخر رصدنا فيلم «واحد صفر» للنجمة إلهام شاهين وقدم قضية الطلاق والزواج الثانى لدى المسيحيين الذى قُدم عام 2008 .

 وبعد .. هل ظهرت إجابة السؤال هل كان الوجود القبطى فى السينما مظلوما؟

 بإنصاف أقول .. نعم كان مظلوماً

 لكن بروح حياديه

 أترك لكم الإجابة

المصدر: مجلة حواء -منال عثملن
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 747 مشاهدة
نشرت فى 21 مارس 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,861,626

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز