رمضان الريف لمة عيلة وتراويح وحلقات ذكر
كتبت :اسماء صقر
مع قدوم شهر رمضان الكريم تسكن القلوب الفرحة والسعادة الغامرة به، حيث يحتفل به الجميع الريف
والحضر، ولكن رمضان في الريف المصري يتمتع بطقوس خاصة تختلف من منطقة لأخري، حيث مازال محتفظاً بالعادات والتقاليد التي تحكمه كضرورة إفطار
الأبناء الذكور مع الوالدين والعزومات التي تجمع أفراد العائلة والأقارب وغيرها من الطقوس التي سنتعرف عليها من خلال السطور التالية.. ll
تتحدث فى البداية أحلام عايش - ربة منزل - من قرية أبنهس قائلة: رمضان عندنا له طابع خاص، حيث نستعد له مادياً وروحانياً قبل قدومه بشهر، فأهتم
بتخزين الأرز والمكرونة والسكر، أما الخضراوات واللحوم نعتمد على تربية المواشى والطيور وزراعة الخضراوات وأول يوم رمضان بيتلم شمل العائلة، وأدعو جميع
أبنائى ونقوم بإعداد الطعام والخشاف والحلوى خاصة القطايف والكنافة ونسهر معاً حتى موعد السحور.
أما محمد رمضان - فلاح - يقول: نهار شهر رمضان أذهب فيه للأرض الزراعية لفترة بسيطة ثم أعود للمنزل من أجل النوم فى فترة القيلولة، وبعد أذان العصر
أجتمع مع الفلاحين الجيران ونتبادل الأحاديث والحوارات عن أحوال البلد والمحاصيل والأسمدة، وفى أول يوم أحرص على قضائه داخل مسجد قريتى «أشليم»
لسماع الأحاديث الدينية وتفسير آيات القرآن الكريم.
الميزانية
وتقول نعمات إبراهيم - من كفر بطا ببنها وربة منزل -: فى شهر رمضان تزداد ميزانية البيت نظراً لغلاء الأسعار وكثرة الشراء رغم توافر الدجاج والبيض عندى،
وهذا ما يجعلنى أستعد لشهر رمضان هذا العام من خلال شراء مستلزمات المنزل وأول يوم هو ما نشعر به فى رمضان حيث أقوم بإعداد الرقاق باللحم المفروم
والمحشى واللحوم والدجاج وعمل الكنافة بالقشدة، أما باقى الأيام نقضيها كالأيام العادية، لذلك أحرص على دعوة أبنائى أول يوم خاصة الذكور.
الراحة
ويرى شوقى حسن - فلاح من قرية مصطاى -: إن شهر رمضان الكريم يعد فرصة عظيمة لراحة الفلاح، حيث نقوم بالزراعة وبذل الجهد قبل قدوم رمضان،
لذلك أصحو من نومى ذاهبا إلى أرضى لأتابع المحصول ونموه، ثم أخرج فى المساء لصلاة العشاء والتراويح فى المسجد وآخذ ابنى الأصغر معى كى يتعود على الصوم
والصلاة، وعادة ما أعانى مشقة فى الصيام فى أول يوم، لكن الذهاب فى فترة العصرية والجلوس وسط الزرع الأخضر الجميل يريح النفس ونستنشق الهواء النقى،
وهذا ما أفعله كل عام حتى أتحمل الصيام.
مهمة خاصة
وتقول منة فرج - 22 سنة -بكالوريوس تجارة جامعة بنها - من قرية كفر المنشى بالمنوفية -:
فى شهر رمضان نقوم بتوزيع التمر والعصائر أنا وزملائى على المسافرين فى القطار والميكروباصات، وبعد صلاة العشاء نقوم بتأدية صلاة التراويح، ثم أعود
للمنزل كى أشاهد المسلسلات وأحرص على متابعتها من أول يوم فى رمضان، ففى النهار أساعد أمى فى تحضير طعام الإفطار وأشعر بسعادة غامرة عندما أشاهد
الأطفال يرددون أغانى رمضان «وحوى يا وحوى» وهم يمسكون بالفوانيس فى أيديهم ويحتفلون بقدوم الشهر الكريم أمام منزلنا.
قصص الأنبياء
أما يحيى إسماعيل - 25 سنة - طالب بكلية أصول الدين جامعة الأزهر يقول: أحرص فى شهر رمضان المعظم أن أقوم بتحفيظ الأطفال آيات القرآن الكريم
وأحكى لهم قصص الأنبياء، فدروس تعاليم الدين والأحاديث لها صدى وأثر كبير فى فهم الطفل وإدراكه لتعاليم دينه منذ الصغر، وأيضا أحفزهم على الصوم وأذكر
فوائده الروحانية والصحية علينا، بالإضافة إلى قضاء الفريضة والأجر العظيم، وأشجعهم أيضا على الاحتفال بقدومه، حيث أرى الأطفال يعلقون الزينة الورقية فى
الشارع بين البيوت وجهدهم فى عمل الفانوس الخشبى وبداخله لمبة تضىء الشارع أثناء الذهاب للمسجد للصلاة.
ليلة الشك
ويقول رضا علام - ليسانس آداب جامعة بنها -: الليلة التى تسبق أول يوم رمضان فى الفلاحين لابد أن يتناولوا الفطير والجبن والعسل وتعرف عندهم بليلة
«الشك»، كما إننى فى العشر الأواخر من الشهر الكريم أعتكف فى المسجد منتظراً ليلة القدر داعيا فيها ربى بنعمة «الستر والصحة» فهم أهم ما يملكهم الإنسان،
ورضاء الله علينا وأسعى لمساعدة المحتاجين والفقراء فى قريتى «كفر نواى» والتجهيز لشراء ملابس العيد للأطفال ومراعاة احتياجاتهم.
الوعى الدينى
وقد قام د. عبد الباسط عبد المعطى - أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس - بعمل دراسة ميدانية منذ سنوات عن الوعى الديني والحياة اليومية بالنسبة
للفلاح المصرى أكد فى مقدمتها النظرية أن الدراسات الاجتماعية التى أنجزت فى فترة ما قبل الخمسينيات تؤكد أن الثقافة الشعبية تتغلغل فيها الأسانيد الدينية
والقيم الأخلاقية المستمدة من التقاليد الإسلامية، ولم يكن هناك انفصال بين الدين والحياة اليومية، كما نلاحظ الحرص الجماعى على الصلاة والصيام فى أمور
تحفظ وحدة الجماعة القروية إجمالاً.
وتؤكد دراسة د. عبد الباسط أن المسجد فى القرية مازال يلعب دوراً مهماً فى تشكيل الوعى الدينى فى القرية المصرية بل وغيرها من قطاعات المجتمع المصرى
ساحة النقاش