عندما يكذب الأزواج

مش كل الصرحة رحة

كتبت :نجلاء ابوزيد

 هل يمكن أن تكون الخصوصية ومساحة الاستقلال بين الأزواج بداية لدخولهم عالم الأسرار بين الزوجين، ليندم كل طرف علي السماح بهذه المساحة الخفية في علاقتهما.

 الواقع يؤكد ذلك، فتحت شعار قليل من الحرية تولد فجوة تخرج عن السيطرة بعد فترة ليصعب علي الزوجين العودة مرة أخري إلي مساحة التفاهم المشترك والثقة المتبادلة.

 فإلي أي مدي يمكن للخصوصية بين الأزواج أن تؤثر في علاقتهم هذا ما بحثنا عنه خلال السطور التالية

تؤكد ولاء كمال -ليسانس آداب- أن الصراحة شىء ضروري، ولكن الزوج عادة لا يستوعب كل ما تقوله زوجته، وكثيراً ما يجعلها تندم على استخدام هذا الطريق، وتضيف حدث ذلك معى فقد مللت من بقائى فى البيت، وطلبت من زوجى السماح لى بالعمل أكثر من مرة لكنه دائماً يرفض، فما كان منى إلا أن بدأت شراء أدوات التجميل ولبيعها للجيران والأصدقاء، وأحقق مكسباً لابأس به، وزوجى لا يعلم عما أفعله شيئاً، وأخبره عند خروجى من البيت لتسويق ما أبيعه بأننى سأذهب للسوق أو زيارة إحدى صديقاتي.

 مشكلتى الآن كيف استمتع بما أحققه من مكسب مالي؟ وفكرت أن أبرر ما معى من أموال بأن والدتى تعطينى مالاً كل شهر، لكن أخشى أن يكتشف الأمر بالصدفة، أعيش بألم نفسى لإخفائي هذا السر عنه، لكنه هو من أجبرنى على ذلك برفضه الاستماع إلى ومناقشتى فى طبيعة العمل الذى أريده.

 الاستقلالية ضرورة

 وتلتقط منها نشوى عاهد- مدرسة- الحديث قائلة: -

 الخصوصية شيء مطلوب، فأنا وزوجى صديقان، لكن هذا لا يمنع أن هناك أموراً لا نتحدث فيها، فهو لا يسألنى عن مرتبى أو دخلى من الدروس أو ما أساعد به أسرتى من مال، ونفس الشئ أفعله معه، وعندما خُطبت شقيقته الصغرى، علمت مصادفة أنه اشترى لها الصالون، غضبت لفترة لكن لم استطع مصارحته بذلك، لأننى أرى ضرورة الحفاظ على الاستقلالية فى الأمور المادية ليفعل كل طرف ما يريد بحرية، لكن ما عدا ذلك فلا أُخفى عنه شيئاً لأن من حقه أن يعلم ما أفعله لأنه أعطانى الثقة وتركنى اعمل واخرج وأعود وقتما أريد، والأفضل أن أطلعه بنفسى على كل خطواتي.

 تجربة مؤلمة

 أما فاطمة -ربة منزل- فلها تجربة مؤلمة مع الخصوصية ترويها قائلة: - تزوجت وأنا مازلت أدرس فى الجامعة، وزوجى لديه محل لبيع قطع غيار السيارات وسمح لى بالدراسة بشرط ألا أتحدث مع شباب، ووافقت مضطرة، وفعلاً كان يذهب معى ويؤكد على عدم مخالطة أحد إلا الفتيات وأعده، وبمجرد مغادرته أنسى كل شىء وأعيش حياتى الجامعية كأى طالبة، وكان لى زملاء من الأولاد أسجلهم على الموبايل بأسماء شقيقاتهم البنات، ليكون اسم زميلى هو اسم الأب وعندما يكون فى المحل أتحدث معهم بلا أى تحفظ.

 ولم أكن أدرك أن ما أفعله خطأ، لكن كان بالنسبة لى وسيلة لمنع المشاكل، وأذكر أننا اتفقنا كزملاء على الذهاب فى رحلة وعندما أخبرته بذلك، اعترض وهددنى بوقف استكمال دراستي، ونصحتنى زميلة بألا أسأله فى شيء ،لأن الرجال يغارون وأن أفعل ما أريد وقت المحاضرات، وفعلاً بدأت أتغيب عن المحاضرات وبعد أن يوصلنى أخرج من الشلة لأى مكان وأعود للجامعة قبل أن يحضر ليأخذنى حتى حدثت المصيبة ورآنى مع أصدقاء من البنات والذكور فى أحد النوادى، وطلقنى بالرغم من أنه سبب ما فعلته عندما خنقنى بغيرته بلا مبرر!!

 حياة دون صراحة خيانة

 وإذا كانت الزوجات يرين أن الرجال هم سبب وجود الأسرار فكيف ينظر الأزواج للأمر يقول ياسر عبدالمطلب، -موظف-: أى حياة زوجية مستقرة يجب أن تقوم على الصراحة حتى وإن اعترض الزوج على أى شيء تطلبه زوجته، فهذا لا يدعو لأن تفعله دون علمه لأن فى هذا خيانة له، والمشكلة تبدأ عادة من الرجل الذى لا يستطيع أن يحكم بيته أو يجعل زوجته تحترمه فى حضوره وغيابه، وأنا شخصياً لا اسمح لزوجتى بالذهاب لأى مكان دون علمي، لكنى فى نفس الوقت أحقق لها رغباتها واجعلها تقضى الوقت الذى تريده عند أمها، وقد طلبت منى أن تعمل فوافقت لكن اشترطت أن تجد عملاً مناسباً لظروفها كزوجة وأم، فالمناقشة تريح المرأة.

 صاحبة القرار

 ويتفق معه عصام معبد- مدير إدارة بإحدى الهيئات- قائلاً: زوجتى تعمل فى مجال يتطلب القيام بمأموريات وزيارات لمصانع وما شابه، ولأننى أثق فيها لا أمنعها عن عملها لكن اشترط عليها ألا يتحدث زميل أو عميل بعد مواعيد العمل الرسمية فى الهاتف، وهى متفهمة ما أطلبه، فأنا مؤمن بالاستقلال المالى للمرأة، وأن تكون صاحبة قرار فى عملها، لكن يجب أن تدرك أن الزوج كشريك لها فى الكيان الأسرى يجب أن تحترم رغباته، وأحيانا اكسر هذا الخطر فى الأزمات والأحوال الطارئة. فكلما كان الرجل مرناً

 ولا يخفى شيئاً عن زوجته كلما بادلته نفس المستوى من الصراحة، ويجب ألا يطلب أى رجل من زوجته الصراحة الكاملة وهو لا يخبرها بكل شىء يفعله خارج البيت.

 ويشير محمد فاروق -محاسب- إلى مسألة التربية فى المنزل يقول: تربيت فى بيت، لم تكن والدتى تخفى فيه أى شىء عن والدي، واعتقدت أن كل الأزواج يفعلون ذلك، فكنت أخبر زوجتى بكل شيء عن دخلى وكيف أتصرف فيه، لكني فوجئت بأن زوجتى تغضب من مساعدتى لأهلى وتغضب عندما أخرج مع أصدقائى وتتففن فى وسائل الانفاق حتى لا يتبقى معى شيء أنفقه بعيداً عنها، واضطررت أمام ذلك أن أخفى عنها بعض الأشياء.

 واكتشفت بالمصادفة أنها تبادلنى نفس التصرف، فكانت تخفى بعض مشتروات البيت لتعطيه لأسرتها كمساعدة منها دون علمى وهى ربة منزل، وتسبب الأمر فى أزمة وكدنا نصل للطلاق لولا تدخل الأهل، واستوعبت أسبابها فى إخفاء أمر مساعدتها لأهلها عنى وبدأت فى تخصيص جزء من دخلنا لتساعدهم دون أن تأخذ مالى دون علمي.

 اختبار

 ويؤكد سعيد محمد- موظف- أنه أعطى زوجته كامل حريتها لكنها فشلت فى الحفاظ عليها، يقول: اعتقدت أننى عندما لا أسألها أو أحاصرها أننى بذلك أسعدها، لكن للأسف اكتشفت بعد 5 سنوات زواج أن زوجتى لها حساب على الفيس بوك لا أعلم عنه شيئاً، وأنها تخرج مع صديقاتها فى وقت العمل، وأنها تعلمت قيادة السيارات وأن حياتنا لم تعد تعجبها، وإنما تريد تغيير الشقة أو الانفصال، اكتشفت أن لها عالماً آخر غير البيت الذى نعيش فيه، لا أنكر أننى أسهمت دون قصد فى أن تزداد الفجوة بيننا ويعيش كل واحد حياة منفردة.

 ثغرات

 إذا كانت هذه حياة تجارب الأزواج والزوجات فما تعريف الخصوصية فى العلاقات الزوجية بالنسبة للمتخصصين؛ وكيف نحمى أسرنا من مرحلة الخطر بسبب الأسرار..؟

 عن ذلك تقول: د. زينب شاهين- أستاذة علم الاجتماع- :الكيان الأسرى مكون رئيسى فى استقرار المجتمع، من هنا تأتى أهمية توفير المناخ الصحى للعلاقات الأسرية السوية والاعتماد على الصراحة والمصارحة كنهج أساسى فى العلاقة، لكن للأسف ما تعانيه الأسر المصرية الآن من حالة عدم استقرار وعدم نجاح، شىء ملفت للنظر وأرجعه لحالة التخبط الشديد عند الاختيار وعدم الاعتماد على عوامل سليمة، تساعد على استمرار الحياة وديمومتها، فكلما كانا الزوجان على درجة متقاربة من الوعى والتفاهم كلما كانا من السهل عليهما تحديد الخطوط الحمراء فى العلاقة والتى لا يجب تجاوزها حتى لا تتعرض للخطر، وأضافت: إن الانشغال بالأحوال الاقتصادية قلل مساحة الحوار بين الزوجين وتبع ذلك بحث كلا منهما عن آخرين لتبادل الحوار، وهذا ما يخلق ثغرة بسيطة فى البداية ثم تتسع بالوقت ليصبح الزوج أو الزوجة هو آخر من يعلم عن الآخر، بينما الآخرون يعرفون عنه كل شىء، وتكثر المفاجآت الزوجية وما يتبعها من انفصال، ويعترف كلا الطرفين أنه كان سبباً فى المشكلة دون قصد عندما عاش حياته بعيداً عن الآخر أو لأنه أخفى الكثير من الأمور، والتى تبدأ عادة بأشياء بسيطة ثم تتطور لتتعلق بأمور مصيرية، لذا يجب الانتباه إلى أن الاستقلالية لا تعنى أن يعيش كلا من الزوجين فى معزل عن الآخر، لكن تعنى حرية أن يتصرف أو ينفق وفقاً لما يراه، لكن يجب إشراك الطرف الآخر بالمعرفة لأننا لا نعيش فى جزر منعزلة، لكننا أسرة واحدة وارتضينا ذلك عند تفكيرنا فى الزواج.

 وهذا يتطلب تنازلات من الطرفين ليتقاربا ويحترما بعضهما ويتشاركا دون انتهاك للخصوصية.

 فهم خاطيء

 يتفق معها د. عادل المدنى -أستاذ الطب النفسى واستشارى العلاقات الزوجية- قائلاً: مفهوم الكثير لفكرة الخصوصية بعد الزواج غير واضح، فالبعض يلغيه تماماً مما يجعل الطرف الآخر يشعر بالضيق وأنه مسلوب الحرية، والبعض يجعله فضفاضاً بدرجة كبيرة تسمح لكل طرف بأن تكون له حياة أخرى خارج البيت لا يعرف الآخر عنها شيئاً إلا بعد فوات الأوان.. وهذا سبب في الكثير من المشكلات الزوجية، فزيادة الأسرار والأكاذيب بين الطرفين يخلق فجوة تزداد بالزمن وتدمر العلاقة دون أن يدركا ذلك.

 لذا يجب أن يتفقا من البداية على طبيعة الخصوصية والاستقلالية، فمن حق الزوج أن يكون له أصدقاء وأن يخرج معهم وأن تكون لعلاقته بهم خصوصيتها دون تدخل أو رقابة من الزوجة، بشرط ألا تطغى العلاقة بالأصدقاء على المساحة المخصصة للزوجة، كذلك كثيراً ما يحب كل طرف أن تكون علاقته بعائلته الأصلية محاطة ببعض السرية، وطالما اتفقا على ذلك منذ البداية فلا ضرر، لكن لا مانع من تبادل المعلومات على سبيل المشاركة، فكلما تشارك الزوجان فى الأحاديث، كلما تحققت السكينة النفسية وماعدا ذلك يمثل عبئاً نفسياً يزداد مع الزمن، كذلك على كل طرف أن يكون مهتماً بالآخر، وإذا شعر أحد الطرفين بتغيير فى سلوك الآخر عليه أن ينتبه ويحدثه ويعطيه الفرصة لإخباره بما يخفيه، لأن عدم إتاحة الفرصة للحوار يزيد مساحة الأسرار ويصيب الطرف الذى يخفى بحالة من الاكتئاب والشعور بالذنب مع الزمن،وقد تصل لكراهيته للآخر الذى لا يهتم به ولا يسأله عما يفعله، فالزوجان كيان واحد لكل منهما قدر من الخصوصية بشرط ألا تتعارض مع صحة وسلامة هذا الكيان

المصدر: مجلة حواء -نجلاء ابوزيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 902 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,100,318

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز