انتبهوا أيها السادة

كتب : محمد الحمامصي

منذ أن انطلقت الانتخابات الرئاسية وحتى إعلان فوز د.محمد مرسي رئيسا للجمهورية، اشتغلت بعض وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وتويتر وغيرها، على أمور خطيرة ـ من وجهة نظري الشخصية ـ مثل التحريض على إثارة الفتنة، والتخوين والعمالة والانتقاص من قدر وقيمة ودور أشخاص ومؤسسات وهيئات تمس سيادة الدولة المصرية، حتى شعرت أن مؤامرة ليس لإسقاط هذا الشخص أو ذاك أو هذه المؤسسة أو تلك، وإنما هناك مؤامرة لإسقاط الدولة وتقسيمها مللا وشيعاً ونحلاً يقتل بعضها بعضا، دون أن يدري القاتل لماذا قتل؟ ولا يدري المقتول بأي ذنب قتل؟. لقد تابعت بحزن شديد صفحات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وتويتر والمواقع الإلكترونية وبعض برامج التوك شو على الفضائيات وبعض الصحف حيث دارت حربا ضروسا لم تراع لا أخلاقا ولا قيما ولا انتماء ولا وطنية، وشعرت أن ذلك مقصود وموجه ومأمور، وكأن هناك فرقا سرية مكلفة بالعمل على ذلك ليل نهار، وقد حاولت الوصول لخيط يقودني إلى من يدفعون هؤلاء وأولئك الذين يعبثون في أمور يمكن أن تؤدي إلى حريق لا ينجو منه أحد في مصرنا الغالية ولكن دون جدوى، وتساءلت كثيراً هل نخبنا السياسية والإعلامية وشبابنا واعية بما تفعل وما ترتكب من حماقات تصل إلى حد الجرائم، وما الثمن الذي تتوهم أنها ستحصل عليه في حال دفعهم مصر إلى هاوية الفتن والتقاتل؟ أم أنها تنطلق من أفكار وقناعات جاهلة وغير واعية بإرث وتركيبة المجتمع وخصائصه النفسية والعقلية وخلفياته الثقافية والفكرية أم أنها تدرك وتتعمد ذلك كون سموماً ترعى في أدمغتها وقلوبها؟. إنني حزين على هذا الإصرار المتواصل من هؤلاء على الاشتغال على تدمير الضمير المصري وتشويهه وتخريبه وتلويثه بأفكار الفرقة والتشرذم والتصادم والانتقام، بل دعوته للتقاتل وسفك دم بعضه بعضاً في الشوارع. حتى بعد الإعلان عن فوز د.محمد مرسي برئاسة مصر، وهدوء الأجواء في الشارع ومحاولة الناس طمأنة أنفسهم وبث الأمل بينهم، وجدنا هذا الإصرار على ترسيخ وتمكين دعوات الفرقة والقطيعة والتصادم والانتقام حيث لا يزال هناك من يدسون محرضين على الانتقام والفتنة دون وازع من ضمير أو أخلاق أو خوف على مستقبل مصر. إن الشعب المصري على مدار العام ونصف العام الماضيين ذاق الأمرين من الشائعات والأزمات والتناحرات والصدامات والاحتجاجات والاضطرابات، وكان يظن أنه بالإعلان عن الرئيس الجديد سوف تهدأ الأمور وتعود إلى طبيعتها انتظاراً لما سوف يقوم به الرئيس الجديد والحكومة التي سوف يشكلها، لقد تلقى الشعب خطاب الرئيس الأول بأريحية حيث استشعر أن هناك من يراه ويرى لهمومه ومشكلاته ويبث فيه روح الأمل في غد أفضل وأنه سوف يسعى مخلصاً لتحقيق الأمن والعدالة الاجتماعية للجميع في مصر المحروسة، لكن يبدو أن هناك من لا يريد لمصر والمصريين استقرارا وطمأنينة، لذا أدعو الإعلام بكل وسائله أن يرسل برسائل اطمئنان للمصريين وأن يدعم ويمكن للغة الاستقرار والمحبة، وليدرك هؤلاء الذين يصطادون في المياه العكرة أن هذه التجربة الديمقراطية حديثة عهد بالمصريين، فلأول مرة يتم اختيار رئيس مصر بشكل حر وبإرادة مستقلة بغض النظر عن تقاعس البعض عن المشاركة ومقاطعة البعض. إنني لا أشك في أننا نمر بمرحلة صعبة ومعقدة وأن الرئيس الجديد يواجه مسئولية ضخمة أخطرها إعادة الثقة بين الشعب ورئىسه، وبين الشعب وحكومته، وبين الشعب ومؤسساته الأمنية، فهذا الشعب وصل أثناء حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى فقدان الثقة التامة في قياداته ومسئوليه بدءاً بالرئيس، وكان يعتبره هو وحكوماته مجموعة من الفاشلين الذين لا همّ لهم إلا لسرقة مقدراته، لذا نرجو من الرئيس الجديد أن يتنبه لذلك وأن واصلا ومتصلاً بأبناء الشعب وأن تكون اختياراته لحكومته ومستشاريه ونوابه تنطلق من النزاهة والشفافية والنظافة وأن ينأى من تدور حولهم الشبهات. أخيرا انتبهوا أيها السادة: مصر في خطر ومن يسعون لإشعالها لن يراعوا فينا إلّاً ولا ذمة، قلوبهم وعقولهم غائبة أو مغيبة قسرا وتخلفا وجهلا وهوى ومصلحة.. انتبهوا : المصريون تتحول حواراتهم ونقاشاتهم إلى تقاتل وتشابك بالأيدي في الأتوبيسات والأماكن العامة وفي البيوت جراء الخطابات المسمومة الداعية للفتنة التي تطلقها صفحات هذه الجريدة أو هذا الموقع أو هذه الفضائية لمجرد الإثارة وزيادة المشاهدة أو البيع. انتبهوا : لأن أي مكروه لمصر سوف يطال الجميع ولن يفرق بين هذا أو ذاك.. اللهم إني قد بلغت فاشهد يا رب.. 

المصدر: مجلة حواء- محمد الحمامصي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 438 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,689,169

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز