بعد الامتحانات والانتخابات

أجازات .. أجازات!

 

كتبت : نجلاء أبو زيد 

 تعيش الأسرة المصرية منذ عام ونصف العام حالة مستمرة من التوتر والقلق والارتباط، جراء تواصل المظاهرات المليونية والأزمات والانتخابات التشريعية والرئاسية، لذا تري الآن ضرورة وقفها بأي شكل كان والذهاب إلي الاسترخاء والهدوء في إجازة تطول أو تقصر، المهم أن يكون هناك لكي يستطيع مواصلة الحياة.

الأسرة المصرية قررت قضاء الفاصل في الضحك واللعب والحب والألفة علي رمال الشواطيء وتحت سماء صافية وبحر تتلألأ مياه رقة، مؤكدة أنها ملت الأحداث والوقائع التي تتسارع متلاحقة وقررت الابتعاد برفقة الأهل والأحباب في إجازة لأي مكان بشرط الاسترخاء والاستمتاع 

البداية مع السيدة شيماء فاروق - ربة بيت - حيث قالت: الأحداث التى مررنا بها طيلة العام الماضى كانت كثيرة ومتلاحقة وأصابت الجميع بالتوتر، لذا فالتفكير فى الذهاب للمصيف يبدأ منذ انتهاء امتحانات الأولاد لنأخذ جميعا فرصة للاسترخاء، وعادة نذهب مجموعة كبيرة من الأقارب يأخذ كل منا شقة لكن نجتمع على البحر ووقت التمشية وعادة نفضل الذهاب لرأس البر لرخص أسعارها، كما أنها تضم عائلات كثيرة فالجو العام يشعرنا بالأمان على خروج بناتنا بمفردهم لكن بين الحين والآخر نقوم برحلات لمناطق أخرى، فالمصيف هو الفرصة الوحيدة لزيارة المعالم السياحية، ودائما أعتبر هذا الأسبوع فرصة غسل للنفس من كل الهموم والروتين أعود بعدها بروح جديدة .

الأستاذ رضوان سعد -موظف- يعتبر الاجازة والسفر حق لكل مواطن وعن هذا يقول: كلما شعرت بحالة من الملل أو الاحباط أقنع أصدقائى بالسفر لأى مكان ولو لمدة يومين المهم نخرج من الروتين، ويجب أن يكون المكان على البحر لأن له قدرة رهيبة على راحة النفس والتخلص من الهموم. ونحاول عادة ألا نبالغ فى النفقات حتى نتمكن من تكرار هذا الأمر أكثر من مرة خلال السنة .

شحن طاقة !

السيدة هبة طلعت -ربة بيت- تقول: المصيف بالنسبة لى وأسرتى فرصة لشحن الطاقة والتخلص من الروتين والمسئوليات، فهناك نعيش دون نظام محدد ونفعل ما نريد وقت ما نريد ويكون فرصة حقيقية للترابط وصلة الرحم حيث نحاول أنا وأشقائى تنسيق وقت سفرنا بحيث نسافر جميعا فى نفس الوقت وهذا يسعد الأولاد جدا . فالمصيف لا تكتمل فرحته إلا باللمة المتجانسة. وعادة نكون نحن النساء أكثر الناس سعادة حيث نتخلص من أعباء الطهى وترتيب البيت فى كل وقت، ففى المصيف الطعام عادة بالخارج ليفرح الأولاد ويشعرون بأن هناك تغييراً .

الأستاذ طلعت محمد -موظف- يقول: لقد أصبح المصيف الآن شيئاً ضرورياً وليس رفاهية . فالإنسان يظل طول العام مضغوطاً بين العمل والمذاكرة والدروس الخصوصية وأحوال البلد المتقلبة من لحظة لأخرى، وبعد كل هذا الإرهاق يحتاج لمكان بعيد يعيش فيه متفرغا لأبنائه. والحمد لله معظم المصايف تكون بالقسط. وزوجتى تحاول أن تأخذ كل شىء معها حتى لا نتكلف الكثير . لأن المصيف إذا تحول لعبء اقتصادى لن يكون فرصة للتغيير لكن سيصبح أحد الهموم . وفى بعض السنوات أسافر للقرية عند أخى، المهم أن نبتعد عن البيت وكل الروتين المرتبط به .

السيدة سماح السيد -ليسانس آداب- تقول: طبيعة عمل زوجى تجعله مشغولاً معظم الوقت لذا يحاول بين الحين والآخر أن يأخذ إجازة ولو ليومين لنسافر لأى مكان وهذا يسعد الأولاد جدا، ولأننى من أهل الاسكندرية فهى دائما المفضلة عندى فى الإجازات لكن أحيانا نسافر لشرم أو الغردقة، أهم شىء أن نجتمع ونبتعد عن الروتين، فالمصيف يدعم العلاقات الأسرية .

الأستاذ أمجد عادل -موظف- يقول: إن الإجازة الصيفية فرصة حقيقية للتغيير ولا يشترط السفر لمصيف، وبعد الضغوط الكثيرة التى مررنا بها فى الانتخابات بمرحلتيها كان يجب أن أذهب لمكان بعيد مع أسرتى لنهدأ من حالة التوتر التى أصابتنا جميعا وقد سافرت لبيت العائلة بالبحر الأحمر فهناك الطبيعة البكر تجعلك تشعر وكأنك تولد من جديد.

تختلف معه السيدة نهاد عبدالعزيز قائلة : المصيف بالنسبة لى أسوأ أسبوع فى العام، والسبب أننى أذهب مع عائلة زوجى ويكون هناك زحام شديد بالشقة، يقولون أن اللمة حلوة لكن الزحمة خانقة بالإضافة إلى أن زوجى يتكلف الكثير خلال هذه الأيام . والأفضل بالنسبة لى قضاء يوم بالنادى أو فى رحلة مع الجيران، حيث يستمتع الأولاد فأهم شىء فى الإجازة أنها تكون مع مجموعة متوافقة حتى تشعر بأهميتها فى تحسين حالتك النفسية والقدرة على العودة لحياتك الروتينية بنشاط.

ثانوية عامة

السيدة سعاد محمد -موظفة - تقول : عندى ثانوية عامة بمرحلتيها فى البيت لذا أخذت قرار الإجازة مبكرا لنسافر يومين قبل الانتخابات لأشحن طاقة أولادى وبعد الامتحانات سنأخذ الإجازة الكبيرة لنريح أعصابنا بعد توتر على مستوى الدراسة وأحوال البلد السياسية . بصراحة ما نمر به من أحداث الآن يجعلنا فى أشد الاحتياج للإجازة لنتمكن من مواصلة النشاط .

وهكذا يجمع الجميع على أهمية الحصول على إجازة أو وقت مستقطع، لكن كيف يرى المتخصصون أهمية الإجازة بالنسبة للحياة الاجتماعية والحالة النفسية للإنسان .

عن هذا تحدثت د. إجلال حلمى -أستاذة علم الاجتماع- قائلة : الإجازات بصفة عامة فرصة للتواصل الاجتماعى ودعم العلاقات الأسرية. وتعتبر الإجازة الصيفية التى يحصل عليها الأبناء أكبر فرصة مواتية للأسرة للقيام بالعديد من الأنشطة التى تدعم التواصل .

وعادة يتم تخصيص جزء من الإجازة للسفر سواء للريف أو الشواطىء حسب الظروف الخاصة بكل أسرة، وهذا السفر يساعد على إحداث حالة من التوازن النفسى لكل أفراد الأسرة، كما يتيح الفرصة للالتقاء بالأقارب والأصدقاء . وأضافت أن الاستمتاع بالإجازة والمصيف يشترط أن تكون هناك صحبة متوافقة وأن تكون الرحلة متوافقة مع الحالة الاقتصادية للأسرة. فالاستدانة من أجل الاستمتاع بإجازة صيفية على أحد الشواطىء تفقد الإجازة قيمتها فى التواصل الاجتماعى بل على العكس تصبح أحد مصادر التوتر والضيق والخلافات الزوجية، لذا فمع أهمية الإجازة والتغيير يجب أن يتم من خلال توافق الزوجة والزوج واختيار الأنسب لظروفهما الاقتصادية. وقد يستبدلان المصيف بزيارة الأقارب فى الريف إذا وجدوا أو الذهاب ليوم واحد لأحد الشواطىء وإسعاد الأولاد. وعلى الزوجين أن يدركا أن السعادة قد تتحقق بأقل الإمكانيات المهم التوافق وعدم تحميل رب الأسرة أعباء اقتصادية مغالى فيها . وهناك أسر تقوم بعمل جمعيات من أجل القدرة على القيام بإجازة صيفية وحتى لا يتحمل الأب أعباء إضافية وهذا سلوك جيد.

د. عادل المدنى - أستاذ الطب النفسى جامعة الأزهر- يرى أنه عندما يسيطر على الإنسان شعور قوى بالإحباط والسأم والرغبة فى الهروب من روتين الحياة، هنا تظهر وبوضوح حاجته فى الحصول على إجازة قبل الدخول فى حالة من الاكتئاب، وأكد أن التركيز فى العمل أو الدراسة أو الحياة بمشكلاتها المتعددة وخاصة ما عشناه فى مصر منذ الثورة إلى الآن لفترة طويلة يجعل الإنسان راغبا فى التغيير والذهاب للشواطىء للاستجمام. وأشار أن التعرض للتوتر لفترات طويلة يقلل من إفراز الهرمونات العصبية المسئولة عن الحالة المزاجية والنفسية، وهنا يزداد الشعور بالملل والضيق وقد يصل الأمر للاكتئاب. وهنا يكون الترويح عن النفس والخروج إلى المناطق الخلوية أمر ضرورى وحيوى لكى يحافظ الإنسان على هدوء أعصابه واتزانه. وأضاف أن كثيراً من الأمراض النفسية والعصبية تبدأ أغلبها من كثرة الضغوط المتواصلة المستمرة دون الاهتمام بأخذ فترة راحة أو إجازة بعيدا عن ضغوط العمل ولو لمدة يوم واحد. وأضاف أن الإجازة تساعد فى شحن طاقات الإنسان وتجدد مزاجه وتبعده عن همومه وتعينه على حل خلافاته وتجمعه بذاته فى حالة من السلام النفسى، وتزيد من قدرته على التركيز ولكن يشترط أن يتوافر فى الإجازة الصحبة المتوافقة ورغبة كافة المشاركين فى التغيير والابتعاد عن الحياة الروتينية. والرحلات الصيفية التى تقوم بها الأسر والعائلات عادة تحقق نتائج نفسية رائعة عقب العودة ويعتبرها المعتادون عليها أمر حتمى كل عام للعودة للحياة الروتينية بطاقة جديدة .

 

المصدر: مجلة حواء- نجلاء أبوزيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,892,702

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز