كتبت : ايمان الدربي  

ما أحوجنا اليوم لاستعادة روح النصر التي ألهمت المصريين القدرة على التحدي والصمود أمام المحن .. فبمقارنة بسيطة بين تلك الفترة المجيدة وما نعيشه اليوم نجد أننا افتقدنا روح الجماعة التي تعزف لحنا واحدا فالنصر على الجبهة في حرب 73 بدا تحقيقه من تماسك المصريين ووحدة هدفهم نحو تحدياتهم.

مما دعا الجميع اليوم إلى تذكر تلك الفترة التى ضرب فيها الشعب المصري أروع أمثلة الفداء والتضحية وهو ما يبدو اليوم غائبا وغارقا في موجة عاتية من التفكير القائم على تغليب المصلحة الخاصة على العامة .

حواء قررت - ونحن نحتفل بذكرى نصر أكتوبر - أن تطرح سؤالا على الجميع : هل تعود روح أكتوبر مرة أخرى؟..الإجابة تحملها السطور التالية.. ll

لتكن البداية من كتابات المفكر د.رشاد رشدي عندما تحدث عن الشعب المصري مؤكدا أن حرب اكتوبر أظهرت حقيقة الإنسان المصري، فرغم ماعاناه عبر آلاف السنين من قهر وحرمان إلا أنه ظل محتفظا بكيانه كما هو.. ربما صمت فترة أو فترات لأنه لا يملك القدرة على الكلام وربما وقف موقف المتفرج لأنه كان مجبرا على ذلك ولكن.. لا الصمت ولا التفرج يعني الرضا أو القبول، أو الشلل.

ففي كل مرة فكت قيود الإنسان المصري سارع إلى المشاركة في الأحداث وأثبت حبه لمصر وعطاؤها يكون أكثر بكثير من غيره.

النضال والإيثار

وترى عواطف والي - رئيس جمعية أصدقاء الشعب - أن تلك الفترة سادت فيها روح النضال والإيثار كل أفراد الأسر المصرية الجميع يشارك، الرجل والمرأة يتلاحمان فيما يقدم من أعمال لتدعيم الجبهة الداخلية وفي المقاومة الشعبية وفي التصدي للشائعات , والفتيات يذهبن للتطوع في الإسعاف والتمريض, وكثير من السيدات انضممن للهلال الأحمر بل وسارعن بالتبرع بالدم، ولقد قامت العاملات والفتيات بالإسهام في تدريبات الدفاع المدني والشعبي والإسعاف، والتمريض وزيارة المرضى والجرحى بالمستشفيات، وزيارة أسر المجندين وتقديم كل العون لهم.

وكان من الغريب تراجع الاستهلاك للسلع التموينية وقلة عدد طوابير الجمعيات وانخفاض التهافت على السلع الضرورية وغير الضرورية، وكانت تلك الروح من أجل أن تخرج مصر من أزمتها، واعتقد أن هذا ماتحتاجه مصر الآن.

إضرابات واعتصامات

وتشير الإعلامية فايزة واصف صاحبة برنامج حياتي إلى تلك الأيام وإلى أن الجميع كانوا متكاتفين قائلة: كنا نفكر في مصلحة مصر ومستقبلها أولا وأخيرا وكإعلاميين كان الكثير منا يبذل أقصى ماعنده ليشحذ الهمم ويساعد في توجيه فكر المجتمع.

وتكررت الصورة في 25 يناير عندما وقف الجميع في لجان شعبية ليحافظوا على بيوتهم وذويهم. هذه هي طبيعة المصريين وأعتقد أننا نحتاج أن تظل هذه الروح وأن نتخلى ولو لفترة عن الاعتصامات والإضرابات الفئوية حتى تستطيع مصر أن تستقر. وأعتقد أننا نحتاج أن نشعر جميعا بالعدالة الاجتماعية، وأن يتم الاختيار في المواقع على أساس الكفاءة والقدرات والإمكانيات، فمهم جدا أن أشعر بالمساواة والعدالة حتى يكون لدي انتماء رغم أن حب الوطن يجري في دماء كل المصريين .

السوق السوداء

وعن دور المرأة أثناء حرب أكتوبر تقول الكاتبة الصحفية ناهد المنشاوي: ربة البيت بدأت تحد من استهلاكها ولم تكتف بذلك بل أخذت تقاوم السوق السوداء وأطماع التجار, وقامت الطالبات بالتطوع في أنشطة الإسعاف والتمريض.

ولقد قامت ربات البيوت وسيدات الجمعيات النسائية بواجبهن في خدمة المعركة، فزرن المستشفيات وعاونّ الحكيمات في تضميد جروح الجنود المصابين،وصنعت سيدات الهلال الأحمر بعض الملابس وجمع التبرعات وتغليف الأغذية والملابس والبطاطين، وارسال كل ذلك إلي المقاتلين على الجبهة.

- اذا كانت هذه هي آراء بعض النخب من المجتمع ،فماذا عن رأي رجل الشارع العادي عن صفات أكتوبر وكيف نستعيدها؟

تحدث معي عم صابر سويلم - نقاش - قائلا: أتذكر وقتها كنت عاملا في أحد مصانع الغزل بدمياط، ورغم انخفاض عدد العمالة نتيجة لانخراط الكثير من العمال بالجيش إلا أن هذا لم يؤدِ إلى نقص الإنتاج، فاجتمعت التنظيمات النقابية والإدارية وقررنا أن يعمل المصنع 24 ساعة، وجمع كل عامل ما يقدر عليه من الأموال، إضافة إلي مبلغ من صندوق الخدمات وقدمناه للمجهود الحربي.

وأتخيل أن هذه هي أخلاق المصريين، وحتى نعود مثل زمان يجب أن نشعر أن هذه بلدنا وأننا نعيش باحترام فيها.. قد يحتاج هذا لوقت ولكن الأمل دائما في جدعنة المصريين.

تراجع الجريمة

ويلفت خالد رضا - عقيد بالجيش - إلى عظمة المصري فعلى الرغم من أنه معروف ارتفاع معدلات الجريمة أثناء الحروب إلا أن هذا لم يحدث بمصر، حتى أسعار الخضراوات انخفضت مضيفا : ليتنا نستعيد هذه الروح مرة أخرى، فالكل كان يشعر أن البلد تحتاجه وأن مصر وطن الجميع ويجب أن نحميها. وأعتقد أننا نحتاج الآن - حتى نستعيد تلك الروح إلى هدف قومي نلتف حوله نحتاج كلنا إلى فهم حقيقي لطبيعة المرحلة التي نمر بها، فبعد الثورات لن تحل كل المشاكل بسهولة ولكن يجب أن نتكاتف ونصمم أن نتجاوز تلك الفترة بسلام.

مشروع قومي

والسؤال الآن.. كيف نشعر بروح التماسك الجمعي والانتماء،وكيف ننمي روح الإيثار لدينا في تلك الفترة الحرجة من بناء مصر.. وكيف نستعيد روح أكتوبر ؟!

يقول د. زهدي زكريا - أستاذ علم الاجتماع - : ما تعيشه مصر الآن من احتجاجات استكمال لرحلة البحث عن الحق الضائع وأننا في مرحلة انتقالية ، وغالبا بعد الثورات يحدث تفكك في المعايير وتراخِ للقيم، وغياب للتماسك المجتمعي، وفي الحقيقة هناك كثيرون يعانون معاناة حقيقية.

والحل لاستعادة روح أكتوبر والقضاء على مانعانيه من سلبيات أن يكون لدينا دولة فاعلة ناشطة.. دولة قوية تتصرف طبقا لميزانيتها مع مراعاة توفر الحياة الكريمة لكل مصري، وأن يتم إذابة الجميع في مشروع قومي ليشعروا بنتمائهم وليس فرديتهم، ثم أننا نعيش أزمة ثقافية حقيقية.

تنمية القيم

أما د. زينب شاهين - أستاذ علم الاجتماع - فعلقت على قضيتنا مؤكدة أن هذا يحتاج توخي الصبر والكياسة ، وخطة لتنمية القيم كقيمة العمل مثلا وأن العمل شرف ، وأهمية ارتباط العمل الجاد بالتنمية وأن من يعمل عملا عليه أن يتقنه.

وتقول د. شاهين:علينا أن نتغلب على مطالبنا الشخصية وننحيها جانبا. وتشمل الخطة أيضا قيم أخلاقية مثل النظافة والنظام،على أن تكون تلك الخطة من خلال مؤسسات الدولة كلها الإعلامية، والتعليمية، والدينية 

 

المصدر: مجلة حواء- إيمان الدربى

ساحة النقاش

merag2009

هو فيين النصر دة

merag000 فى 8 أكتوبر 2012 شارك بالرد 0 ردود
hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,094,610

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز