القاهرة بعد العاشرة
كتبت :ماجدة محمود
أكثر ما أعجبنى ولفت انتباهى خلال الأسابيع القليلة الماضية مشهد الكمائن واللجان الشرطية التى ملأت شوارع القاهرة بطولها وعرضها، سكان القاهرة كبارا وصغارا، إناثا وذكورا، شبابا وكهولا استشعروا الأمن والأمان مما انعكس على تحركاتهم فى الشارع وهو إحساس كانوا قد افتقدوه منذ فترة، وجود الأمن كان مطلبا أساسيا وملحا طوال الشهور الماضية وعودته كعودة الروح إلى الجسد، فقط أتمنى أن يستمر ولا يختفى خصوصا بعد أن تتم تجربة غلق المحال فى العاشرة كما هو مقرر حتى كتابة هذه السطور، لأنه فى حالة الاختفاء ستقع مصائب نحن فى غنى عنها على رأسها انتشار البلطجة والسرقة ووجود الأمن يطمئن أصحاب المحال والتجار وأيضا قاطنى القاهرة على أموالهم وأملا كهم، وهذا أمر إيجابي للغاية وحل على الأرض لكثير من المشكلات التى قد تنجم عن الفراغ والسكون الرهيب الذى ستعيشة القاهرة بعد العاشرة، أتمنى أيضاً إذا طبق قرار الغلق هذا أن نجد حلا لمشكلة البطالة التى ستنجم عن هذا القرار خصوصا وأن هناك فئات من الناس تعمل ليلا لا نهارا، هؤلاء معرضون للجوع والحاجة، فئة سوف تضاف إلى طابور البطالة وهى ليست بالقليلة، فئة شئنا أم أبينا وضعناها فوق سطح صفيح ليس فقط ساخنا، بل سطح تعدت حرارته كل درجات الغليان والتوهج، وهنا أشر إلى الفئة التى تعمل ليلا فى عمل إضافى لتستطيع توفير متطلبات الحياة التى صارت كثيرة بحكم ارتفاع الأسعار وقلة الدخل، هؤلاء أيضاً سيضيقون بالحياة وتضيق الحياة بهم، ويضافون إلى المهمومين طوال الوقت بتدبير وتوفير ما تحتاجه أسرهم من أساسيات وليس كماليات وهو ما سينتج عنه مشكلات وأزمات أسرية بين كافة الأطراف داخل البيت المصرى، أما الشباب الذى نريد بغلق المحال والمقاهي مبكرا عودته للديار سنجدهم بطول الشارع وعرضه على النواصى وقارعة الطريق لأنه اعتاد الانطلاق والسهر صيف شتاء، ليس هذا معناه أننا نشجع السهر والتواجد على المقاهى وفى الشوارع لأوقات متأخرة لكنه حال كثير من الشباب الآن لأنه لايوجد هدف أو عمل يلتقوا حوله، وهذه أيضاً مشكلة أخرى وليست أخيرة، لأن الأب الذى سيتواجد فى المنزل مبكرا ودون عمل لمن اعتاد العمل طوال اليوم سوف يصطدم بالزوجة والأولاد لعدم اعتياده مواجهة الكثير من الأزمات والاختلاف فى الرأي والرؤى لغيابه فى العمل وتحمل الأم للأبناء بكل إيجابياتهم وسلبياتهم، الغريب فى قرار غلق المحال أن المسئولين أعلنوا عن القرار قبل مناقشة تداعياته وتقرير أسلوب وطريقة تطبيقه، وهو الخطأ الذى يقع فيه أصحاب القرارات دائماً ..حيث نسمع ونقرأ الكثير من التصريحات والفرمانات ثم تضيع كما الدخان فى الهواء، وهذا قمة الخطأ لأن من يريد لهذا البلد التقدم والاستقرار عليه بالتؤادة والتروى فى دراسة الأشياء قبل إصدار الحكم وتقرير مصائر الناس
ساحة النقاش