عــودة إلى الحــرملك
كتبت :ماجدة محمود
تصورت للحظات أن عجلة الزمن قد عادت بنا إلى الوراء، وبالتحديد لثلاثينيات القرن الماضى ، المرأة فى الحرملك تنظر من خلف المشربية، والرجل فى المضيفة يلتقى أصحابه، أو كما صوره نجيب محفوظ فى ثلاثيته الشهيرة، يذهب إلى العوامة مع أصدقاء السوء ليروح عن نفسه بالمتعة الحرام، محللاً ومعللاً ذلك بأنه هو الرجل «السيد»، وهى المرأة «العورة» التى لا يجب أن يراها أحد، وبعد لحظات من تأملى لهذا المشهد الذى قدمته السينما المصرية من خلال الروايات الواقعية، أفقت لأجد نفسى فى القرن الـ 21، بعد أن خرجت المرأة فى ثورة عام 1919 بقيادة «هدى شعراوى» والتى رفعت فيها البرقع عن وجهها، وخلعت الحجاب عن رأسها لتتخلص من ظلام فكرى عاشته لسنوات طوال، ثم توالت ثوراتها لتحصل على حقها فى الممارسة السياسية لتلتحق بالبرلمان عام 1957، وتبدأ فى النصف الثانى من القرن العشرين فى تقلد العديد من المناصب وآخرها الحصول على حقها فى العمل بالقضاء ، الجنسية لأبنائها، وحق الخلع الذى أقرته الشريعة الإسلامية وأخيرا تجيء ثورة يناير 2011 لتحتل مقدمة المشهد ثائرة وشهيدة وجريحة، ثم مشاركة بقوة وزخم فى الانتخابات رغم وضعها في ذيل قوائم الأحزاب وإلغاء الكوتة. ثم ماذا بعد؟ عودة إلى الحرملك ؟ لتبدأ من نقطة الصفر ، ولكن هذه المرة ستكون الردة من نصيبها وحدها، لأن التقدم والعلى سيكون لنساء أخريات فى بلدان شقيقة لم يقدمن ما قدمته المصرية من نضال وتضحيات فلماذا تُهمش المرأة وتُسلب حقوقها التى اكتسبتها عن كفاح وإصرار؟ لأن من سيضع الدستور ، ويقره تحت قبة البرلمان ، يرى المرأة «حريم» من الحرمة والحرام، الحرمة لأنه يريد أن تعود أمَة، جارية تحت مسمى الحفاظ على كرامتها وخصوصيتها ، والحرام لأنهم يتعللون بالدين ويفسرونه وفقا لأهوائهم حتى يستطيعوا السيطرة على النساء الأميات البسيطات وغير الفاهمات لدينهن متخذين من الحلال والحرام ذريعة لجذبهن وترهيبهن ، وحتى لا يعطوا فرصة أو دفاعاً، والدين منهم براء.. فهل يُقبل أن يتقدم النائب «محمد العمدة» وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بمقترح قانون يطلب فيه بإلغاء المادة 20 من القانون رقم1 لسنة 2000 والمعروف بقانون «الخلع» بحجة أنه صدر لإرضاء حرم الرئيس السابق، وأنه وفقا للقرآن والسنة النبوية الشريفة يستوجب القبول والإيجاب من كل من الزوج والزوجة، وفقا للمذاهب الفقهية الأربعة وهو ما لا يمكن تصوره إلا بوجود تراض واتفاق بين الزوجين على الانفصال!! ونرد على سيادة النائب بقول بسيط. انه لا دليل علي وجوب إستئذان الزوج ، وهناك أيضا من يطالب بالنزول بسن زواج الفتاة من 18 عاما إلى 16 أو 14 عاما، كيف يحدث هذا ؟! أتزوج طفلة لم يكتمل نموها الجسدى والنفسى! نعرضها لحمل وإنجاب فى هذه السن الصغيرة والتى تتعرض فيها الطفلة الأنثى للوفاة نتيجة لعدم اكتمال نضجها البيولوجى وبالتالى عدم احتمال الحمل والولادة، ثم العبء النفسى الذى يتطلب إدارة منزل ورعاية زوج وهى فى سن اللهو واللعب! وأخيرا. من يطالب بفصل الإناث عن الذكور فى المدارس، وهم بالفعل منفصلون حتى فى المدارس الدولية لأننا نربى أولادنا على تعاليم وقيم ثابتة لا تتغير. فكيف يطالبون بأمور هى من صميم التربية الصحيحة، لكل هذا أقول: إذا ظلت المرأة على صمتها غير مبالية بما يطلق من تصريحات، واقتراحات لمشروعات قوانين، عليها أن تنتظر قريبا مرسوما بقوانين تقر تعدد الزوجات، وتدعو لخفض نسبة تعيين النساء بالوظائف الحكومية مع المطالبة بخروجها على المعاش مبكرا، أو أن تعمل نصف وقت بنصف أجر، وهو ما يعد للمرأة الآن فى الكواليس، وهذه من وجهة نظرهم الحلول المثلى لأزمات العنوسة، والبطالة بين الشباب ، وإذا ظلت على خنوعها وخضوعها وعدم الدفاع عن حقوقها التى ناضلت من أجلها جداتها وقُدمت لها على طبق من ذهب، ستصبح قريبا جارية فى بلاط صاحب الجلالة «الرجل» ولا عزاء للسيدات
ساحة النقاش