كتبت : سكينة السادات
هل تؤمنين قارئتى العزيزة بالقسمة والنصيب ؟ وهل تقولين لنفسك عند الإخفاق فى أمر ما إن كل شىء مكتوب على الجبين ومقدر له أن يكون وهـذه هى مشيئة الله سبحانه وتعالى وله فى ذلك حكمة؟
نعم قارئتى العزيزة .. فعلا .. كل شىء قسمة ونصيب ولا مهرب من المكتوب أى أننا لا نستطيع أن نهرب من مقدراتنا ، ولكن .. الله سبحانه وتعالى خلق لنا العقل والفكر والعلم والخبرة وطلب المشورة من ذوى التجارب لكى نستعمل كل هذه الرخص قبل أن نقدم على إتخاذ القرار .. نعم سيدتى لابد أن تتمهلى فى اتخاذ القرارات المصيرية ولابد أن تفكرى ولابد أن تستشيرى المخلصين المحبين لمصلحتك وبعدئذ تتوكلين على الله سبحانه وتعالى وتتخذين القرار !!
حكاية اليوم روتها لى قارئتى نهلة (36 عاما) وقد أشفقت عليها من المشوار الطويل إذ أصرت على مقابلتى وجاءت - خصيصا من دمياط لكى تأخذ رأيى فى حكايتها وتحملت مشاق المشوار الطويل وهى حامل فى الشهر السابع وكان اللقاء وكانت النصيحة المخلصة لوجه الله الكريم .
قالت نهلة وهى شابة جميلة محجبة ، طويلة القامة ، خمرية اللون تتمتع بجاذبية شديدة ..
قالت .. لا أدرى يا سيدتى .. هل هو الحظ أم القدر أم أنه (المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين) كما يقولون فى بلدتنا بدمياط واستطردت .. أنا ابنة تاجرأثاث معروف فى دمياط وقد بدأ والدى صغيراً ثم نمت تجارته فأنشأ مصنعا للأثاث يصدر منه إلى جميع أنحاء العالم وخصوصاً إلى إيطاليا ، وأمى ربة بيت مدبرة وجميلة وهادئة وأنا الابنة الوحيدة بخلاف ثلاثة أشقاء ذكور يعملون مع والدى فى المحلات والمصنع !
درست حتى نلت شهادة الإعدادية وتقدم لى محاسبا شابا من أبناء جيراننا.. والده يعمل فى تجارة وصناعة الأثاث أيضا ومعظم أهالى دمياط يعملون فى هذا المضمار ، وكان حمادة ابن الجيران يحبنى على استحياء منذ أن كنت صغيرة وكان ممنوعا وعيبا أن أبادله الكلام أو حتى النظرات لكننى كنت أعرف من أخته - صديقتى وزميلتى فى الدراسة أن (عينه منى) وأنه يريد أن يتزوجنى ! ما علينا.. تقدم حمادة لأبى وفرحت به الأسرة فهو جامعى لكنه يعمل مع والده ويخدمه ويكاد يكون الكل فى الكل فى أعمال والده بصفته الأخ الأكبر على شقيقتين أصغر منه فى السن.
وتستطرد نهلة .. أنا أيضاً «كانت عينى منه» فهو وسيم وهادىء وراقى جدا .. المهم تزوجنا بين فرحة الأسرتين وكانت حماتى والدة حمادة زوجى تضعنى فى عينيها ! كانت لا تنادينى إلا بقولها (تعالى يا زوجة الغالى) وازدادت فرحتها عندما حملت وأنجبت ولدا ثم ولدا آخرا بعده بعامين وكنا فى غاية السعادة .
كانت حماتى والدة حمادة زوجى لا تستطيب طعاما دون أن نأكل منه أنا وزجى وأولادى وكانت تنزل السوق كل أسبوع فتشترى كل ما نشتهيه وترفض أن تأخذ الثمن وكانت لا تسعد إلا بوجود حفيديها فى أحضانها وكانت تأتى إلى بيتى وأنا حامل وتطهى الطعام بنفسها وتباشر الشغالة فى أمر النظافة والغسيل ثم تفرح عندما نشكرها وتعود إلى بيتها سعيدة راضية ، من هنا أقول لك أننى قضيت عشر سنوات من حياتى كأسعد امرأة فى العالم.. زوج رائع وحماة أكثر من طيبة وعظيمة ومحبة وأولاد فى غاية الجمال .
لكن السعادة لا تدوم يا سيدتى فقد مرض زوجى بالمرض الخبيث وتحطمت حياتنا تماما إذ عولج فى مصر ثم فى الخارج لكنه عاد هيكلاً عظمياً لا يقوى على الكلام وظل على تلك الحالة حتى اختاره الله إلى جواره بعد عام من الشقاء والتعب والعلاج غير المجدى !
ماذا حدث بعد ذلك لنهلة وأولادها؟
العدد القادم أكمل لك الحكاية بإذن الله تعالى
ساحة النقاش