وما علىّ إلا البلاغ

كتب : محمد الحمامصي

ما الذي يجري في مصر الآن؟ ما كل هذه الفوضى والاضطراب؟ ما كل هذه المصائب والحوادث والبلاوي التي تلاحقنا وتنال من مقومات حياتنا الأساسية؟ ما كل هذه الشياطين التي تزرع الفتن بين المصريين وعليهم؟ في يوم الثالث من رمضان يقتل 6 مواطنين ويصاب العشرات في سبيل الحصول على أنبوبة بوتاجاز، ويتظاهر ويعتصم ويحتج المصريون في أغلب محافظات ومدن وقرى الجمهورية على انقطاع الكهرباء والمياه، ويحترق المصنع تلو المصنع، وإضراب الأطباء في المستشفيات مستشفى تلو الآخر، وحرب شوارع في مدينة طنطا بين الأهالي ومسجلين خطر، وإفتاء من لا يملك الإفتاء بحرمة هذا الأمر أو ذاك، ويصل الأمر بالبعض إلى التكفير والاتهام بالخروج عن الملة، وكله كوم والأكاذيب التي تحملها تصريحات المسئولين كوم تاني، وأكوام القمامة وتحول الشوارع والحدائق والميادين ومحطات القطارات والمترو والأتوبيس إلى بوتيكات لبيع الأحذية والملابس والبلاستيكات والعطور وما خفي كان أعظم .. ما الذي يجري؟ ما الذي يُفعل بنا؟ لقد أصبحنا "مضحكة للي يسوى وللي ما يسوى"، أصبحنا فرجة ونكتة وسخرية.

حتى الثوابت التاريخية ورموزها، والثقافية ورموزها، والفكرية ورموزها، والدينية ورموزها يتم تكسيرها وتشويهها والاستهزاء بها في مؤامرة لتجهيل الشعب وسلبه أركان بنيانه الثقافي والحضاري والتاريخي.

كل هذا يتم على مرأى ومسمع من كل مسئولي الدولة وأحزابها وجماعاتها وتياراتها، فالكل مشغول بل مهووس بالتجييش ضد الآخر حقا وباطلا، والتآمر والتدبير والتحالف والتطبيل والتزمير والتطهير والتهييس من أجل الحصول على نصيب من كعكة السلطة، وليأكل المصريون بعضهم بعضا للحصول على رغيف عيش أو أنبوبة بوتاجاز أو شربة ماء.

إنني لا أستطيع توصيف ما يجري إلا بكلمة واحدة "وباء"، وباء يستشري ناهشا طول الوطن وعرضه، لم يرحم أسرة فقيرة أو ثرية، فما لم تطله أزمة الخبز أو أنبوبة البوتاجاز أو السولار أو .... طالته الأزمتان الأخيرتان ـ أقصد المياه والكهرباء ـ اللتان وصلتا الأحياء الفقيرة والغنية على السواء.

"وباء" أم "لعنة" حلت بمصرنا فليس لها من دون الله كاشفة، فالمشكلة أن مبررات تصاعد واستمرار وتفاقم هذه الأزمات غير منطقية ولا تجد سندا من الواقع، فالمصريون جميعهم يتوقون إلى الاستقرار والراحة والهدوء، وليس منهم حتى من كانوا محسوبين على النظام السابق من رجال أعمال ومسئولين يريدون هذا الخراب، فمن مصلحة الجميع أن تستقر الأوضاع وتعود الأعمال إلى ما كانت عليه.

إنني أخشى أن نستيقظ على انفجار مدوي يأكل الأخضر واليابس، والمؤشرات جميعها تنبئ بذلك، فالآن كافة محافظات مصر ومدنها وقراها مهيأة للخروج إلى الشارع احتجاجا واعتصاما وتظاهرا، هذا إن لم تكن خرجت بالفعل، خرجت اليوم على استحياء مطالبة بعوة المياه والكهرباء، وغدا مع تفاقم الأمر ستخرج متوحشة لن يردعها رادع، وساعتها ستدوس على كعكة السلطة بكليتها لتعم الفوضى البلاد، وإذا دخلت البلاد في الفوضى فلن يستطيع أحد مهما كان بطشه أن يعيدها إلى صوابها ويرد إليها استقرارها، وقد يستمر الأمر لسنوات..

أفيقوا .. أحذر بها الجميع، أفيقوا .. اللعبة "بوخت" والناس سئمت وملت، وإذا انقلب الناس لن ينقلبوا على أحد بعينه بل سينقلبون على الجميع..

أفيقوا وكفى عبثا باستقرار الناس..

اللهم إني قد بلغت .. اللهم فاشهد 

 

 

 

المصدر: مجلة حواء- محمد الحمامصي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 604 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,808,486

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز