امرأتان مستبدتان !

كتبت : سكينة السادات

المثل العربى الجميل يقول «خير الناس أعذرهم للناس» أى أحسن الناس من يجدون الأعذار للناس فلا يغضبون منهم سريعا ويكون رد الفعل مباشرا حادا، فتستشعر الأزمة ويحمى الوطيس وتكون النتائج غير سعيدة. كأن نلاحظ مثلا أن فلاناً أو فلانة لا يرد السلام بطريقة حميمية أو ينظر إليك وهو مكفهر الوجه، رد العل الفوري بدون تفكير أنه يستهين بك ولا يحسن معاملتك ولكن إذا فكرت قليلا .. أو تنازلت وسألته عما به فربما يقول لك:

- متضايق شوية فى البيت !

أو - لا أعرف .. عندى شوية مغص مآلمنى منذ الصـباح!

أو - مش عاجبنى ما يجرى فى مصر الآن وحاسس بعدم الأمان !!

إذن .. لا دخل لتكشيرته بك أنت نفسك على أية حال ومن هنا أقول: إن خير الناس أعذرهم للناس !

حكاية اليوم تتعلق بالسلوك الشخصى للإنسان، وقد يرفعه ذلك السلوك إلى أعلى عليين وقد يخفضه إلى أسفل السافلين، ومن هنا لازلت أذكر مقولة المرحوم البابا شنودة إذ قال لى ذات مرة وأنا أشكو إليه حالى .

- قال .. الصبر مهم جدا فى حياتنا ومن لا يملك زمام نفسه لايستطيع أن يقود الآخرين .. ولم ولن أنسى كلماته تلك مدى الحياة !

قال لى قارئى مدحت (45 سنة) من كوبرى القبة .. تعرفيننى جيدا يا سيدتى فأنا ابن جارتكم السيدة منيرة التى كانت معكم دائما عندما كنتم تسكنون فى كوبرى القبة.

قاطعته قائلة: لكنك تغيرت كثيرا فقد كنت دائما الابن الضحوك المرح المتأنق، وكنت طالبا مجدا فى كلية الحقوق وأذكر كما سمعت من الأهل أنك تزوجت زيجة محترمة موفقة ؟

دمعت عيناه وقال: ومن يوم ما تزوجت تلك الزيجة المحترمة وأنا أعانى يا سيدتى وسوف أحكى لك كل شىء بإذن الله .

قال قارئى مدحت .. نعم كنت شابا سعيدا مرحا لأن أمى سيدة فاضلة ترعى الله فى بيتها وأولادها وأبى رجل متدين ومحترم وبيتنا مستور، وأنا الابن الأصغر لأسرة من أربعة أفراد كلهم فى غاية الذوق والأدب.

تخرجت فى الجامعة وعملت بإحدى الشركات الكبيرة بالشئون القانونية، وقابلت إحدى العميلات الثريات وكان بيننا الحب ثم الزواج !

وتنهد قارئى مدحت وقال:

ومن يومها والقّر نازل علىّ من كل ناحية .. أيوه يا عم .. زوجة حلوة وغنية وساكن فى بيتها والفلوس زى الرز والعز مالوش حساب .. مين قدك ؟

ويستطرد :

هكذا .. كان الكلام معى وكنت أتألم فى داخلى كثيرا، فأنا فعلا أسكن فى بيت تملكه أسرة زوجتى، ولما كنت فى أول الطريق فقد تولوا أمر الفرح والجهاز ولم أدفع سوى مهرا بسيطا وشبكة رمزية !!

كنت أتمنى ألا تكون زوجتى غنية لأننى كنت أحبها لشخصها، وأقسم أننى لم أرسم عليها وأوقعها فى حبى كما قالوا عنى وأننى شاطر (وآكلها وهى والعة)، وهذا الكلام من كل المحيطين بى ضيقنى وأساءنى ومهما قلت وأقسمت فلم يصدقنى أحد !! وكانت زوجتى سيدة رائعة تراعى بيتها وأولادنا الثلاثة الذين رزقنا بهم، ولكن ظل أمر وجودى فى بيت أسرتها و(الفخفخة) التى نعيش فيها والتى لا تتناسب مع راتبى الضعيف، ظل ذلك يخنقنى ويقتل رجولتى فى الداخل ! ثم كان فى السنوات الأخيرة عندما زاد عليها عبء الأولاد، فكانت تكلفنى بأمور أضيق بها ولم أتعود عليها مثل (السخان بينزل ميه روح هات حد يصلحه وأقف معاه) أو أنبوبة فضيت دور لنا على أنبوبة بوتاجاز علشان نطبخ للأولاد؟ أو خد الكارت الفيزا وهات لى فلوس من حسابى علشان المصروف خلص) .

زاد اختناقى رغم أننى أعرف أن مطالب زوجتى عادية وكل زوج يقوم بها لكننى - مع إحساسى السابق - اعتبرته استبدادا وإذلالا وضاع مرحى وسرورى، وصرت إنسان (مكلضم) ومتجهماً ومعقداً وكئيباً كما رأيتنى الآن! ثم كانت الكارثة عندما رسب ابنى الكبير فى الثانوية العامة وحاولت أن أعرف السبب فعلمت أن أمه تعطيه مبالغ كبيرة من ورائى وأنه يدخن السجائر مع شلة من أصدقائه ويسهرون كل ليلة فى إحدى الكافيتريات، حيث كان يوهمنى أنه يسهر للمذاكرة وعندما صارحت أمه صاحت فى وجهى متهمة إياى بأننى أريد أن أحرم ابنها البكر من مباهج الحياة كما كنت أعيش أنا فى بيت أسرتنا واعتبرتها إهانة !!

ثم حدث ما زاد الطين بلة وما جعلنى أخرج عن شعورى ماذا حدث ؟ الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية! 

المصدر: مجلة حواء- سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 432 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,849,835

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز