أزواج أم لصوص؟!

راتب الزوجة تحت الرقابة

كتبت : نجلاء أبو زيد

عقب حصولي علي راتبي الشهري تبدأ حسبة برما، أقسمه بين احتياجات بيتي، وأولادي، وما أساعد به زوجي، وعادة ينتهي الراتب دون أن ينالني منه شيء.

أحلم بشراء أشياء شديدة الخصوصية، ماكياج، إكسسوار، فستان سهرة.. إلخ، لكن الراتب يتقاسمه الجميع إلا أنا .. يضايقني الأمر وأعجز عن التعامل معه، لقد اعتادوا مني التضحية واعتدت الصبر، لكن إلي متي؟!!

كانت هذه شكوي موظفة بسيطة تعبر من خلالها عن عجزها وكثيرات، عن الاستمتاع برواتبهن أو الادخار منه، وكأن راتبهن ملك للآخرين، وحول تجاربهن وغيرهن كان هذا التحقيق

السيدة عواطف عمر - موظفة - قالت: زوجى مبذر جداً لكن على الآخرين ، ولذا فأنا المسئولة عن كل شىء فى البيت، ولأن لدى ثلاث بنات، فإننى أنفق مرتبى كله عليهن ليظهرن بمظهر طيب، أتمنى أن أشترى بلوزة جديدة، لكن أقول ابنتى الكبرى أحق لأنها فى الجامعة، وإذا طلبت من والدها يصرخ مؤكداً أنه لا يملك أية نقود، وفى المساء يجلس على المقهى، ويعزم الآخرين ، أحمد الله على أنى أعمل، حتى لا أحتاج للآخرين، لكن فى نفس الوقت لا أشعر بما آخذه من مرتب لأنه يذهب كله للآخرين، أتمنى أن أقوم بعمرة لكن لا أملك ثمنها بعد 20 سنة عمل، الكثيرون يقولون إننى مخطئة وأن زوجى يستغلنى ، ولكن هل أطلب الطلاق لأحمى مرتبى هل أشرد بناتى ، إنها حياتى وأعيشها رغم قسوتها.

وتحكى نهاد عبدالعزيز - موظفة - تجربتها قائلة: زوجى أصغر منى بعامين، وقد اختارتنى شقيقته لأنها زميلتى وتعرف راتبى وما أتقاضاه من مكافآت ، وبعد الزواج علمت هذه الحقائق ولم يعد بإمكانى أن أخفى عنه أى شىء لأدخره لدرجة أنه طلب رؤية دفتر التوفير الذى كنت أمتلكه قبل زواجنا ليتأكد أنه أصبح خالياً، كما أخبرته لاستخدامى ما فيه من نقود فى تجهيز نفسى، وضايقنى هذا الأمر فى البداية وغضبت وذهبت لبيت أسرتى ، لكن شعرت أن إنفاقى فى بيتى أفضل، وفعلاً بدأت أنفق كل ما معى ، وأحمد الله أنه لا يأخذ منى راتبى كما يفعل آخرون لكن يتركنى أشترى الأشياء ، وعندما أردت إلحاق ابنى بمدرسة خاصة، أخبرنى أن إمكاناته لا تحتمل إلا مدرسة حكومية، وأننى سأتولى كل المصاريف وطبعاً وافقت.. والدتى تلومنى وشقيقتى الصغرى ترى أننى سأندم وأنه يدخر أمواله ، وربما يفاجئنى بالزواج بأخرى أصغر وأجمل منى ، أغضب، وأحاول الادخار لكنه يضطرنى للإنفاق لسداد فواتير الكهرباء والماء وقسط الشقة. إحساس صعب جداً ألا ينالنى من مرتبى إلا تكلفة المواصلات لكن ماذا أفعل ؟!

راتبي ملكي!!

«الشرط نور» هكذا بدأت ولاء محمد - موظفة - حديثها وقالت: خلال فترة الخطبة سألنى زوجى عن راتبى، فأخبرته أننى أرى أن المسائل المالية من الأمور الخاصة، والأفضل أن أساهم فى البيت بمبلغ، نتفق عليه ثم لا يسألنى عن باقى راتبى لأنه ملكى حتى وإن ادخرته سيكون لأولادى، ومن حقى أن أساعد أسرتى، غضب لفترة ثم تفهم وجهة نظرى وحالياً عندى دفتر توفير وأساعد فى البيت لكنى أحتفظ بمبلغ للزمن ، فلا أحد يعلم ما تخفى الأيام.

السيدة فاطمة عرابى - على المعاش - لها تجربة شديد الألم تحدثت عنها قائلة: والد زوجى كان رئيسى فى العمل، ويعلم راتبي ، وعندما تزوجت فوجئت بمطالبة زوجى لى بأن أعطيه كل الراتب وأنه سيعطينى مصروفاً، رفضت لكن لأننى يتيمة رضخت، حتى أعيش ومن وقتها وهو يأخذ كل راتبى، حتى مات والده وبدأت أخفى بعض ما أحصل عليه من حوافز أو أشهر إضافية، واشتريت ذهباً لكن س أننى اضطررت للاحتفاظ بذهبى عند صديقة لي، وفى المناسبات كنت أدعى أننى آخذه منها . وعشنا هكذا وكان أولادى يتعجبون مما أفعله لكن الوضع ساء أكثر عندما خرجت معاشاً مبكراً من إحدى شركات التأمين وحصلت على ما يقرب من الـ مائتى ألف جنيه وأخذهم منى لشراء قطعة أرض يتولى سداد أقساطها وبالفعل اشتراها باسمه. وعندما رجوته أن أذهب للحج رفض بشدة، وأخبرنى أنه سيقدم فى القرعة وعندما يأتى دورنا سيساعدنى فى النفقات ولم يأت الدور ، لكن فوجئت من فترة أنه تزوج فى السر من أرملة أحد أصدقائه، ولم أستطع مواجهته حتى لا يطردنى من البيت أو يطلقنى أو أفضح أولادى ، خاصة وأننى لا أملك إلا بعض القطع الذهبية البسيطة التى اشتريتها دون علمه ، ومعاشى البسيط الذى يأخذه هو لينفق علينا منه.

وتؤكد طاهرة على - موظفة - أن مساهمتها فى بيتها رمزية لأنها عودت زوجها على ذلك منذ البداية ، وبمجرد حصولها على راتبها تستأذن من العمل وتذهب للبنك لتضع معظم الراتب فى حسابها والباقى تتركه لنفقاتها الشخصية أو احتياجات الأولاد ، مضيفة: أرى أن الرجل هو المسئول عن الإنفاق ، وأنه إذا اعتاد مشاركة زوجته بكل راتبها سيحتفظ هو براتبه وقد يفاجئها ويتزوج عليها ، لذا يجب أن ينفق كل ما معه . لذا حجزت شقة لنفسها وباسمها لتكون حماية لها. وتؤكد أن ما تسمعه من زميلاتها من حكايات عن سيطرة الزوج على المرتب بدعوى «البيت محتاج» جعلها تتعلم الدرس جيداً.

وحول كيفية تعامل الآخرين مع راتب الموظفة سألنا المتخصصين؟! وعن ذلك قالت د. عزة كريم ـ أستاذة علم الاجتماع - الحياة الزوجية تعتمد بشكل أساسى على المشاركة بين الزوجين، فى الاهتمامات والمشكلات، ولكل منهما مسئوليات وأدوار عليه القيام بها. ومع نزول المرأة للعمل أصبحت تستقطع وقتاً من الوقت المخصص لبيتها، من هنا يكون من المنطقى أن تساهم اقتصادياً فى البيت، وأن تشارك برضا وألا تكون أنانية فتحتفظ براتبها لنفسها. فى نفس الوقت يجب ألا يستأثر الزوج بمرتب الزوجة. وأضافت : إن المشكلة الأساسية تكمن فى رضوخ المرأة لمسألة أخذ مرتبها بالكامل على أساس أن هذا هو الوضع السائد ، ولكىلا تهدم بيتها وهذا خطأ كبير ، ويجب على كل فتاة مقدمة على الزواج أن تؤكد استقلالها المادى، على ألا يتعارض مع مشاركتها فى نفقات البيت لكن دون إجبار أو استحواذ كامل من الزوج. ونصحت كل عاملة متزوجة أن تتفاهم مع زوجها فى هذه الموضوعات بصراحة وهدوء حتى لا تعيش وهى مفتقدة الأمان الاقتصادى ، أو أن تشعر أن مرتبها لعنة عليها لأنها لا تستمتع به وأن زوجها أو أهلها يستغلونها. فإحساس المرأة بتحكمها فى العائد المادى من عملها يدفعها للنجاح فى العمل ويزيد من إسهامها فى الدعم المادى لأسرتها ، فالتوازن شىء ضرورى لاستقرار الحياة الأسرية.

استقرار نفسى!

ويرى د. سعيد عبدالعظيم - أستاذ الطب النفسى وخبير الاستشارات الزوجية - أن المرأة التى تساهم فى الإنفاق على البيت بإرادتها الحرة ودون ضغط من المحيطين بها تشعر بحالة استقرار نفسى ورغبة فى المزيد من العطاء والحب بل يصل بها الأمر للاستغناء عن كل راتبها طواعية لإسعاد الآخرين وذلك عكس المرأة التي يسيطر زوجها على مرتبها ولا يمنحها الحق فى الاختيار فى كيفية إنفاقه ، حيث تعانى من الاكتئاب والإحباط وعدم الاستقرار النفسى ، كذلك يجب التأكيد على أن عمل المرأة بالإضافة لكون رغبتها فى إثبات ذاتها أحد أسبابه الأساسية ، فإن رغبتها فى تحقيق الشعور بالأمان المادى عامل فى غاية الأهمية ، لذا يجب أن تدخر جزءاً من مرتبها لنفسها ليشعرها بالرضا والاستقرار والهدوء ، فالخوف من التقلبات الاقتصادية خوف طبيعى والادخار يحمى من هذا النوع من المخاوف ، لذا عليها مراعاته.

ذمة مالية

وتتحدث د. آمنة نصير - أستاذة الفلسفة الإسلامية - عن موقف الشرع من دخل الزوجة قائلة: الإسلام كرم المرأة بشكل واضح وحفظ لها استقلالها المالى عن زوجها، ولا يجوز لزوجها أخذ شىء من مالها الخاص إلا بعد استئذانها، وكانت المرأة فى الماضى متفرغة للبيت، لكن بعد أن تغيرت الأوضاع وأصبحت تعمل، أصبح من العرف السائد والجائز شرعاً أن تعطى جزءاً من دخلها لزوجها للمساهمة فى نفقات الأسرة . وعلى الجانب الآخر يجب على الزوج أن يراعى أن مساهمة الزوجة يجب أن تتم عن رضا وإذا كانت ملتزمة بتقديم مساعدة ما لأسرتها فيجب ألا يمنعها ، لأن لها ذمة مالية مستقلة ويجب ألا يتخطى حدوده ويأخذ عائد عملها كله ، لأنه بذلك يأكل سحتاً ولا يجوز شرعاً، لأن الإسلام حفظ لها كافة حقوقها والجور على أيً من هذه الحقوق يعد خرقاً للشرع وغير مقبول

المصدر: مجلة حواء- نجلاء أبو زيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1152 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,783,082

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز