كيف تتعامل مع أبنك المراهق

 

كتبت :سماح موسى

تعتبر مرحلة المراهقة من أهم المراحل العمرية في حياة الإنسان، حيث تتسم بتغيرات فسيولوجية وجسدية وعضلية، تنقل المراهق من مرحلة الطفولة إلي فئة الكبار «الرجولة والأنوثة»، وتختلف بداية تلك الفترة من دولة لأخري ومن مجتمع لآخر، حيث تبدأ في دول الشرق من حوالي الثالثة عشرة عند الفتيات، والرابعة عشرة عند الشباب، في الوقت الذي تتأخر فيه في الدول الباردة لتبدأ من الخامسة والسادسة عشرة.

ولخطورة تلك المرحلة رأت «حواء» ضرورة التعرض لها للتعرف علي جوانبها وأعراضها. لتضع خريطة ارشادية أمام الآباء والأمهات لكيفية التعامل مع أبنائهم في تلك المرحلة العمرية

سماح موسىالبداية مع د. محمد صهيب مزنوف - أستاذ الصحة النفسية بكلية البنات جامعة عين شمس - الذى قام بدراسة حول معرفة مدى انتشار الأفكار اللا عقلانية بين المراهقين فى المرحلة المتأخرة، حيث أسفرت هذه الدراسة عن مجموعة النتائج أبرزها أن هناك تفاوت فى النسب المئوية بين الذكور والإناث على الدرجة الكلية لمقياس الأفكار اللاعقلانية، حيث بلغت النسبة المئوية للإناث «96،12%» والذكور «20،11%».

كما وجدت فروق بين الجنسين على ست أفكار لا عقلانية، ثلاث منها لصالح الإناث وهى الأفكار الخاصة بالمبالغة فى طلب الحب والتأييد والاعتمادية والرغبة فى التساوى فى مقدار الحب، وثلاث لصالح الذكور وهى الأفكار الخاصة بتوقع الكوارث والحذر منها، والرجل أهم من المرأة والجدية الرسمية.

وعن تنوع أشكال المراهقة تقول د. سيمون عبدالحميد متولي - أستاذة الصحة النفسية بكلية التربية جامعة الزقازيق -: إن أشكال المراهقة تتنوع بين مراهقة سوية خالية من التوترات الانفعالية الحادة، وعدم الإسراف فى أحلام اليقظة والخيال، أو الاتجاهات السلبية، وبين مراهقة انسحابية حيث يفضل المراهق الانسحاب والانعزال عن الآخرين والانفراد بنفسه، حيث تنتابه الهواجس الكثيرة، وأحلام اليقظة، والثورة على الوالدين، ونقد النظم الاجتماعية، أما المراهقة العدوانية فيتسم فيها المراهق بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس، وشعوره دائماً بالظلم. وعن المراهقة المنحرفة تقول د.سيمون: إن هذا النوع من المراهقة «المنحرفة» يقوم المراهق خلالها بتصرفات تشير إلى الاضطراب النفسي، والتى قد ترجع إلى التنشئة الاجتماعية غير السليمة كالتدليل والقسوة والزائدة، أو انعدام المتابعة والرقابة الأبوية والتخاذل والقيام بالدور اللازم تجاه المراهق أو صحبة السوء.

التطلع إلى الاستقلال

وتؤكد د. سيمون: إنه عادة ما يصاحب البلوغ الجنسى تغيرات تطرأ على حياة المراهق الانفعالية والعقلية، حيث يشعر بالخجل بسبب النمو الجسدى والشعور بالذنب الذى يثار نتيجة انبثاق الدوافع الجنسية والعواطف المختلفة كالحب والوطنية والتدين، وشخصية المراهق فى مصر لها مقوماتها الخاصة التى تجعلها مختلفة عن شخصية الأوروبى إلى حد كبير.

كما تواجه المراهق مشكلات الهرب خاصة فى سن «12 - 18 سنة» وتكون تعبيراً عن الضيق من السلطة الوالدية والتطلع إلى التحرر والاستقلال كما تكون لديه نزعة رومانسية مصحوبة بالقلق.

ويكشف الهرب عن التناقض العاطفى فى موقف المراهق من الأسرة، فهو هارب من الضغط ولكنه يعيش أحاسيس جميلة، منها اهتمام والديه وإخوته فى البحث عنه فى كل مكان فيشعر بأهميته.

وعما إذا وجد اختلاف بين نفسية الفتى والفتاة فى تلك المرحلة تشير د.سيمون إلى اختلاف اهتمام الفتاة عن الشاب فى مرحلة المراهقة، حيث تصبح الفتاة أكثر اهتماماً بزيها بعد أن كانت تبذل طاقتها فى مرحلة الطفولة فى النشاط الحركي، علاوة على أن الفتاة فى مصر تخضع لقواعد أكثر صرامة من الفتى، لهذا يكون التوتر النفسى لديها أشد بكثير منه لدى الفتى المراهق، وتؤكد د. سيمون على أن الفتاة تواجه بعض المشكلات فى تلك المرحلة منها التمرد وفى نفس الوقت تضاعف من اهتمامها بنفسها، وهذا الشعور المتناقض يدفعها لدعم مكانتها وإثبات حقها، وإذا أخفقت ترجع إخفاقها إلى ضغط الأسرة أو ظلم مجتمعها كما تقع الفتاة فى صراع بين رغبتها فى الاستقلال وبين واجبها نحو أسرتها، ويتولد عن ذلك شعور بالذنب تجاه أسرتها التى لاتزال مرتبطة بها ارتباطاً عاطفياً، وهذا يعرضها للإجهاد النفسى الذى يبدد طاقتها النفسية فى الصراع الداخلي، ومن هنا كان شيوع الأمراض الهستيرية والتمرد على السلطة، ومن الخطأ اعتبار التمرد دليلاً على الاستهتار وإنما هو رغبة جادة فى النضج والتهيؤ لتحمل المسئولية، ومن المتاعب الجسدية الصداع الحاد، الهبوط، والدوخة ومنها اضطرابات نفسية كالقلق والاستسلام لأحلام اليقظة والانطواء.

وعن الاضطرابات الانفعالية فى مرحلة المراهقة تقول د. سيمون: يتعرض المراهقون كثيراً للإحباط والصراع، وتتلخص أسباب ذلك فى العجز الصحى والجسدي والعقلى، كما تظهر الأعراض الجسدية مثل آلام المعدة والبرد المزمن، ومن مظاهر الاضطرابات الانفعالية عدم الثقة بالنفس واجتناب الاشتراك فى أنواع النشاطات المختلفة، خوفاً من العجز وعدم القدرة على ذلك، والشكوى من القلق والخوف من الفشل وعدم الاستقرار الذى يظهر فى الأرق وكثرة العرق والخجل والارتباك، وتظهر عليه مظاهر عصبية مثل «قضم» الأظافر، وإحمرار الوجه عند الخجل أو اصفراره عند الخوف، كثرة الانتقال من مكان لآخر التهتهة وشد الشعر؛ كما يظهر عليه أعراض هستيرية مثل عدم التحكم فى الضحك والشعور بالإهانة عند معارضته فى الرأى، والتصرف بخشونة وحب الظهور فى المناسبات الاجتماعية.

المخاوف المرضية

وعن بعض أنواع الأمراض النفسية فى المراهقة تقول د. سيمون: من الأمراض النفسية التى تصيب المراهق المخاوف المرضية التى تظهر على شكل اضطرابات خاصة فى النشاط الاستثارى للجهاز العصبى، مثل زيادة العرق وسرعة التنفس وجفاف الحلق، كما يصيبه حب تقليد الآخرين والقلق، فكلما تعرض الفرد إلى القلق، كلما اكتسب مخاوف مرضية جديدة، والعلاج المناسب للمخاوف المرضية يتطلب البحث عن الأسباب الحقيقية التى أدت إلى الخوف، والكشف عن أنواع الصراعات لدى المريض .

كما أن العلاج التدريجى أفضل من الفجائي، والأعراض الشديدة تزيد من صعوبة الشفاء، ويتم العلاج بالعقاقير والعلاج السلوكى والاستبصار «الكشف عن الصراعات لدى المريض وتبصيره بها».

كما يصاب المراهق بالاكتئاب النفسى الذى لا يعد مرضاً إلا إذا استمر لمدة طويلة، ويكون مصحوباً باضطرابات جسدية واضطرابات فى التفكير تعيق الفرد عن ممارسة نشاطه اليومى وعدم اكتراثه بالحوادث ونتائجها، والشعور بالإعياء وعدم القدرة على إنجاز العمل.

العلاج بالعقاقير

وعن أسباب الاكتئاب النفسى تؤكد د. سيمون: إن الاكتئاب نتيجة عداء أو كراهية مكبوتة بسبب الرفض الانفعالى الذى قد يكون تعرض إليه الفرد فى الطفولة نتيجة لأسباب بيئية اجتماعية كأن ينشأ الاكتئاب من الأزمات المفاجئة وفقدان شىء ذي قيمة كبيرة بالنسبة للفرد كفقدان عزيز أو عمل مهم، كما تعد إصابة الفرد ببعض الأمراض المزمنة والتى تؤدى إلى شعوره بالكآبة والهم والحزن من أسباب الاكتئاب النفسي، وعادة ما يكون علاجه بالأدوية والعقاقير، حيث تساعد الأدوية المضادة للاكتئاب فى تخفيف وطأة الأعراض الاكتئابية الضاغطة بالإضافة للعلاج البيئى الاجتماعى.

ويمكن تمييز القلق بالعديد من الأعراض الجسدية والنفسية كسرعة خفقان القلب، وارتفاع ضغط الدم وشحوب الوجه وسرعة التوتر واضطرابات النوم وبرودة الأطراف، والشكوى من ضعف الذاكرة وتوقع الأذى وضيق الصدر والشعور بالهم والإسهال المتكرر بدون سبب عضوى، وفقدان الشهية والنظرة السوداوية وتيبس فى الرقبة والكتف والظهر، مع رجفة فى اليدين، وعندما يصحو فى الصباح يشعر بالتعب والإنهاك وكأنه لم ينم. وترجع د. سيمون أسباب القلق لسلوك وأساليب التدين الخاطئة والأسباب النفسية كالكبت والرغبات والصراعات المختلفة والأسباب الوراثية، ويتطلب علاج القلق بالأدوية وصف الأدوية المهدئة البسيطة، بالإضافة إلى العلاج النفسى.

وعن الوسواس القهرى الذى يظهر فى مرحلة المراهقة تؤكد د. سيمون: إن الوسواس القهرى أكثر ظهوراً عند الأطفال فى عمر «8-10» سنوات وأكثر تأثيراً فى مرحلة المراهقة والبلوغ، ويمكن للوالدين ملاحظة بعض السلوكيات مثل استهلاك كميات كبيرة من الصابون وورق التواليت وتكرار غسل اليدين، والاستحمام وغسل الأسنان.

وعن علاج الوسواس القهرى تضيف د. سيمون: إن علاجه طبى وبيئى ونفسى واجتماعى 

المصدر: مجلة حواء- سماح موسى

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,924,763

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز