دون ذنب أو جريرة !«2»
كتبت :سكينةالسادات
كتبت لك الأسبوع الماضى حول عدم اقتناع بعض أصحاب مشاكل مجلة حواء بالذهاب إلى الطبيب النفسى ورويت كيف أن كل أسرة فى العالم المتحضر لها طبيب نفسى خاص يعرف كل شئ عن ظروف الأسرة وعن كل الأحداث التى تمر عليهم، وحكيت أن صديقى رئيس تحرير جريدة «لوس أنجلوس تايمز» السابق كان يذهب إلى الطبيب النفسى كل شهر وأحيانا كل أسبوعين نظراً لأن عملنا الصحفى يسبب التوتر والقلق دائما خصوصا فى ظروف مثل ظروف بلادنا هذه الأيام، فإننى أرى أن اللجوء للطبيب النفسى ليس عيبا ولا عارا كما يظن البعض وكان سبب إثارة هذا الموضوع هو ماروته لى قارئتى الخبيرة الاقتصادية السيدة نوال التى حكت لى أنها تزوجت عن حب من زميلها فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وأن الله أكرمهما بولد واحد ولم تستطع انجاب أخ أو أخت له لظروف صحية وأنها وزوجها الذى كان وكيلا للوزارة التى تعمل بها كانا مع ابنها آسر يشكلان أسرة سعيدة مرفقة وحكت أن ابنها فنان بطبعه رقيق المشاعر خيالى رومانسى، وأنه غاية فى الأخلاق العالية والأدب وقالت أنه ذات يوم جمعة كان زوجها يحتسى الشاى فى الشرفة ويقرأ الجرائد عندما رن جرس التليفون يطلبه نادت عليه ولم يرد فطلبت من ابنه آسر أن يذهب إليه فى الشرفة إذ ربما أن «دوشة» الشارع لم تمكنه من الاستماع إلى النداء.
وذهب آسر إلى الشرفة ليحدث والده لكنه لم يرد عليه إذ كان ميتا وهو جالس على كرسيه!!
وتستأنف السيدة نوال حكايتها وهى تبكى بدموع قلبها..
يومها ياسيدتى تعجبت من عدم ردّ زوجى ولا ابنه علىّ فذهبت بنفسى إلى الشرفة لكى أستبين سبب عدم ردهما على ندائى، وهناك وجدت آسر فى حالة ذهول وهو ممسك بيد والده صامتاً ساكتا لايتكلم وصرخت وهرعت إلى التليفون أطلب الإسعاف وجاءوا وقالوا البقاء لله!
وتستطرد السيدة نوال.. ذهول ابنى وصمته قطعا قلبى وعدم نطقه بأى كلمة أخافنى عليه، حاولت أن أجعله يحدثني كان ينظر إلى مشفقا ويربت على يدى لكى يطمئنى ومرت أيام العزاء وهو على نفس الوتيرة وخفت على ابنى ولم أكن أنام ولا آكل وكان هو أيضا لاينام ولا يأكل، وأخيرا لجأت إلى طبيب نفسى كبير فقدته مصر هو د. عادل صادق رحمة الله عليه الذى كان وجوده فى الدنيا شفاء ودواء، ورأى د. عادل أن آسر يحتاج إلى تغيير المكان وخاصة الشرفة التى مات فيها والده وفضل أقامة ابنى فى مصحة اسمها منتجعا جميلا للدكتور عادل وركز هو وهيئة العلاج على علاجه وبعد عدة أيام بدأ ابنى يتماثل للشفاء ويأكل قليلا ويتحدث عدة كلمات مثل أنا متشكر جدا.. أنا كويس..
ماتخافيش ياماما أنا بخير .. ثم كتب له د. عادل رحمة الله عليه دواء يستمر عليه عدة شهور وخرج ابنى سليما معافا «زى الفل» وعاد إلى البيت وكنت قد غيرت بعض المعالم فيه وارتاح هو للتغيير وبدأ يمارس حياته المعتادة ويخرج مع الأصدقاء والصديقات ومعظمهم من أهل الفن وكانت المفاجأة الأليمة أن البنت التى كان يرتاح لها أكثر من غيرها قد علمت بدخوله المصحة فقاطعته بل خطبت لغيره وخفت عليه من الصدمة لكنه وبحمد الله تماسك ولم يحزن وقال ربنا يوفقها.
لقد سرت على هذه الحكاية ياسيدتى خمس سنوات كاملة وأنا الآن أحاول أن أخطب فتاة مناسبة لابنى وقد لاحظت أن كل خطبة تفشل عندما يعرفون أنه قضى وقتا فى مصحة نفسية!! ياسيدتى ابنى «صاغ سليم» وزى الفل وطبيعى جدا ولا أعرف هل هى سبة أن يصاب أحد بالمرض؟
أرجوك اكتبى للناس أن المرض النفسى مثل أى مرض يأتى ويزول!
إلى كل فتاة ترغب فى الزواج من شاب «31 سنة» وسيم ومن عائلة محترمة وخريج الاقتصاد والعلوم السياسية على أن تعرف أن تعرض لأزمة نفسية سابقا وهو الآن سليم تماما وإلى كل أسرة.. ياأحبائى المرض النفسى ليس وصمة عار ولاسبة وآسر إنسان ممتاز يوفقه الله بإذنه تعالى إلى شريكة عمره
ساحة النقاش