دستور وأد البنات «1»

كتبت : ماجدة محمود

استمرارا لسلسلة إقصاء وتهميش النساء تخرج علينا تصريحات المسئولين عن وضع الدستور صادمة ليس فقط للمجتمع النسائي بل لكل فرد في مصر، فعندما يقر أحد أعضاء لجنة إعداد الدستور د. سعد الأزهرى بشطب جملة "الاتجار بالبشر" الواردة فى نص المادة 29 واستبدالها بجملة "انتهاك حقوق النساء" ليصبح نص المادة الجديد " يحظر الرق والعمل القسرى وانتهاك حقوق النساء والأطفال وتجارة الجنس حماية للمرأة".

ثم يعلق عندما يسأل بأن هذا يفتح الباب لزواج القاصرات بأن المسالة متروكة لكل محافظة أو بيئة وفقا لظروفها، فهو بذلك يعطى الحق لأماكن بعينها مازالت تنتهج عادات وتقاليد قديمة منها عدم تعليم الإناث، والنظر لزواج البنت الصغيرة على أنه سترة وحماية لها وعفة، بتزويج الصغيرات بمجرد بلوغهن، وأعرف كثيرات الآن يبلغن فى سن التاسعة، فهل يعقل أن تتزوج فتاة طفلة فى هذه السن المبكرة، وهل يعقل أن يحمى الدستور الجديد الآباء الذين يقدمون على هذه الفعلة وهى جريمة مكتملة الأركان بجملة أضيفت لتهدم حياة صغيرات لا ذنب لهن إلا أنهن ولدن فى هذه البيئة غير الواعية .

لماذا يصر واضعو الدستور على تدمير النساء والتضييق على حرياتهن بهذه الصورة الصارخة، إن الموافقة على تمرير هذا التعديل خاصة بعد أن سمعنا آراء بعض الإسلاميين سيعيدنا إلى عصر الجاهلية، عصر ما قبل الإسلام، ويعد نوعا من أنواع وأد البنات، ولكن بشكل دستورى يحمى الآباء من العقاب، وبدلا من المطالبة طوال الأعوام الماضية بوضع تشريع لمعاقبة مرتكبى هذه الجريمة فى حق الطفلة الأنثى ، يخرج دستور 2012 حاميا ومباركا لانتهاك حقوق النساء . ليس فقط بهذا التشريع بل بغيره من التشريعات التى ستجعل من المرأة أمة وخاضعة وتابعة للرجل فى الوقت الذى كرمها فيه الإسلام ووضعها فى أعلى وأرقى المراتب ، ثم إن ما ذكره د. سعد الأزهري وغيره من الإسلاميين فى مداخلاتهم التليفزيونية من أن نسبة العنوسة مرتفعة وكما قالوا بالحرف الواحد" البنات وصلت لسن ثلاثين وأكثر ولم تتزوج" يعطيهم الحق ويدعم موقفهم من هذا التعديل الظالم للمرأة . إن تصريحاتهم تعنى أن كبيرات السن "راحت عليهم" وليذهبهن إلى المسجد والكنيسة للعبادة والاعتكاف وهذا أضعف الإيمان .

أتصور أن يبحث هؤلاء عن حل لمشكلة البطالة بين الشباب التى تؤدى فى المقام الأول إلى العنوسة التى يشهدها مجتمعنا وكثير من المجتمعات العربية التى لم تقر فى دساتيرها هذا التغير المعيب بل هى من أنصفت النساء . وليطالعوا الدستور المغربى على سبيل المثال لا الحصر ، فالمجتمعات التى سبقناها فى النضال النسائي بسنوات طوال تتقدم الآن بخطوات بعيدة تماماً عنا،

المصدر: مجلة حواء - ماجدة محمود
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 521 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,365,634

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز