مسودة الدستور ما بين مؤيد ومعارض
ولادة متعثرةومستقبل غامض
كتبت :سمر عيد
جدل فى كل مكان .. الكل يسأل .. ويناقش .. يحاور.. يوافق ويعارض .. يطالب بالمزيد ، ويرفض مواد ، ويقبل أخرى .. هذا هو حال الشارع المصرى بشأن مسودة الدستور والتى تم نشرها على النت ...حواء رصدت الآراء حول الدستور الذى سيحكم البلاد لعقود من الزمان
يبدأ الحديث المستشار نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان والناشط السياسى قائلا:لقد كفلت المادة الثانية من الدستور أن أحكام الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع.
وعلى الرغم من ذلك أصر البعض على تكرارها فى المادة 36 حيث ذكرت أن المرأة متساوية مع الرجل فيما لا يخالف الشريعة الإسلامية،ولا أدرى لماذا كلما ذكرت المرأة فى الدستور ترفق الكلمة بجملة(فيما لا يخالف الشريعة الإسلامية).
تعريب العلوم
ويضيف جبرائيل:هناك كارثة أخرى حيث احتوت هذه المسودة على ضرورة تعريب العلوم وهذا يعنى عدم دراسة الطب والصيدلة والكومبيوتر باللغة الإنجليزية..الأمر الذى يمكن أن يضع الطالب فى مأزق إذا ماأراد الرجوع إلى الأبحاث العلمية العالمية.
أما الفصلين الثانى والثالث من مسودة الدستور فقد أتاحا لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان وأن يختار رئيس الوزراء الذى يروق له دون انتخاب،وقد خلا النص الدستورى من أى مفهوم لحقوق الإنسان على الرغم من توقيع مصر على إتفاقيات دولية تحفظ للمرأة والطفل والأقليات حقوقهم،كما أعطى الحق لرئيس الجمهورية فى العفو عن مرتكبى الجرائم.
الفن والإبداع
كما تضمنت هذه المسودة قيودا كبيرة على حرية الفن والإبداع،ولم يرد فى المسودة أن غير المسلمين يتاح لهم الاحتكام إلى شرائعهم الدينية الأخرى.
وتؤكد الدكتورة "أمانى الطويل" الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية أن مسودة الدستور قد اختصرت مايجب تفصيله مثل حرية الصحافة، وتم إجمال مايجب تفصيله فى باب الحريات العامة مثلا
وانتقدت الطويل المادة الثانية قائلة:لقد تم تغيير لفظ مبادئ الشريعة الإسلامية إلى أحكام الشريعة الإسلامية وهذا قد يسبب ارتباكا فى التفسير إذا ماعرفنا أن أحكام الشريعة الإسلامية تختلف باختلاف المذاهب الفقهية.
كما أن مسودة الدستور قد جعلت الرئيس ذات صلاحيات فرعونية حيث يملك حل البرلمان والمجالس المحلية فى أى وقت وبالتالى جعلت الدولة مركزية تحتكم إلى نظام رئاسى مطلق على الرغم من مطالبة الكثير بجعل نظام الدولة رئاسى برلمانى،أما المواد الخاصة بازدراء الأديان فهى مواد لم تفصل كيف يتم ازدراء الأديان فى حين يعتبر البعض لفظ الرسول الأمى سبة ،ولقد خلت المسودة من تفصيل الحقوق الاقتصادية للإنسان والتى هى الشغل الشاغل لأغلبية الشعب المصرى.
لاتحترم المواطنة
من ناحيتها أكدت الناشطة السياسية ورئيسة مركز التنمية وعضو مؤسسة المرأة الجديدة الدكتور "عزة كامل" أن مسودة الدستور لم تعبر عن احترام حقوق الإنسان وفكرة المواطنة ،ولم تجرم الاتجار بالنساء والعنف ضدهم ولم تحفظ السلامة الجسدية للطفل .
بل انتقدت المسودة قائلة:إنها تسمح للطفل الذى يبلغ من العمر 15 عاما أن يعمل،كما منحت رئيس الجمهورية سلطات مطلقة ،ناهيك أنه لايوجد أُناس متخصصة فى التعليم والصحة أثناء كتابة هذه المسودة،وأنا أؤكد أن كل القوى الوطنية معترضة على هذه المسودة،وأدعو كافة الأطراف إلى عدم قبول هذه المسودة والاعتراض على اللجنة التى قدمتها.
خصوصيات الأسرة
وترى الدكتورة "فاطمة خفاجى" : أن هناك انتقادات كثيرة جدا فيما يتعلق بكل المواد الخاصة بالمرأة وغياب بعض المواد التى كان من المفترض أن تكون موجودة مثل التدابير الإيجابية الموائمة لكى يصبح تمثيل المرأة فى البرلمان عادلا .
كما أنه لم يتم تجريم التمييز ضد المرأة،وتعليق المساواة بينها وبين الرجل على أحكام الشريعة الإسلامية ،ولقد رسخت المسودة دور الأمومة وجعلتها وظيفة خاصة بالأم وكان من الأفضل أن تخاطب المسودة الأسرة المصرية ككيان واحد،ولقد ذكر فى هذه المسودة أن الدولة تضمن الحفاظ على القيم والتقاليد وأنا أتساءل قيم من وتقاليد من بالضبط.. بمعنى من الذى سيفتش على من فى الأسرة المصرية؟!!!
ولاتوجد دول تتدخل فى خصوصيات الأسرة إلا الدول الفاشية فقط،كما أنها تضمنت أن الدولة يجب أن تمحو الأمية فى عشر سنوات فقط ،وهذه مسألة (تكسف)لأن عشر سنوات هى فترة طويلة جدا.
جدل عقيم
على الجانب الآخر يوضح الدكتور "محمد حسين" أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الجدل حول مسودة الدستور جدل عقيم ولامبرر له ويقول: لقد تحدثت المادة الثانية على أن الشريعة الاسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع وهذه المادة موجودة منذ دستور 71 وهى مادة تتحدث عن هوية الدولة وهى الهوية الإسلامية ،وكان من المفترض ألا يتم عرض هذه المسودة على الشعب الآن بل كان من الواجب الوصول إلى مسودة نهائية ثم يتم عرضها على الشعب وليست مسودة أولية .
وإذا كان البعض يعترض على صلاحيات رئيس الجمهورية بأنه يستطيع حل البرلمان فى أى وقت فإن الملكة فى بريطانيا -وهى دولة ديمقراطية- تستطيع حل البرلمان فى أى وقت،وأنا أرى أن النظام البرلمانى ليس فى صالح مصر الآن لأننا نريد دولة مستقرة لاعتبارات كثيرة منها مصلحة الاقتصاد المصرى،ويؤكد الدكتور حسين على أن الدستور ليس مقدساً ويمكن تغييره فى أى وقت وفقا لمتطلبات المجتمع ،ولنأخذ على سبيل المثال دولة مثل أمريكا فلقد وضع الدستور الأمريكى عام 1778 وقد غُير30 مرة أى أنه يغير كل سبع سنوات ونصف.
أما ما يتعلق بحقوق المرأة وضرورة ألا تخالف هذه الحقوق الشريعة الإسلامية فلقد وضعت هذه الكلمة أثناء موافقة مصر على إتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة "بالسيداو".. فلماذا لاتوضع فى الدستور المصرى؟ هل نسمح للمرأة مثلا أن تتزوج من اثنين؟!!
لابد من التوعية
وتؤكد "فاطمة على خليل" عضو حزب الوفد أنه لابد أن توعي وسائل الإعلام الشعب المصري وأنا أدعو كافة المواطنين إلى قراءة هذه المسودة بل أدعو كافة الاطراف السياسية إلى عمل ندوات سريعة فى القرى والنجوع بهذه المسودة وماتحتويه،ولابد من تكاتف كل القوى الوطنية ضد هذه المسودة التى أهملت حقوقا كثيرة للشعب المصرى وينبغى التأكيد عليها فى الدستور.. وأتساءل إذا كانت كل هذه القيود توضع فى الدستور فأين القانون ،وماذا تركنا له ؟!!
وأسأل سؤالا مُرا يسأله الكثير.. إذا كنا لم نأخذ حقنا بالدستور إذن فلماذا قامت ثورة 25 يناير؟!
ساحة النقاش