فى السياسة .. العمل .. الإعلام ..

و..سقط جدار الصمت !

 

كتبت : مروة لطفي

في يوم 25 يناير نزل جموع المواطنين إلي كافة ميادين مصر.. منادين بتحسين أحوالهم المعيشية إلا أن مطالبهم قوبلت بالصمت التام من قبل الرئيس السابق وأعوانه.. الأمر الذي أدي لإرتفاع سقفها حتي وصلت إلي الإسرار علي اسقاط النظام كامله.. هكذا.. ادي الصمت السياسي إلي ثورة قلبت اوضاع البلاد رأساً علي عقب.. وإذا كان هذا هو الحال في السياسة فماذا عن الصمت في بيوتنا.. عملناوسائل أعلامنا؟!حول الصمت وتبعاته كانت تلك السطور 

«لاشك أن صمت الرئيس السابق كان من الأسباب الرئيسية لتفاقم الأوضاع حتى سقط النظام بالكامل » بهذه الكلمات بدأت د. حورية مجاهد - أستاذة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة - حديثها وأضافت:

لابد أن يمتلك السياسى الحس الذى يساعده على اتخاذ القرار المناسب دون تأخير .. وذلك يأتى من خلال فتح قنوات الاتصال مع أبناء شعبه حتى يتجنب غضبهم..

وجدير بالذكر أن تكنولوجيا الاتصالات الحالية أحدثت ثورة فى العالم كله، فلم يعد الصمت يجدى كما كان قديماً .. لأن كل شئ أصبح مكشوفاً للجميع، ومن ثم على السياسى البارع مواجهة الرأى العام لتوضيح الصورة بكل صراحة واتخاذ القرار الملائم حتى يحتوى أى غضب شعبى قبل تفاقمه..

ومع ذلك فهناك بعض الأمور التى يجب مناقشتها فى لجان مغلقة وليس أمام الرأى العام مثل الموضوعات الخاصة بالأمن القومى، كالأمور العسكرية والحربية، حيث يؤدى اعلانها إلى خطورة تمس الأمن القومى، لذا تكون فى أضيق الحدود..

تجاهل تام

وتتفق النائبة مارجريت عازر - عضوة مجلس الشعب - مع الرأى السابق وتضيف: لقد كشفت التجارب التاريخية على مر العصور أن الصمت السياسى يؤدى لتفاقم الأمور .. فعندما حدثت انتفاضة شعبية يومى 19.18 يناير فى عهد السادات اعتراضاً على ارتفاع الأسعار، خرج لهم السادات فى نفس اليوم وألغى قرارات مجلس الوزراء لتعود الأسعار لما كانت عليه، هدأت الأوضاع على عكس ما حدث فى 25 يناير من تجاهل تام للتزوير الذى حدث فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى 2010 .. إلى بيع أراضى الدولة وأصولها .. فضلاً عن قانون الخصخصة والرفض الشعبى للتوريث، وكل هذا والرئيس السابق فى صمت تام مما أوصل الأمور إلى مالا يحمد عقباه فحدث ما نشهده حالياً .. لذلك دائماً ما أؤكد على ضرورة تمتع السياسى بالقدرة على اتخاذ المواقف فى الوقت المناسب فهذا هو جزء لا يتجزأ من نجاحه..

أدب الحوار

وإذا كان الصمت يؤدى إلى عواقب وخيمة فى الحياة السياسية فهو سلاح ذو حدين فى قطاعات العمل، وهو ما تؤكده د. شفيقة ناصر - أستاذة الصحة العامة بكلية طب قصر العينى جامعة القاهرة وعضوة مجلس الشورى سابقاً - فتقول: أعتقد أن جميع المشاكل المتفاقمة فى مجالات العمل ناجمة عن عدم المواجهة والصمت على اوضاع غير مريحة، مما يزيد من حدة المشاكل .. لذلك ارى ضرورة المصارحة بين الرئيس والمرءوس كذلك زملاء العمل بشرط أن يتم ذلك فى حدود أدب الحوار .. وهو ما نفتقده للأسف، فنجد أشخاصاً يتحدثون بأسلوب غير لائق وهو ما يحزننى بشدة، فكثيراً ما أرى بعض الأساتذة فى مجلس الجامعة يتناقشون ويثورون بصوت عال وانفعال شديد على موضوعات لا تستحق، مما يؤدى لضياع الحق، بينما يخطئ آخرون بالصمت التام عن وضع يرفضونه، والأمر فى كلا الوضعين مرفوض .. فنحن بحاجة لتعلم كيفية التعبير عن الرأى لكن فى حدود حتى لا تخرج عن الخطوط الحمراء فنفقد حقوقنا فى العمل..

وتضيف د. شفيقة: أنها كثيراً ما تؤنب نفسها فى العمل بسبب صمتها عند الاصطدام بزملاء يخرجون عن ما يمليه أدب الحوار فى مناقشات العمل، مما قد يفهمه الآخر وكأنه نوع من التخاذل أو الضعف، إنما الواقع انها لا تنفعل سريعاً، مما يجعلها تصمت امام أشخاص يريدون اخراجها عن شعورها بهدف ضياع حقوقها.

أما منى شاكر - محاسبة - فترى أن الصمت يكون مطلوباً فى العمل إذا حاول أحد الزملاء ادخالك فى موضوعات جانبية تخرجك عن شعورك وتؤدى إلى توقف سير العمل فيأتى عليك اللوم.

ويختلف عبد الرحيم عيد - موظف - مع الرأى السابق قائلاً: أعتقد أن الصمت على زميل أو رئيس أخطأ فى حقك أو ظلمك سوف يؤدى لزيادة أفعاله، لذا يجب التصدى له والرد عليه، بشرط أن يتم ذلك فى إطار قانونى حتى لا تفقد حقك .

حلاّل المشاكل

هذا عن الصمت فى الحياة العملية .. فماذا عن الصمت فى العلاقات الزوجية؟!

كشفت دراسة اجراها قسم العلوم الإنسانية فى الجامعة الفيدرالية البرازيلية أوسب أن الصمت يكون فى أحيان كثيرة المفتاح لحل المشاكل وتجنب التعقيدات فى العلاقة الزوجية .. فعندما يشكو الزوج من شئ ما غير منظم فى البيت بعد وصوله من العمل يفيد صمت الزوجة لبعض الوقت إلى أن يهدأ، حيث يساعد الصمت فى الحد من تصعيد الموقف ..

وأشارت الدراسة إلى عدم تفهم غالبية الناس للدور الإيجابى للصمت فى حل المشاكل سواء داخل المنزل أو خارجه، حيث يتصور البعض أن الصمت امام طرف متهور إنه علامة جبن أو افتقار لشجاعة الرد بالمثل .. وفى هذه الحالة كسر الصمت قد يكون السبب الرئيسى فى حدوث كارثة، لأنه لو تمالك الإنسان أعصابه وصمت أمام إنسان انتابته حالة من الغضب لبعض الوقت، فبإعادة النظر فى الموقف وتجاوز لحظات الغضب يتجنب الطرفان الوقوع فى فخ فقدان الاحترام التام لبعضهما البعض ..

وتعلق الفنانة نادية رشاد على نتائج هذه الدراسة قائلة: اعتقد أن تلك الدراسة ملائمة للمجتمع المصرى وليس البرازيلى فحسب .. فكثيراً ما يكون الصمت البوابة السحرية لإطفاء جذوة اشتعال المشاجرات الزوجية والأسرية أيضاً فمن المفترض أن يصمت احد الطرفين لبعض الوقت حتى لا يزيد الوضع اشتعالاً .. وهو صمت مؤقت لانقاذ الموقف .. وللأسف تعلمت ذلك متأخراً، فحينما كنت صغيرة كان يسهل استفزازى، مما كان يزيد من تفاقم العديد من المشاكل التى اتعرض إليها .. وعندما كبرت حدث العكس تماماً .. فأصبحت أصمت أكثر من اللازم تجنباً لزيادة الأزمة .. وهو أمر غير محمود فى الحالتين، فالوسطية مطلوبة أى أن يصمت الإنسان لبعض الوقت ثم يعبر عن موقفه حين تهدأ العاصفة، لأن الصمت التام قد يؤدى أيضاً لقطع حبال الود تماماً..

بينما ترفض الكاتبة الرومانسية المميزة منى نور الدين الصمت التام قائلة: عادة ما يعبر الصمت على شعور من المرارة الداخلية التى يعجز الإنسان فى التعبير عنها، لكننى دائماً ما أرفض الصمت التام، خاصة فى العلاقات العاطفية .. فيكفى أن أعبر عن موقفى بكلمة واحدة بعدها .. أصمت تماماً لأترك للطرف الآخر فرصة يتحدث فيها مع قلبه فيعرف خطأه من تلقاء نفسه..

لكن الصمت التام دون إبداء الرفض قد يؤدى لنتيجة عكسية، فيزيد الآخر من انفعاله ويتمادى فى اخطائه .. لذا دائما ما ارى أهمية استخدام كلمة واحدة من خلالها توضح موقفك قبل الصمت التام ..

قواعد إعلامية

ومن الصمت المنزلى إلى الصمت الإعلامى حيث تشير اصابع الاتهام دائماً للإعلام بالصمت عن بعض القضايا تارة وتكبير أخرى فى غير محلها تارة أخرى، فمتى يكون الصمت ضرورة على الساحة الإعلامية؟!.

تقول الإعلامية اللامعة د. درية شرف الدين: وظيفة الإعلام الرئيسية هى الكشف عن الحقيقة، لذلك يجب ألا يصمت أبداً فهو يقوم على الإخبار وتوضيح الحقائق للرأى العام، ومن ثم أرفض الصمت الإعلامى بجميع اشكاله إلا إذا كان يتم وفقاً لما يفرضه القانون، مثل الصمت الانتخابى خلال الفترة التى يحددها القانون، أو الصمت على احكام القضاء أو عدم مناقشة قضايا معينة قد يؤدى الكلام عنها إلى التأثير على سير التحقيقات، وكلها قضايا يحددها القانون. وعلى الإعلام الالتزام بقواعده لكن عدا ذلك يجب على الإعلام البوح بكل التفاصيل فى الموضوعات المختلفة..

وتضيف درية شرف الدين أن الإعلامى عليه ابداء رأيه فى القضايا المختلفة إذا كان مخالفاً لرأى الضيف بشرط أن يتم ذلك بأسلوب راق يفيد فى إثراء الحوار الإعلامى..

انفجار نفسي

ويؤكد د. إسماعيل يوسف - أستاذ الطب النفسى بجامعة قناة السويس - أن هناك عدة عوامل تلعب دوراً فى صمت الإنسان من عدمه، منها شخصيته، نوعه، ومهنته .. فقد كشفت الدراسات النفسية أن الشخصيات الهستيرية والنرجسية أكثر كلاماً عن غيرها من الشخصيات ومن ثم يتسم أصحاب هاتين الشخصيتين بانفعال سريع ومن ثم يصعب صمتهم تجاه المواقف المختلفة .. على عكس الشخصية الوسواسية التى تتكلم نادراً ومن ثم تتسم بالصمت ..

كذلك كشفت دراسات أخرى أن المرأة أكثر ثرثرة من الرجل ومن ثم يصعب صمتها أو احتفاظها بسر يؤلمها لمدة طويلة، ويرجع ذلك للتنشئة الاجتماعية التى تعطيها فرصة للتعبير عن ما يدور داخلها أكثر من الرجل.

وأخيراً تؤثر المهنة فى قدرة صاحبها على الصمت من عدمه، فنجد اصحاب المهن التى تتطلب التحكم فى مشاعرهم مثل رجال المخابرات، المباحث الدبلوماسيين أكثر صمتاً من الإعلاميين، الكتاب، وغيرهم من أصحاب المهن التى تتطلب الكلام ..

وجدير بالذكر أن الصمت على مواقف يرفضها الشخص قد تولد داخله شعوراً بالقهر والإحباط، يتفاقم دون أن يشعر حتى يخرج فى صورة اكتئاب نفسى فجائى، لذلك دائما ما أنصح بضرورة التعبير عن المواقف التى يرفضها الإنسان قبل زيادة حدة الغضب، تجنباً لانفجارها .. ووقتها لن ينفع إصلاح مضاعفاته 

المصدر: مجلة حواء- مروة لطفي

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,700,350

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز